قصص تدخل بنا مدينة "آلجي"

أمور تحدث في الجزائر العاصمة وقد لا ننتبه إليها، يلتقطها القاص ويحولها إلى لوحات قصصية كاشفة.
الثلاثاء 2019/10/22
لوحة: محمد خياطة

ميلانو (إيطاليا) - صدرت حديثا عن منشورات المتوسط – إيطاليا، مجموعة قصصية جديدة للكاتب الجزائري صلاح باديس، بعنوان “هذه أمور تحدث”، ولعلنا منذ القصة الأولى نكتشف أبطالا يعيشون تفاصيل مدينة، تعيش هي الأخرى تحولات تبدو غير مرئية حينا، وتكشف عن أسرارها حينا آخر. مدينة عرفت الزلازل والهزات الأرضية والتاريخية والنفسية، كما لو أنها بتلك التصدعات تحكي حكاياتها المغيبة أو المنسية أو تلك التي تجر سنوات بعيدة كماض يلقي بظلاله على حاضرها، لكن لنتساءل أولا، من يحكي حكاية هذه المدينة؟ ومن يغوص عبر قصصه في تفاصيلها؟

سبق وأن تشابك صلاح باديس مع مدينته بقصائد كتابه الشعري الأول “ضجر البواخر”، ومع شوارعها وطرقاتها ومآسيها الصغيرة كما الكبيرة، ليعود اليوم، قاصا، ويخبرنا بأمور تحدث في “آلجي” (الجزائر العاصمة Alger) كما يسميها الجزائريون، وقد لا ننتبه إليها؛ يلتقطها باديس ويحولها إلى لوحات تضم مقتنيات عتيقة كسيارة بيجو 505، وقد نمرّ في طريقنا إلى البحر، بالشركة الوطنية لانتظار القطارات، في محاولة لتسجيل صوت البحر.

علاقات هشة وحب خفي، ينام ويصحو خلف العيون والجدران والكلمات. أسماء وطرقات وشوارع وأماكن بعينها، هناك أيضا مشاكل اليومي في الوظائف المملة، والبحث عن إيجار بيت بشرفة، ودوران

مدوخ كدوران الثياب المتسخة في غسالة ضخمة. لكن صلاح باديس، كما أبطاله الذين يتبنون جلهم ضمير المتكلم، يخرج من تلك الدائرة بتمرير تيارات هواء تغير المتوقع، فيحيلنا على آراء ثورية وأفكار ومقولات

نقدية تجعل لكل قصة ذاكرتها ومآلها الخاص.

سنلتقي في كتاب “هذه أمور تحدث” بشاب عمره يقارب ربع قرن فقط، وهو عمر الكاتب الذي لم يخف شغفه، باختراعات حياتية لم يعشْها. بل كان شفافا وحزينا كغناء البحارة، كخطى المشاة في جنازة عمر الزاهي.

“هذه أمور تحدث” مجموعة قصصية جديدة للكاتب صلاح باديس، جاءت في 144 صفحة من القطع المتوسط، ضمن سلسلة “براءات” لسنة 2019، التي تصدرها الدار وتنتصر فيها للشعر، والقصة القصيرة، والنصوص، احتفاء بهذه الأجناس الأدبية.

15