قرار إعادة الانتخابات.. نكسة سياسية جديدة لتركيا

أنقرة - تواترت ردود الأفعال المحلية والدولية على قرار هيئة الانتخابات التركية بإعادة الانتخابات البلدية بمدينة اسطنبول، ووصفت العملية بالمخيبة للآمال وغير الديمقراطية، وسط اتهامات بخضوع الهيئة لسلطة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي لم يستوعب الهزيمة المدوية التي مني بها حزبه في أكبر مدينتين في تركيا.
ويجري مرشح المعارضة التركية أكرم إمام أوغلو، الذي أبطلت لجنة الانتخابات فوزه برئاسة بلدية اسطنبول بعد أن أمرت بإعادة إجراء الانتخابات، محادثات مع زعيم حزبه لمناقشة الإستراتيجية المقبلة.
وقال مراقبون إن قرار إعادة التصويت ببلدية اسطنبول يشكل نكسة جديدة للديمقراطية في البلاد، ومن شأنه أن يعزز سلطة الحزب الواحد الذي لا يعترف بمبدأ التعددية ولا بنتائج صناديق الاقتراع.
وكان وصف أوغلو قرار إعادة الانتخابات بأنه "خيانة"، كما أدان قرار لجنة الانتخابات، قائلا إنها خاضعة لتأثير الحزب الحاكم.
والتقى أوغلو مع زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كيليتشدار أوغلو ومن المقرر أن يلتقي في وقت لاحق بزعيم حزب "الجيد" ميرال اكشينار، لمناقشة سبل التصدي لمحاولات أردوغان الالتفاف على النتائج بشتى السبل.
ورغم القرار الذي شكل خيبة أمل كبيرة للمعارضة، وعد أوغلو في خطابه بعدم الاستسلام وخرج بأكثر قوة. وقال أمام الآلاف من أنصاره في منطقة بيليكدوزو بضواحي اسطنبول حيث كان رئيس بلدية "ربما تشعرون بالاستياء لكن لا تفقدوا الأمل".

واعتبرت خسارة اسطنبول، عصب الاقتصاد في الدولة وأكبر مدنها، صفعة لحزب العدالة والتنمية الذي حكم وأسلافه المدينة طيلة 25 عاما.
وشكل فوز أوغلو بهامش ضئيل نكسة غير مسبوقة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي نشأ في هذه المدينة وأصبح رئيس حكومة ثم رئيسا بعد أن تولى رئاسة بلدية اسطنبول.
وتعكس خسارة الحزب الحاكم رئاسة بلدية اسطنبول وهزيمة مدوية أخرى في أنقرة، قلقا واسعا بشأن الضائقة الاقتصادية.
وكان وقع قرار هيئة الانتخابات كبيرا على الليرة التركية التي تراجعت في ظل تصاعد مخاوف المستثمرين من حالة عدم الاستقرار السياسي في البلاد.
وقال إيليا جوفشتاين، الخبير الاستراتيجي في "ستاندرد تشارترد"، في نيويورك "لقد تم تذكير المستثمرين مرة أخرى بالحالة الهشة والمتآكلة للمؤسسات الديمقراطية" في تركيا.
وتراجعت الليرة بأكثر من 3% بعد إعلان القرار، ما قاد إلى تراجع العملة التركية إلى أدنى مستوى لها في سبعة أشهر، وتتعرض العملة التركية بالفعل لضغوط، حيث تجاوز سعر صرف الدولار ست ليرات في وقت سابق في ظل عمليات بيع في أصول الدول الناشئة في ظل تبعات الحرب التجارية العالمية.
ويبدو أن قرار الهيئة العليا للانتخابات في تركيا بإعادة الانتخابات في اسطنبول ساهم في مزيد توتر العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وأنقرة، حيث جدد المستشار النمساوي زيباستيان كورتس مطالبته بإنهاء مفاوضات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، وذلك على خلفية إلغاء نتائج الانتخابات البلدية في إسطنبول.
وقال كورتس الثلاثاء: "ليس لدى من لا يقبل الانتخابات الديمقراطية شيء يبحث عنه في الاتحاد الأوروبي".

ورأى كورتس أن تركيا تباعدت منذ سنوات بخطوات متزايدة عن الاتحاد الأوروبي، خاصة منذ محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016"، وأضاف: "لا تزال هناك قيود منهجية شديدة على حرية الرأي والتعبير في تركيا".
واشتهر المستشار النمساوي منذ وقت طويل ضمن السياسيين الأوروبيين المؤيدين لإنهاء المفاوضات التي يجريها الاتحاد الأوروبي مع تركيا بشأن الانضمام رسميا.
وانتقد بدوره وزير الخارجية الألماني هايكو ماس قرار إعادة إجراء انتخابات بلدية اسطنبول بوصفه "غير شفاف وغير مفهوم بالنسبة لنا".
وقال ماس في تصريحات "إرادة الناخبين الأتراك هي فقط من يقرر من يتولى رئاسة بلدية اسطنبول". وأضاف بأن "الحفاظ على المبادئ الديمقراطية مع ظروف انتخابية شفافة هما أهم أولوياتنا".
كما أن كبير مرشحي المحافظين الأوروبيين، الألماني مانفريد فيبر، يستخدم هذا المطلب ضمن معركته في الانتخابات الأوروبية.وكان المفوض النمساوي لدى الاتحاد الأوروبي، يوهانيس هان، قد طالب بالشيء ذاته في وقت سابق.
وقالت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، في يناير الماضي، إنها تتوقع ألا تصبح تركيا عضوا في الاتحاد الأوروبي، على المدى القريب، ولكنها رأت أنه لا يمكن إيقاف مفاوضات الانضمام ببساطة.