قراء "واشنطن بوست صنداي" يودعون طقسهم الأسبوعي بإغلاق المجلة

واشنطن - أعلنت صحيفة واشنطن بوست عن توقف نشر مجلتها المطبوعة بعد أكثر من ثلاثة عقود، بتأثير التدهور الاقتصادي والتحول الرقمي، وسيصدر العدد الأخير في 25 ديسمبر.
وألغت الصحيفة مناصب موظفي المجلة العشرة، وليست هناك ضمانات للموظفين بأنهم سيحصلون على وظائف أخرى في الصحيفة.
وألقت المحررة التنفيذية في المجلة سالي بوزبي باللوم على “الرياح الاقتصادية المعاكسة”.
وأعلنت بوزبي في رسالة بالبريد الإلكتروني بعد ظهر الأربعاء الإغلاق، ووصفته بـ”جزء من التحول العالمي والرقمي”، مشيرة “سنقوم بتحويل بعض المحتوى الأكثر شيوعًا إلى الصحيفة، وإضافة المزيد في قسم ستايل الذي تم تنشيطه وسيتم إطلاقه في الأشهر المقبلة”. وأضافت “نحن لا نزال ملتزمين بالصحافة طويلة المدى عبر أقسام ومنصات غرفة الأخبار… نحن نقدر بشدة المساهمات التي قدمها هذا الفريق لقرائنا على مر السنين”.
وبدأت واشنطن بوست في نشر الإصدار الحالي من مجلتها الأسبوعية لأول مرة في عام 1986، وتوزيعها مع صحيفة الأحد.
وبالنسبة إلى مراقبي الصناعة، فإن “واشنطن بوست صنداي” هي “قطعة أثرية من حقبة ماضية، ورمز لطقوس نهاية الأسبوع القديمة التي راجت على مائدة الإفطار مع فنجان من القهوة وصفحات بسماكة دفتر الهاتف، وكلتاهما الآن ضحية للإنترنت”.
وقالت صحيفة “ذا هيل” “منذ جيل مضى، عندما كان المشتركون في الصحف يقرأون القصص المطبوعة في الغالب، كانت مجلة صنداي تلوح في الأفق كوجهة مهنية لأي صحافي، ومنفذ لبعض الأعمال الأكثر طموحًا في الصناعة”.
وأفاد أندرو بوجون كبير المحررين في مجلة “واشنطونيان”، إن “وفاة هذه المجلة وتسريح موظفيها لهما عواقب تجارية وحرفية، لأنهم تخلصوا من الأشخاص الذين يعرفون كيفية صياغة قصة في مجلة بدلا من قصة صحفية”.
وبدوره، اعتبر الأستاذ بكلية كولومبيا للصحافة والمحرر السابق للمجلة بيل غرويسكين، أن المجلة “أصبحت أقل أولوية الآن، نظرًا إلى المساحة اللانهائية المتاحة على الإنترنت”.
وأوضح أن الإنترنت يسمح للصحافيين بكتابة ونشر القصص بأي طول وفي أي وقت، ما يجعل شكل المجلة قديمًا، على الأقل بالنسبة إلى ناشري الصحف.
وأضاف “يمكن للصحافي أن ينشر قصة من 10 آلاف كلمة دون كلفة إضافية عن 1000 كلمة، من حيث الحبر وورق الصحف والمساحة الإعلانية.. لكن هذا لا يعني أن الناس سيقرأونها.. ومع معظم الصحافة على الإنترنت، بات المحررون والناشرون يعرفون الآن بالضبط المدة التي يقضيها القارئ العادي في قراءة القصة”.
وفي وقت سابق من هذا العام، ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن واشنطن بوست كانت تكافح لجذب المشتركين وتحقيق عائدات من الإعلانات الرقمية. لكن الصحيفة تتجه نحو الخسائر هذه السنة بعد أن حققت أرباحًا لسنوات.
ومع ذلك، اعتبرت نقابة العاملين في واشنطن بوست أنه “لا يوجد مبرر اقتصادي لتسريح العمال” في العام الذي عينت فيه الصحيفة عددًا قياسيًا من الموظفين الجدد. حيث أطلقت حملة توظيف هذا العام، وتوجد حاليًا 45 وظيفة مفتوحة بدوام كامل في غرفة الأخبار.
وأفادت النقابة في بيان بأنها غاضبة من قرار الشركة بتسريح العاملين في مجلة واشنطن بوست. مضيفة “لقد منح هؤلاء الصحافيون الموهوبون الذين يعملون بجد سنوات من حياتهم المهنية لهذه المجلة، وقاموا بصياغة قصص قوية، والفوز بجوائز وطنية وتزويد القراء بجرعة أسبوعية من الرؤية والإبداع والفرح”. وتابعت “من غير المعقول ألا تحتفظ الصحيفة بهؤلاء الموظفين المتفانين حتى يتمكنوا من الاستمرار في خدمة القراء من خلال وظائف أخرى في الشركة”.
وأعلنت النقابة أنها ستفعل كل ما في وسعها “لحماية وظائف زملائها”.
ويأتي إغلاق المجلة في أعقاب إغلاق عام 2019 لصحيفة واشنطن بوست إكسبريس، الصحيفة اليومية المجانية للمسافرين. وفي ذلك الوقت، أشارت صحيفة واشنطن بوست إلى أن زيادة الطلب على المحتوى الرقمي كان عاملا مساهما في إغلاق إكسبريس.
وواشنطن بوست ليست الوحيدة التي شهدت انخفاضًا في عدد القراء بعد رئاسة دونالد ترامب، لكن أيضا اثنين من منافسيها الرئيسيين نيويورك تايمز ووول ستريت جورنال.
وفي العام الجديد ستبقى مجلتان فقط في صناعة الصحف القديمة، واحدة تنشرها صحيفة نيويورك تايمز، والأخرى من قبل صحيفة بوسطن غلوب المتضائلة.
وبالرغم من انتشار وسائل القراءة الإلكترونية وتطبيقات الموبايل وسهولة الوصول إلى الإصدارات الإلكترونية من المجلات ما زال نصف قرّاء المجلات في الولايات المتّحدة يقرأون من خلال الإصدار التقليدي (المطبوع أو الإلكتروني).
ووفقًا لجمعية مجلة وسائل الإعلام، ارتفع إجمالي الجمهور الشهري للصناعة بأكملها بنسبة 1.4 في المئة ووصل إلى 1.8 مليار شخص في العام الماضي.