قرار في توقيت غير ملائم: محكمة أربيل تنتصر للاهور الشيخ جنكي في مواجهته مع بافل طالباني

قرار المحكمة ينسف جهود التهدئة بين الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي.
الجمعة 2023/02/03
قرار لا يخدم الجهود الأميركية في تذليل الخلافات بين الغريمين الكرديين

أعاد قرار صادر عن محكمة أربيل الاعتبار للاهور الشيخ جنكي الرئيس المشترك المعزول للاتحاد الوطني، لكنه خلّف تداعيات سلبية ليس فقط على الوضع داخل الاتحاد الوطني، بل وأيضا على العلاقة بينه والحزب الديمقراطي.

أربيل - تبدي أوساط سياسية كردية مخاوفها من عودة العلاقة بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني إلى المربع الأول، بعد تقدم طفيف جرى خلال اجتماع عقد على مستوى المكتب السياسي بين الجانبين مؤخرا في مدينة السليمانية.

وترى الأوساط أن القرار القضائي الصادر عن محكمة أربيل، والذي انتصر فيه للاهور الشيخ جنكي “المعزول” من الرئاسة المشتركة للاتحاد الوطني، من شأنه أن يبعثر جهود التسوية التي ترعاها الولايات المتحدة، خصوصا وأن قيادة الاتحاد ترى أن هذا القرار "مسيس" ويقف خلفه الحزب الديمقراطي.

وتشير الأوساط إلى أن القرار من شأنه أن يعمق فجوة الثقة بين الحزبين الرئيسيين في كردستان، غير مستبعدة حصول قطيعة نهائية بين الجانبين. وأصدرت محكمة أربيل الأربعاء حكما لصالح الشيخ جنكي واصفة إياه بالرئيس المشترك للاتحاد الوطني، وأن بإمكانه ممارسة مهام منصبه في العملية السياسية.

وتقدم الشيخ جنكي بشكوى إلى كل من محكمة أربيل والمحكمة الاتحادية العليا في بغداد، ضد قرار استبعاده من الرئاسة المشتركة، وإلغاء هذا المنصب لاحقا. وقالت رابحة حمد، مسؤولة تنظيمات الاتحاد الوطني في بغداد، في تصريحات صحافية إن الاتحاد الوطني الكردستاني يرفض حكم محكمة أربيل.

رابحة حمد: الحكم سياسي بامتياز وصدر تحت ضغوط سياسية
رابحة حمد: الحكم سياسي بامتياز وصدر تحت ضغوط سياسية

وشددت حمد على أن الحكم "سياسي بامتياز وأنه صدر تحت ضغوط سياسية ولن يتم التعاطي معه داخل الاتحاد الوطني"، متهمة جهة سياسية بالوقوف وراء إصدار الحكم بهدف تأجيج الأوضاع  وإثارة المشاكل داخل الاتحاد الوطني، فيما بدا إشارة إلى الحزب الديمقراطي.

وأكدت القيادية في الاتحاد الوطني أن "لدى جهة سياسية مخاوف كبيرة من مكانة وثقل الاتحاد، لذلك تعمل على خلق خلافات ومشكلات في صفوفه بهدف إضعافه وتحجيم دوره في العملية السياسية".

 وذكرت مصادر مطلعة أن الاجتماع المقرر السبت المقبل بين الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي تم إلغاؤه عقب إصدار الحكم من قبل محكمة أربيل. وتزامن قرار محكمة أربيل مع كتاب رسمي موجه من دائرة الأحزاب والتنظيمات السياسية في مفوضية الانتخابات في بغداد إلى حكومة الإقليم، يقضي بقانونية وشرعية قرارات الاتحاد الوطني الكردستاني، مما يعني أن بافل جلال طالباني هو الرئيس للاتحاد الوطني.

ووفقا للكتاب لم يعد هناك وجود لنظام الرئاسة المشتركة في الاتحاد الوطني، نظرا لأصولية تعديل المنهاج الداخلي للحزب، وتبليغ دائرة الأحزاب والمنظمات السياسية في المفوضية العليا للانتخابات بذلك رسميا.

وأشارت الدائرة إلى أن الحديث عن الرئاسة المشتركة يعود للعام 2021، حين لم يكن المنهاج الداخلي بعد معدلا، بيد أن تعديل منهاج الاتحاد الوطني صدق وفق الكتاب المرقم 2226 في الـ2022/12/13، وعليه يكون نظام الرئاسة المشتركة قد ولَّى.

ويرى مراقبون أن قرار محكمة أربيل ونقيضه الصادر عن دائرة الأحزاب والتنظيمات السياسية في بغداد، من شأنه أن يعمق الأزمة داخل الاتحاد الوطني.

