قرداحي يرد على ميقاتي: لن أستقيل

بيروت - أكد وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي أنه لن يستقيل وأن موقفه لم يتغير، وذلك في رد على دعوة رئيس الوزراء نجيب ميقاتي في وقت سابق الخميس مرة أخرى إلى "تغليب المصلحة الوطنية"، لكنه لم يصل إلى حد مطالبته بالاستقالة على خلفية تصريحات فجرت خلافا دبلوماسيا مع دول الخليج.
ونقلت قناة الميادين القريبة من حزب الله اللبناني عن مصادر مقرّبة من قرداحي الخميس، قوله إنه بانتظار اتصال من رئيس الحكومة ودعوة للقائه، ليطلع منه على المواقف التي سمعها من المسؤولين العرب والأجانب، ولمعرفة ما إذا كانت الاستقالة تقابل بضمانات بـأن مثل هذه الخطوة ستلاقى بإيجابية خليجية.
واعتبرت المصادر أن "أي استقالة لا تبدل الموقف الخليجي من لبنان تبقى من دون جدوى".
وهذه ثالث دعوة يوجهها ميقاتي إلى قرداحي، لكن يبدو أن القرار ليس بيد الأخير أو بيد رئيس الوزراء الذي يقف عاجزا عن إقالته.
ويرى مراقبون أن مصير ميقاتي في الحكومة معلق بيد حزب الله المدعوم من إيران والذي أكد أنه لن يتخلى عن قرداحي، مشددا على أنه متمسك بالحكومة بكامل أعضائها.
وكان حزب الله قد تبنى بالكامل موقف قرداحي وهاجم السعودية، متهما إياها بأنها تتبنى فرض سياستها على لبنان.
وذهب داعمو قرداحي الحزبيون، وخصوصا رئيس تيار المردة سليمان فرنجية المتحالف مع حزب الله، إلى حد التلويح بسحب الوزراء من الحكومة إذا فُرضت على وزير الإعلام الاستقالة أو أقيل.
وفي وقت سابق الخميس، أكد ميقاتي في كلمة متلفزة أن "المواقف الشخصية لوزير الإعلام قرداحي أدخلت لبنان في 'محظور المقاطعة' من قبل دول الخليج"، مشيرا إلى أنه "مخطئ من يعتقد أنه يستطيع أن يخرج لبنان من حضنه العربي وخصوصا السعودية".
ودعا ميقاتي مرة أخرى "وزير الإعلام إلى تحكيم ضميره واتخاذ الموقف الذي ينبغي اتخاذه وتغليب المصلحة الوطنية"، وقال "رهاني على حسه الوطني بتقدير الظرف ومصلحة اللبنانيين مقيمين ومنتشرين، وعدم التسبب بضرب الحكومة وتشتيتها".
وتحدث رئيس الوزراء عن خارطة طريق للخروج من الأزمة، قائلا إن الحكومة عازمة على معالجة ملف العلاقة مع السعودية ودول الخليج وفق القواعد السليمة، وإنها لن تترك الأمر "عرضة للتساجل السياسي"، وأضاف "مخطئ من يعتقد أن التعطيل ورفع السقوف السياسية هو الحل".
وكان قرداحي أكد قبل أيام ثباته على موقفه، مستبعدا استقالته من الحكومة عقب تصريحاته المتعلّقة بالحرب على اليمن والتي اعتبرتها السعودية مسيئة بحقها، حيث وصف خلالها الحرب في اليمن بالعبثية، داعيا إلى وقفها بأسرع وقت، معبرا عن تعاطفه مع الميليشيات الحوثية ومعتبرا أنها "تدافع عن نفسها في وجه اعتداء خارجي مستمر منذ سنوات".
وتشهد العلاقات اللبنانية مع دول الخليج أزمة دبلوماسية، بلغت ذروتها خلال الأيام الماضية، بعدما قررت السعودية ومعها الإمارات والبحرين والكويت واليمن، سحب سفرائها والطواقم الدبلوماسية من لبنان، فيما عبرت كل من قطر وعمان عن إدانتهما لتلك التصريحات.
وكذلك أقدمت السعودية على وقف استيرادها للمنتجات اللبنانية والبدء بسحب مصالحها من لبنان، كما توقفت حركة البريد بين البلدين، الأمر الذي وصف بالمقاطعة التامة للبنان.
كما نشرت صحيفة عكاظ السعودية تسجيلات مسربة لوزير الخارجية اللبناني عبدالله بوحبيب، خلال تصريح صحافي له بشأن الأزمة الدبلوماسية المستجدة بين لبنان ودول الخليج، وصفتها بـ"الحاقدة" على دول الخليج والسعودية، و"المنسجمة مع الدعايات المغرضة التي يروجها زعيم ميليشيا حزب الله وأعوانه في طهران، ساعيا لشيطنة دول الخليج والتقليل منها".
ووفقا للصحيفة، فقد عاد الوزير وتراجع عن هذه التصريحات التي كان قد أدلى بها خلال لقاء مع صحافيين، بعد نصيحة من مستشاريه، "محاولا حجب هذه التصريحات وإخفاءها من أجل منع وصولها إلى الإعلام، مستجديا الصحافيين عدم نشرها"، لما فيها من مواقف وكلام أطلقه من شأنه أن "يثير المزيد من الغضب في الشارع اللبناني المحتقن على حكومته وسياستها وتخبط وزرائها" على حد تعبير الصحيفة.
وتشهد العلاقة بين لبنان والسعودية فتورا منذ سنوات على خلفية تزايد دور حزب الله الذي تعتبره الرياض منظمة إرهابية تنفذ سياسة إيران، خصمها الإقليمي الأبرز، وتؤاخذ المسؤولين اللبنانيين على عدم تصديهم للحزب. وكانت السعودية قبل تراجع دورها من أبرز داعمي لبنان سياسيا وماليا.
وفي محاولة لتجاوز الأزمة، سارعت وزارة الخارجية اللبنانية الخميس إلى الإعراب "عن إدانتها واستنكارها الشديدين للمحاولة الفاشلة للاعتداء بواسطة طائرتين مفخختين على المملكة العربية السعودية".
وأكدت "تضامنها مع المملكة في وجه أيّ اعتداء يطول سيادتها وأمنها واستقرارها ومنشآتها المدنية ومدنييها بما يخالف القوانين والمواثيق الدولية"، كما شدّدت على "تضامن لبنان الكامل ووقوفه إلى جانب المملكة، شعبا وحكومة".