قدّم الرصاص على الايقاف.. خفر السواحل الجزائري يقتل مغربيين دخلا خطأ المياه الإقليمية

الرباط - ذكرت وسائل إعلام مغربية الخميس أن خفر السواحل الجزائري قتل سائحين يحملان الجنسيتين المغربية والفرنسية بعدما أطلق عليهما النار إثر دخولهما المياه الجزائرية عن طريق الخطأ، في ممارسة تخالف كل الأعراف والقوانين الدولية والإنسانية التي تفرض على أي سلطة في مجال سيادتها الالتزام بمعايير معينة في التعامل مع حوادث التيه في المياه الإقليمية.
وكان بمقدور السلطات الجزائرية إيقاف السائحين أيا كانت المخالفة التي ارتكباها والوقوف على الأسباب الحقيقية لدخولهما المياه الإقليمية، لكنها خيرت الرصاص على الإجراء الذي حددته القوانين البحرية الدولية في التعامل مع مثل هذه الحوادث.
والتيه في المياه الإقليمية عموما ليس حدثا استثنائيا فهو يتكرر في أكثر من منطقة في العالم ويجري التعامل معه وفق ضوابط محددة لا تقدم استخدام القوة إلا عند الضرورة القصوى ومنها أن يكون التائه أو التائهين يشكل أو يشكلون خطرا حقيقيا أو ابدوا مقاومة مسلحة.
وثمة حوادث مماثلة تقف شاهدا على كيفية التعامل مع دخول أشخاص بالخطأ للمياه الإقليمية ومن ذلك دخول زوارق بحارة بحرينيين أو العكس، للمياه الإقليمية لكل منها في ذروة التوتر بين البلدين الجارين ولم تلجأ أي منهما لاستخدام الرصاص وأقصى اجراء هو إيقاف المخالفين.
وحتى في حوادث تستدعي اللجوء للقوة أحيانا تلتزم فرق خفر السواحل في العالم بضوابط محددة ومنصوص عليها في القوانين الدولية والإنسانية، فيما مواجهة قراصنة في البحر أو مهاجرين غير شرعيين حاولوا المقاومة وما شابه خلافا لوضع السائحين المغربيين الحاملين للجنسية الفرنسية.
وتبدو هذه الحادثة استدعاء مجانيا لمزيد من التوتر بين الجارين وتسلط الضوء في الوقت ذاته على سلوك غير انساني وعلى أحقاد لا مبرر لها سوى أنها من تراكم حالة الشحن والتحريض الذي دأب عليه النظام الذي يمثل واجهة سياسية لحكم العسكر.
وقال الموقع الإخباري المغربي "لو360" إن كلا من بلال قيسي وعبدالعالي مشوار "قتلا الثلاثاء جراء إطلاق رصاص من طرف خفر السواحل الجزائري، في المياه الإقليمية الجزائرية"، مضيفا أن السلطات الجزائرية أوقفت مرافقا آخر لهما يدعى إسماعيل صنابي يحمل أيضا الجنسيتين المغربية والفرنسية.
وأوضح الموقع نقلا عن مصادر قال إنها متطابقة، أن هؤلاء كانوا يقومون بجولة بحرية على متن درجات مائية، انطلاقا من شاطئ مدينة السعيدية المغربية المحاذية للحدود الجزائرية، لكنهم تاهوا ليجدوا أنفسهم في المياه الجزائرية.
وثقال محمد قيسي شقيق أحد الضحيتين لموقع العمق المغربي الخميس "تهنا في البحر حتى وجدنا أنفسنا في المياه الجزائرية. عرفنا ذلك عندما قصدنا زورق أسود" لخفر السواحل الجزائري، مضيفا "أطلقوا علينا النار، الحمد لله لم أصب لكنهم قتلوا أخي وصديقي. بينما اعتقلوا صديقا آخر".
والتزمت السلطات المغربية ضبط النفس ونأت بنفسها عن أي تشنجات، معلنة على لسان الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس في مؤتمره الصحافي الأسبوعي الخميس أن "هذه القضية تدخل في اختصاص السلطة القضائية"، بينما ذكرت مصادر محلية أن السلطات فتحت تحقيقا في هذه القضية بناء على تعليمات النيابة العامة المختصة.
ويأتي هذا الحادث بينما تتواصل القطيعة الدبلوماسية بين الجارين، وسط علاقات متوترة منذ عقود بسبب النزاع المفتعل في الصحراء المغربية إذ تدعم الجزائر جبهة البوليساريو الانفصالية وتوفر لها الدعم المالي والعسكري والغطاء السياسي إقليميا ودوليا بذريعة حق الصحراويين في تقرير المصير، بينما ترفض في الوقت ذاته مبدأ حق تقرير المصير بالنسبة لمنطقة القبائل الجزائرية.
وقطعت الجزائر علاقاتها الرسمية مع الرباط قبل عامين متهمة إياها "بارتكاب أعمال عدائية منذ استقلال الجزائر" في 1962، بينما أعرب المغرب عن أسفه لذلك القرار ورفض "مبرراته الزائفة". والحدود البرية بين الجارين مغلقة منذ العام 1994، في حين تواصل المملكة سياسة اليد الممدودة ضمن مقاربة رصينة تضع في الاعتبار مصلحة الشعبين ومصالحهما ومصلحة الاستقرار في المنطقة.