قرية الغجر في قلب التوترات الإسرائيلية – اللبنانية

وزير الدفاع الإسرائيلي يتوعد الأمين العام لحزب الله اللبناني بإعادة كلّ من البلدين إلى "العصر الحجري".
الخميس 2023/08/24
هدوء حذر

بيروت - تجد قرية الغجر الحدودية الواقعة بين لبنان ومرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل نفسها في قلب التوترات القائمة بين البلدين العدوين.

وأتى التوتر الأخير عندما توعد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت والأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصرالله بإعادة كلّ من البلدين إلى “العصر الحجري” في حال شهدت الحدود تصعيدا.

وفي القرية الهادئة التي تنتشر فيها الزهور الجميلة، تفصل بين الطرفين حدود غير مرئية.

ويقول توفيق حسين خطيب البالغ 79 عاما وهو يقف قرب مسجد القرية إن الخط الأزرق “في الهواء” في إشارة إلى خط ترسيم الحدود الذي وضعته الأمم المتحدة بين لبنان وإسرائيل في العام 2000.

ويضيف الرجل السبعيني “القرية مفتوحة ولا يوجد حدود ولا أيّ شيء”. لكن قبل تصريحات الخطيب بأسابيع أقامت إسرائيل سياجا من الأسلاك الشائكة على الجانب اللبناني من الخط الأزرق ما أثار توترا.

وجاءت الخطوة الإسرائيلية بعد تبادل لإطلاق النار عبر الحدود في أبريل هو الأخطر منذ الحرب الأخيرة بين القوات الإسرائيلية وحزب الله في العام 2006. وأتى ذلك بالتزامن مع سلسلة من الحوادث التي أثارت مخاوف من احتمال انزلاق الجانبين نحو التصعيد.

الحوادث أثارت مخاوف من الانزلاق نحو التصعيد، وقد تترتب عن أي سوء تقدير من أحد الجانبين عواقب وخيمة

وقد تترتّب عن أيّ سوء تقدير من أحد الجانبين عواقب وخيمة. فقد قتل خلال حرب العام 2006 التي استمرت شهرا بين حزب الله والدولة العبرية 1200 لبناني معظمهم من المدنيين وقضى في الجانب الإسرائيلي 160 شخصا معظمهم من الجنود.

وأثار بناء السياج غضب بيروت التي اعتبرته “ضما” للجزء الشمالي للقرية. وفي السادس من يوليو، أطلق صاروخ مضاد للدروع من الأراضي اللبنانية في اتجاه السياج الجديد، فردت إسرائيل بقصف مدفعي.

ورغم الجوّ المشحون، تشدد نهلة سعيد وهي من سكان الغجر على أن الوضع الآن “آمن هنا، إسرائيل آمنة”.

وتؤكد سعيد البالغة 63 عاما وهي تجلس في الظل أمام أحد المنازل “لا أعلم ما سيحصل في المستقبل لكن أعلم أنني أعيش جيدا وبسعادة”.

وتفيد بلدية القرية أن عدد سكان البلدة نحو 3 آلاف شخص حصلوا على الجنسية الإسرائيلية بعد سنوات من احتلال الدولة العبرية لمرتفعات الجولان السورية في حرب العام 1967.

ويرى المتحدث باسم القرية بلال الخطيب أن لأهلها “الحق في أن نبني جدارا حول البيت الخاص بنا”، مضيفا “لم نتعد على أحد ولم نأخذ أراضي أحد، نحن أصحاب حق”.

وتحت أشعة الشمس الحارقة، تقوم قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة بدوريات في الجانب الشمالي من السياج الجديد الذي يبلغ ارتفاعه عدة أمتارا ويطل على منازل لبنانية في بلدة الوزاني.

وعلى جانبي الخط الأزرق، يشير مسؤولون محليون إلى صكوك ملكية وخرائط لإثبات ملكيتهم للأرض المتنازع عليها.

ويؤكد رئيس بلدية الوزاني أحمد المحمد إنه “تأقلم مع أجواء الاستنفار”. ويضيف “في السنوات الأخيرة، كان هناك قصف إسرائيلي تسبب بخسائر بشرية ومادية ونفوق الماشية”.

ويتابع “لكن الناس لا يغادرون القرية لأنهم مضطرون إلى الارتباط بمصدر رزقهم” القائم على الزراعة وتربية المواشي.

وتعتبر السلطات اللبنانية التوسع العمراني لقرية الغجر شمالا في العقود الأخيرة، باتجاه خراج بلدة الماري المجاورة، تعديا على أراضيها.

وعلى مشارف الوزاني، يمتطي الراعي عماد المحمد حصانا بينما يصطحب القطيع الذي يملكه إلى المرعى.

التصعيد الإسرائيلي جاءت بعد تبادل لإطلاق النار عبر الحدود في أبريل هو الأخطر منذ الحرب الأخيرة بين القوات الإسرائيلية وحزب الله

ويشير إلى المنازل الواقعة خلف السياج الإسرائيلي قائلا “حين تُستعاد الأراضي اللبنانية المحاذية للغجر، ستزداد مساحة المراعي وسأسوّق الأغنام إليها” في إشارة إلى الجزء الشمالي من الغجر.

وتجرى اجتماعات وساطة بين الجانبين بشأن السياج الجديد برعاية الأمم المتحدة.

وقال المتحدث باسم قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل) أندريا تينينتي “على الرغم من كل التوتر في المنطقة، لا يزال هناك التزام من الأطراف، أو ربما لا رغبة في التصعيد”.

وأشار إلى أن “إسرائيل ملزمة بالانسحاب من الجزء الشمالي من قرية الغجر” بموجب الاتفاقات الدولية التي يدعمها البلدان.

وأكد أن اللبنانيين ملزمون أيضا بإزالة خيمة كانوا نصبوها شمال شرق القرية عند الخط الأزرق في وقت سابق من العام الحالي.

ورأى مسؤول أمني إسرائيلي فضل عدم الكشف عن هويته أن “جيش (حزب الله) الإرهابي المارق” كان وراء نصب الخيمة وأن الأمم المتحدة تتوسط لحل الإشكال.

وأضاف المسؤول “لا أحد يريد التصعيد، لذا فهو (نصرالله) يحاول أن يبقي الأمور تحت السيطرة. ونحن أيضا”.

وفي هذا الإطار، أشار المسؤول إلى استخدام القوات الإسرائيلية أسلحة غير فتاكة لإبعاد عناصر من حزب الله اقتربوا من الحدود على بعد 40 كيلومترا جنوب غرب القرية ما أدى إلى إصابة ثلاثة منهم.

2