قسد تغلق معابرها وتلوح بالتصعيد ردا على التقارب السوري-التركي

أنقرة تشترط عدم إشراك إيران في المحادثات التي تستضيفها بغداد خلال قادم الأيام كما تريد أن تكون جلسات الحوار بعيدة عن الإعلام.
الاثنين 2024/07/01
قسد تصف التقارب السوري-التركي بالمؤامرة على الوطن

دمشق – يضع التقارب بين دمشق وأنقرة واحتمالات بدء جولة محادثات جديدة، المعارضة السورية أمام مفترق طرق سياسي وخيارات صعبة، حيث أغلقت قوات سوريا الديمقراطية "قسد" التي يهيمن عليها الأكراد الأحد كل المعابر التي تربط مناطق سيطرتها بمناطق سيطرة الحكومة في دمشق، بحسب ما نقل موقع تلفزيون سوريا عن مصدر من "قسد".

ونقل الموقع عن مصادر من شركات نقل وتجار أن "الإدارة الذاتية التي أعلنها الأكراد في شمال شرق سوريا، أبلغتهم مساء السبت، بإغلاق المعابر مع مناطق سيطرة دمشق أمام حركة المسافرين بشكل كامل، وتعليق الحركة التجارية ونقل البضائع حتى إشعار آخر"، من دون تحديد الأسباب.

وأشار مصدر من شركة نقل سياحية إلى "إلغاء كلّ الحجوزات للمسافرين، وذلك بسبب تلقيهم تعليمات بوقف الرحلات البرية من وإلى مناطق سيطرة النظام".

وأصدرت "الإدارة الذاتية" تعليمات جديدة نصت على استثناء الطلاب والمرضى من القرار بشرط إرفاق الثبوتيات (بطاقة جامعيّة - تقرير طبي) للسماح لهم بالسفر بين مناطق سيطرة "قسد" والنظام، وفق ما أكّد المصدر.

لكن وبحسب شبكات إخبارية، فإن "قسد" أغلقت المعابر الثلاث: الصالحية، الطبقة، والتايهة، التي تربطها بباقي المناطق السورية في أرياف الحسكة والرقة وحلب، وسمحت فقط لطلاب الجامعات والمدارس بالعبور، مشيرة إلى أن هذه الخطوة تأتي ضمن إجراءات أمنية استعدادا لـ"انتخابات البلديات"، في 18 يوليو.

والأحد، شهد كراج "تل حجر" في مدينة الحسكة ازدحاماً شديداً للمسافرين من طلاب ومرضى، على خلفية إغلاق "قسد" منافذ العبور مع النظام.

وذكر مصدر من "الإدارة الذاتية" لموقع تلفزيون سوريا أن "قسد منزعجة ومتخوفة من التقارب بين أنقرة ودمشق، وستتخذ خطوات تصعيدية عديدة ضد دمشق في حال استمرار هذا التقارب".

وأشار إلى أنه "سيكون هناك خطوات للتضييق على إجراء انتخابات مجلس الشعب السوري، المزمع إجراؤها في 15 يوليو".

وبحسب المصدر فإنّ سبب إغلاق المعابر غير مرتبط بـ"انتخابات البلديات" التي ستجريها "الإدارة الذاتية"، في 18 يوليو المقبل، إنما بسبب التقارب بين تركيا والنظام السوري، والتمهيد لافتتاح معبر "أبوالزندين" في منطقة الباب شرقي حلب، والذي يربط بين مناطق سيطرة النظام ومناطق سيطرة الجيش الوطني السوري، الذي تدعمه تركيا.

وتشعر "قسد" بقلق كبير من نتائج هذا التقارب على مستقبلها ونفوذها في مناطق شمال شرقي سوريا، في ظل التهديد التركي المستمر بشن عمليات عسكرية تستهدف "قسد" و"حزب العمال الكردستاني" في سوريا والعراق.

وكانت "قسد" قد وصفت، السبت، مؤشرات التقارب بأنها "مؤامرة كبيرة على الشعب السوري بكل أطيافه"، مضيفة في بيان أن "أي اتفاق مع الدولة التركية هو ضد مصلحة السوريين عامةً، وتكريس للتقسيم وتآمر على وحدة سوريا وشعبها، ولن يحقق أي نتائج إيجابية، بل سيؤدي إلى تأزيم الواقع السوري ونشر مزيد من الفوضى".

وأضافت "لا يخفى على أحد دور الدولة التركية السلبي منذ بداية الثورة في سوريا، على حساب مظلومية الشعب وأحقية قضيته، وبقناع مزيف وخداع ادعت تحولها إلى داعم أساسي للسوريين، واحتلت أجزاءً من سوريا".

وكشفت صحيفة "الوطن" السورية، الأحد، أن العاصمة العراقية بغداد ستستضيف اجتماعا تركيا - سوريا من أجل إعادة التفاوض واستئناف تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق.

