قصة عراقية جريئة تتوج بجائزة أفضل فيلم روائي في مالمو

سنويا ومنذ سنة 2011 يقدم مهرجان مالمو للسينما العربية نظرة بانورامية على أهم الأفلام العربية الروائية وغير الروائية الطويلة والقصيرة، متابعا أهم الأعمال التي تؤكد التطور الهام الذي تشهده السينما في الكثير من الأقطار العربية، مثل السينما العراقية والسورية واللبنانية والسودانية والتونسية وغيرها مما تؤكده منصة التتويج في كل دورة.
مالمو (السويد)- فاز فيلم “جنائن معلقة” للمخرج العراقي أحمد ياسين الدراجي بجائزة أفضل فيلم روائي طويل في الدورة الثالثة عشرة لمهرجان مالمو للسينما العربية التي أسدل الستار عليها الأربعاء في السويد. كما حصل الفيلم على جائزة أفضل سيناريو ونال بطله حسين محمد جليل جائزة أفضل ممثل.
قصة جريئة
سبق لفيلم “جنائن معلقة” أن حصل على جائزة اليُسر الذهبية لأفضل فيلم طويل، وحصل أيضا على جائزة اليُسر لأفضل إنجاز سينمائي لمدير التصوير دريد منجم في مهرجان البحر الأحمر السينمائي في ديسمبر من عام 2022.
ويقدم الفيلم في مضمونه حالة مختلفة وجريئة إذ يغوص من خلال قصته المبتكرة في الواقع العراقي ما بعد الاحتلال، بعد كل الظروف الصعبة التي مر بها الشعب، متطرقا إلى التأثيرات الكبيرة التي انعكست على المجتمع الذي تأثر بكل المعطيات التي دارت على أرضه وتسببت في الكثير من الظواهر الاجتماعية والإنسانية التي يتجاوز بعضها إلى الخيال.
وقال الدراجي، في تصريح إعلامي سابق، إن مُشاهدته لفيلم “القناص الأميركي” عام 2015 كان دافعا قويا له لتنفيذ مشروع “جنائن معلقة”، متابعا “شعرت بإهانة واستفزازٍ شديدين، من طريقة تعامل الأميركي مع الحروب خاصة من ناحية الشهوات الجنسية، وكذلك تقديم الجندي الأميركي وكأنه محور الكون ويقتل العراقيين في شوارعهم، بالطبع لم أستطع تقبل الفكرة وكانت مزعجة لي جدا”.
وتابع “قرّرت أن أقدم قصة من واقع الشارع العراقي، وبصوت العراقيين فقط، فلن أتقبل فكرة أن يأتي مواطن أجنبي من خارج حدود البلاد ويروي قصصنا”.
وتدور أحداث فيلم “جنائن معلقة” حول الشقيقين “طه” و”أسعد” اللذين يعملان في جمع المعادن والبلاستيك من مكب نفايات في بغداد، يلفت انتباههما مكب نفايات الجيش الأميركي الذي يعثر فيه “أسعد” على دمية جنسية مهملة، ويقرر امتلاكها وإحضارها إلى المنزل، وحينما تختبر الدمية علاقة الأخوين، يواجههما قلق يهدد صلتهما الأخوية، ضمن تحدي الحب وصلة الدم، الذي تنتصر فيه روح الدعابة والبراءة.
فكرة الفيلم جريئة وقد أكد المخرج أنه استقاها من واقعة حقيقية حصلت مع صديقه في الجامعة، نهاية عام 2006، قائلا “كنت أنتظر صديقي عند الجامعة، وكانت هذه الفترة تشهد العديد من الصراعات والحروب الأهلية وغيرها، وفجأة وجدته ممسكا بحقيبة سوداء كبيرة، وبداخلها دمية جنسية، ليُخبرني بأنه عثر عليها داخل مكب نفايات الجيش الأميركي”، ليُقرر بعد كل هذه السنوات تقديم هذه الفكرة في مشروعٍ سينمائي، نال الترحيب والاستحسان في العديد من المحافل الدولية.
وحصل فيلم “هايفن” للمخرجة رين رزوق على جائزة أفضل فيلم غير روائي، ومنح المشاهدون من خلال التصويت المباشر “جائزة الجمهور” للفيلم السوداني “أجساد بطولية” للمخرجة السودانية سارة سليمان.
وذهبت جائزة لجنة التحكيم لفيلم “بطاطا” للمخرجة الكندية من أصول لبنانية وسورية نورا كيفوركيان كما نوهت اللجنة بالفيلم التونسي “تحت الشجرة” للمخرجة أريج السحيري. ونالت الجزائرية عديلة بن ديمراد جائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم “ملكات” فيما حصل الفلسطيني فراس خوري على جائزة أفضل إخراج عن فيلم “عَلم”.
وفي مسابقة الأفلام القصيرة، فاز بالجائزة فيلم “ماما” للمخرج المصري ناجي إسماعيل، وذهبت جائزة لجنة التحكيم للفيلم اللبناني “يرقة” للمخرجتين ميشيل ونويل كسرواني، كما نوهت اللجنة بفيلم “ألمظ” للمخرجة ميا بيطار من السودان.
أهم الأفلام العربية
يعد المهرجان الذي تأسس في 2011 أكبر نافذة للسينما العربية بالدول الأسكندنافية ويستضيف سنويا مجموعة من منتجي السينما ونجومها. وقال رئيس ومؤسس المهرجان محمد قبلاوي في كلمة الختام “عشنا وإياكم، وعلى مدار ستة أيام متواصلة، أياما سينمائية بامتياز، تضاف إلى مسيرة 13 عاما من عمر المهرجان”.
وأضاف “لن نسدل الستار، بل نختتم العيد السينمائي الثالث عشر لمهرجان مالمو للسينما العربية بالإعلان عن بدء أعمال الدورة الرابعة عشرة، والتي ستقام في الفترة من الثاني والعشرين إلى الثامن والعشرين من أبريل 2024”.
وكرّمت الدورة الحالية من المهرجان الممثل المصري حسين فهمي عن مجمل أعماله وقد ألقي أيضا درسا في السينما “ماستر كلاس” في مكتبة مدينة مالمو.
وقدم المهرجان هذا العام أعمالا مختارة بدقة، انقسمت إلى 18 فيلما طويلا و27 فيلما قصيرا. وقال قبلاوي “سعداء بتمكن المهرجان كالعادة من جمع أفضل إنتاجات السينما العربية خلال العام التالي للدورة السابقة”.
وشملت المسابقة الرسمية 12 فيلما من بينها الفيلم المصري “19 ب” للمخرج أحمد عبدالله السيد والفيلم السعودي “أغنية الغراب” للمخرج محمد السلمان والفيلم التونسي “تحت الشجرة” للمخرجة أريج السحيري والفيلم الفلسطيني “عَلم” للمخرج فراس خوري.
وتشكلت لجنة تحكيم هذه المسابقة من المنتج التونسي توفيق قيقة والممثلة المصرية هنا شيحة والناقدة المقدونية مارينا كوستوفا والممثلة اللبنانية ندى أبوفرحات إلى جانب الأردني مهند البكري مدير الهيئة الملكية الأردنية للأفلام.