قرارات حكومية مفاجئة تضاعف الضغوط على المعلمين في مصر

القاهرة - كشف قرار مفاجئ لوزير التربية والتعليم المصري الجديد بإلغاء مواد دراسية من مناهج الثانوية العامة عن ضغوط يتعرض لها نظام التعليم في البلاد ومعاناته من نقص الموارد والمنافسة الشديدة. ويؤثر قرار حذف إضافة اللغة الأجنبية الثانية إلى المجموع الكلي للدرجات اللازم للقبول بالجامعات وإلغاء مواد الجيولوجيا وعلم النفس والفلسفة على مئات الآلاف من الطلاب الذين يكافح الكثير منهم لتعديل خططهم لاستكمال تعليمهم وإيجاد فرصة عمل.
وسيُكلَف عشرات الآلاف من المعلمين، ممن أُلغي احتساب المواد التي يدرسونها ضمن مجموع الدرجات الكلي، بمهام أخرى وقد يجدون صعوبات في تعويض الدخل الإضافي الذي كانوا يتحصلون عليه من الدروس الخصوصية. وبما أن اللغة الأجنبية الثانية تصبح مادة نجاح ورسوب فقط دون أن تضاف إلى المجموع، وفقا للقرارات الجديدة، فلن يتلقى الطلاب دروسا خصوصية فيها، وهو ما سيؤثر على دخل بعض المعلمين مثل أبوالعينين معلم اللغة الفرنسية.
وقال أبوالعينين بلهجة محلية “المدرسون انقسموا بين مدرسين المواد بتاعتهم ما حصلهاش حاجة فدول شغالين زي ما هما، ومدرسين تأثروا طبعا، وفي حالات نفسية سيئة جدا، فيه ناس، وفيه ناس عيانة، وربنا يلطف بكل الناس، طبعا المدرسين اللي كانوا بيشتغلوا سناتر (مراكز) أو دروس أو أو أو ما هما برضو كانوا بيشتغلوا مضطرين لأن رواتبهم ضعيفة”. واضطر أبوالعينين إلى الاستغناء عن عدد من مساعديه في مراكز الدروس الخصوصية التي يرتادها.
وأردف قائلا “المشكلة بس إننا كمدرسين كان بيبقى معانا مساعدين، المساعدين دول شباب صغيرين لسه متخرجين مش لاقيين يشتغلوا مش عارفين يتوظفوا مش عارفين يتعينوا فكانوا بيشتغلوا معانا ياخدوا خبرة مننا وفي نفس الوقت ياخدوا رواتب، الناس دي كده دلوقتي خلاص ملهمش مجالات معانا، أنا واحد من الناس استغنيت عن 15 واحد كان شغال معايا، مش أنا بستغنى عنهم لأن مفيش عمل ليهم لأن (بالفعل) مفيش عمل ليا أنا”. ولم يبق لأبوالعينين سوى راتبه الشهري الذي تدفعه الحكومة ويقول إنه لا يكفي لعيش “حياة كريمة”.
وأضاف “المدرس إللي كان شغال سنتر (مركز) أو كده خسر ما يقرب من 80 في المئة طبعا، النهاردة لو أنا مدرس في المدرسة باخد راتب يكفيني ويعيشني حياة كريمة أنا عن نفسي أقر وأعترف إن أنا لن أعمل بره المدرسة ليه؟ أنا عايش حياة كريمة، أرجع من شغلي أقعد في بيتي مع أولادي وأحفادي، إيه اللي بيخليني ألجأ اشتغل آخر النهار أو بالليل وأروح هنا وأروح هنا؟ عايز أعيش”.
وتعهدت الحكومة المصرية بمحاربة الدروس الخصوصية التي تعتبرها أحد أكبر تحديات نظام التعليم في البلاد، لكن المنتقدين يقولون إن تدني أجور المعلمين وتدهور نظام التعليم أديا إلى نفور الطلاب من المدارس الحكومية.
وقال مصطفى راضي، مدير مركز للدروس الخصوصية، بلهجة محلية أيضا “دايما القرارات الوزارية إللي بتتحط أحيانا في بداية الأمر بتدينا إحنا حالة من المفاجأة، إحنا بنبقى مش واخدين بالنا أو ما بنبقاش مدركين هل القرار ده صائب أو القرار ده غير صائب”. وأضاف “أسعار محاضرة الثانوية العامة بتبقى بخمسين جنيه في السنتر طيب البرايفت (الخاص)؟ لا بيبقى أعلى من كده بكتير بيبقى أربع أضعاف كمان”.
وقال وزير التعليم محمد عبداللطيف خلال مؤتمر صحفي في أغسطس إن القرارات الجديدة هدفها رفع العبء عن كاهل الطلاب وأولياء الأمور من خلال تقليل عدد المواد التي تحتسب في مجموع درجات امتحانات الثانوية العامة. وأضاف أن تقليل عدد المواد أو دمج بعضها سيساعدان المعلمين على إدارة وقتهم بشكل أفضل، وذلك في إطار الجهود الرامية إلى تطوير قطاع التعليم.
وقال فريدي البياضي النائب عن الحزب الديمقراطي الاجتماعي “الاعتراض الأساسي كان على طريقة التطوير وتوقيت التطوير أو ما سُمي تطويرا، هل هو فعلا تطوير أم لا؟ ما أعلنته الحكومة أن هذا الأمر كان دراسة أنجزها خبراء وحصل حوار مجتمعي بشأنها، والتساؤل الذي قدمته بشكل رسمي في البرلمان للسيد رئيس الوزراء والسيد وزير التربية والتعليم هو متى حصل هذا الحوار؟”، وأضاف بلهجة محلية “الوزير ما بقالوش كام يوم في الوزارة ونفاجئ إنه بيقولوا حصل حوار، امتى حصل؟ ومع مين؟ ما سمعناش عنه”.
ويقول منتقدون إن القرارات هدفها الحد من الإنفاق الحكومي على التعليم. وبحسب مركز الحلول السياسية البديلة بالجامعة الأميركية في القاهرة، زاد الإنفاق المالي الحكومي على التعليم مع ارتفاع التضخم لكنه انخفض من حيث إجمالي الإنفاق الحكومي وكنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي. ووفقا لوزارة المالية والموازنة الحكومية المعتمدة، بلغ إجمالي الإنفاق الحكومي على التعليم كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي 1.9 في المئة حتى 2023 – 2024.