ونقلت الصحيفة السورية عن مصادر وصفتها بالمتابعة أن "التصريحات السورية التركية المتتابعة والتي جاءت في سياق معطيات سياسية متغيرة على الصعد الميدانية والسياسية وحتى على صعيد المنطقة، كشفت عن خطوات مرتقبة وجدية لعودة جلوس الطرفين السوري والتركي على طاولة الحوار".

وأكدت المصادر ذاتها أن "اجتماعا سوريا تركيا مرتقبا ستشهده العاصمة العراقية بغداد، وهذه الخطوة ستكون بداية عملية تفاوض طويلة قد تفضي إلى تفاهمات سياسية وميدانية".

ولفتت إلى أن "الجانب التركي كان طلب من موسكو وبغداد الجلوس على طاولة حوار ثنائية مع الجانب السوري ومن دون حضور أي طرف ثالث (في إشارة على ما يبدو إلى إيران) وبعيدا عن الإعلام للبحث في كل التفاصيل التي من المفترض أن تعيد العلاقات بين البلدين إلى سابق عهدها".

وبحسب "الوطن"، أكدت المصادر أن "خطوة إعادة التفاوض والحوار للتقريب بين أنقرة ودمشق، تلقى دعما عربيا واسعا، كما تلقى دعما روسيّا وصينيا وإيرانيا".

وأتى ذلك، بعدما أعلن الرئيس التركي عقب صلاة الجمعة، عن استعداده للقاء الرئيس بشار الأسد، مستذكرا العلاقات العائلية التي جمعت بين الجانبين.

وكذلك أكد أن بلاده لا يمكن أن يكون لديها أبدا أي نية أو هدف مثل التدخل في الشؤون الداخلية لسوريا، مشددا على الاستعداد لتطوير العلاقات مع سوريا تماماً كما فعل في الماضي.

وبالمقابل، أكد الرئيس السوري بشار الأسد بعد استقباله مبعوث الرئيس الروسي ألكسندر لافرنتييف الأربعاء الماضي، انفتاح سوريا على جميع المبادرات المرتبطة بالعلاقة مع تركيا والمستندة إلى سيادة الدولة السورية.

وأوضح الأسد أن الغاية هي النجاح في عودة العلاقات بين سوريا وتركيا، لافتا إلى ضرورة محاربة كل أشكال الإرهاب وتنظيماته.

وكانت تركيا قد قطعت علاقاتها مع سوريا بعد الحرب الأهلية السورية في 2011 ودعمت المعارضين الذين يريدون الإطاحة بالأسد. ونفذت أنقرة عدة عمليات عسكرية عبر الحدود ضد مسلحين تقول إنهم يهددون أمنها القومي وأنشأت "منطقة آمنة" في شمال سوريا تتمركز فيها قوات تركية في الوقت الحالي.

وشهدت الأيام الماضية سباقا متسارعا في التصريحات التركية تجاه التقارب مع سوريا سواء من قبل الحكومة أم المعارضة، حيث قال رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي في تركيا أوزغور أوزال "إنه يقوم بمحاولات لترتيب لقاء مع الرئيس الأسد"

وأضاف "نقوم من جانبنا بما يسمى بالدبلوماسية غير الرسمية مع سوريا، أفكر في الذهاب والاجتماع مع الرئيس الأسد في الأيام القليلة المقبلة إذا تمكنا من ترتيب ذلك. الحديث لا يدور عن لقاء بعد فترة طويلة، بل عن إمكانية عقد مثل هذا الاجتماع خلال هذا الصيف".

وفي غضون ذلك، ساد الارتباك صفوف المعارضة في الشمال السوري حيث تخشى من مخطط يرمي إلى إنهاء نفوذها تدريجيا، انطلاقا من نزع يدها عن المعابر الحدودية وتلك الرابطة بين مناطق سيطرتها ومناطق سيطرة الحكومة السورية.

وتشكل المعابر الحدودية مع تركيا وأيضا الموجودة في الداخل السوري شريانا اقتصاديا حيويا بالنسبة للفصائل، تجلب لها عائدات مالية ضخمة، وسبق وأن كانت تلك المعابر مصدر توتر واشتباكات بين الفصائل المختلفة.

وذكرت صحيفة "الوطن" أنه جرى افتتاح تجريبي لمعبر "أبوالزندين" في مدينة الباب شمال شرق حلب وذلك في ظل تواتر أنباء عن احتمال وضع طريق حلب- اللاذقية والمعروف بطريق "أم 4" في الخدمة.

 كما جرى فتح طريق غازي عنتاب أمام حركة الترانزيت من مدينة إعزاز عند الحدود التركية شمال حلب إلى معبر نصيب عند الحدود الأردنية، ومنها إلى دول الخليج العربي، وهو الشريان الاقتصادي لتركيا الذي تريد من خلاله إنقاذ اقتصادها المتهالك والوصول براً إلى دول الخليج.

وتدعم تركيا المعارضة في شمال سوريا سواء سياسيا أو بالعتاد العسكري كما تنتشر قوات تركية في محافظة إدلب ومناطق من ريف حلب الشمالي والشرقي.