وكان المجلس القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني ألغى في الثامن من أغسطس الماضي نظام الرئاسة المشتركة للحزب، وانتخب بافل طالباني رئيسا للاتحاد، وذلك بعد نجاحه في إبعاد ابن عمه لاهور الشيخ جنكي من الرئاسة المشتركة للحزب واتهامه بمحاولة تصفيته.

وشكل المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني لجنة تحقيق حول قضية شهادات ودعوى قضائية، سجّلها أعضاء بارزون في الحزب أمام مفوضية الأحزاب والكيانات السياسية في بغداد لصالح الشيخ جنكي الذي يحاول استرداد منصبه.

وبحسب المعلومات المتداولة، فإن كلا من جتو صالح، وبروين كاكه حمه، وسردار هركي الأعضاء في المجلس القيادي بالحزب أدلوا بشهاداتهم أمام المحاكم في بغداد لصالح الشيخ جنكي، إذ اعتبروا التغييرات التي تلت ما يُعرف بأحداث الثامن من يوليو 2021 في الاتحاد الوطني مخالفة للقوانين المعمول بها وللنظام الداخلي للحزب، لتثير تلك الشهادات غضب طالباني.

ولاهور الشيخ جنكي يتمتع بقاعدة جماهيرية واسعة، وقد حصل على غالبية الأصوات في المؤتمر التنظيمي الرابع للاتحاد الوطني، والذي كان قد جرى بداية عام 2020، لكن تم استبعاده من قبل ابن عمه بافل طالباني بتهمة محاولة تسميمه، في حين أن الشيخ جنكي فنّد تلك التهمة ومن ثم لجأ إلى القضاء لحسم القضية بهدف استرداد منصبه في الاتحاد الوطني.

ويرى مراقبون أن قرار محكمة أربيل لن تكون له تداعيات فقط على الوضع الداخلي للاتحاد الوطني، بل وأيضا على العلاقة بينه والحزب الديمقراطي، مشيرين إلى أن الاتحاد لطالما اتهم الحزب الديمقراطي الذي يقوده مسعود بارزاني بالتورط في تأجيج الانقسامات داخله.

◙ قرار محكمة أربيل ونقيضه الصادر عن دائرة الأحزاب والتنظيمات السياسية في بغداد من شأنه أن يعمق الأزمة داخل الاتحاد الوطني

ورفض القيادي في الحزب الديمقراطي بلند إسماعيل اتهامات الاتحاد الوطني بتسييس القضاء قائلا "إن حكم محكمة أربيل حكم قضائي ولا علاقة له بالحزب الديمقراطي الكردستاني"، موضحا أن الحزب الديمقراطي يأمل في ألا تؤثر الأوضاع الداخلية للاتحاد الوطني على العملية السياسية في إقليم كردستان، بحسب تعبيره.

وتضع التطورات المستجدة الجهود الأميركية لترميم العلاقة بين الحزبين الغريمين موضع تساؤل، ويقول متابعون إن توقيت الإعلان عن القرار القضائي لا يبدو بريئا، خصوصا وأنه يتزامن مع انطلاق جولات التفاوض بين الطرفين.

وكانت الولايات المتحدة حذرت القوى السياسية في الإقليم من تعليق وإيقاف جميع تعاونها ومساعداتها المالية والعسكرية، في حال لم يتم لم الشمل وحل الخلافات القائمة بينها من أجل توحيد قوات البيشمركة الكردية، على أن تكون الأخيرة قوة وطنية بعيدة عن التدخلات الحزبية.

وتبدي واشنطن انشغالا كبيرا بالوضع السائد في الإقليم، وسبق وأن حذرت مرارا الفرقاء الأكراد من مغبة استمرار هذا الوضع الذي ينذر بالعودة إلى نظام الإدارتين، خصوصا بعد تلويح الاتحاد الوطني صراحة بالانفصال. وكان المبعوث الأميركي بريت ماكغورك زار إقليم كردستان خلال الشهر الماضي مرتين، حيث أجرى لقاءات بشكل منفصل مع قيادات الاتحاد الوطني، والديمقراطي الكردستاني.

ويشير المراقبون إلى أن واشنطن حريصة على وضع حد للأزمة السياسية في الإقليم، وهي لن تقبل باستمرار حالة التدهور الراهنة لأن ذلك يشكل تهديدا غير مباشر لمصالحها، إذ تعتبر واشنطن إقليم كردستان حجر أساس في إستراتيجيتها في منطقة الشرق الأوسط، وبالتالي لن تغامر بخسارة الإقليم، أو تركه في مهب الخلافات حول مصالح ضيقة بين فرقائه السياسيين.

3