قصائد الملحون توثق حياة المغاربة وتقاليدهم

مراكش (المغرب) – أكد المشاركون في ندوة نُظمت السبت بمراكش أن قصائد الملحون تعكس مظاهر عبقرية الصانع التقليدي بالنظر إلى كون الناظمين لها في مجملهم من الصناع التقليديين.
وأبرز المتدخلون خلال الندوة المنظمة في إطار فعاليات الدورة الثامنة لمهرجان الملحون والأغنية الوطنية الذي انعقد ما بين 17 و21 أكتوبر الجاري حول موضوع “الملحون.. ديوان المظاهر الحضارية للمغاربة – الصناعة التقليدية نموذجا”، أن القصائد الشعرية للملحون وثقت بشكل كبير مختلف مناحي حياة المواطن المغربي بما فيها الموائد المغربية والعادات والتقاليد المتبعة من قبل الأسر سواء في الوسط الحضري أو القروي.
وفي هذا السياق، تطرق رئيس الرابطة الوطنية لجمعية الملحون بالمغرب وعضو لجنة الملحون بأكاديمية المملكة نورالدين شماس إلى العلاقة الجدلية بين الصانع التقليدي وشاعر الملحون، والتي هي موغلة في القدم، ذلك أن جل رجالات الملحون هم صناع تقليديون، مبرزا أنه من خلال الصانع التقليدي تم توثيق مختلف الحرف التقليدية بأدق تفاصيلها.
وأضاف أنه من خلال قصيدة الملحون يمكن توثيق مجموعة من مهن الصناعة التقليدية وأيضا الآليات التي يشتغل بها الصانع، وكذلك نماذج للصناعة من قبيل القفطان المغربي في مجموعة من النصوص الشعرية، وإبراز المراحل التي يقطعها السرج وجميع الآليات التي تستخدم في زينة الحصان أو الفارس، مما يعكس التاريخ العريق للمملكة ورقي حضارتها.
من جهته، أبرز الأستاذ الباحث في التصوف في الأدب المغربي عبدالعزيز بايا أن الندوة تسلط الضوء على موضوع فريد من نوعه متمثل في الصانع التقليدي ودوره في المجتمع عبر التركيز على مجموعة من الأدوار التي يقوم بها، من بينها الدور الشعري والفني بنظمه لمجموعة من القصائد والأزجال خاصة في ميدان الملحون، مشيرا إلى أن شعراء الملحون لهم مساهمات قيمة في الاقتصاد وفي المجال الثقافي وتنوير المجتمع.
من جانبه، أبرز مدير المهرجان أنس الملحوني أن نسبة مهمة من الصناع التقليديين ينتمون إلى أهل فن الملحون، مما دفع بمجموعة من الباحثين إلى الغوص في سير شعراء الملحون والمنتسبين إلى الفن ومد جسور التواصل ما بين الملحون والصناعة التقليدية، مؤكدا أن قصائد الملحون تتضمن معجما مرتبطا بالصناعة التقليدية.
وذكر أن شاعر الملحون تناول العمارة المغربية في رسمه للعمران المغربي، وصورا للدار التقليدية والرياض والأقواس والنقش على الجبس والخشب وغيرها، لافتا إلى أن الملحون هو ديوان المغاربة وعنوان حضارة مغربية ضاربة في القدم، كما يعتبر وثيقة يمكن الرجوع إليها للتعرف على المائدة المغربية وعادات وتقاليد المغاربة.
وتمحورت أشغال الندوة التي تميزت بمشاركة ثلة من الأساتذة الباحثين والأكاديميين المتخصصين، حول عدد من المواضيع من بينها تجليات الصناعة التقليدية المغربية في الملحون، ومظاهر عبقرية الصانع التقليدي المغربي، وحرف شعراء الملحون وعلاقتها بمضامين شعرهم، فضلا عن تأملات في الكوميديا الملحونية.