قديروف متحمس أكثر من بوتين في الحرب الأوكرانية

لا يزال الجيش الروسي يتقدم ببطء داخل أوكرانيا ويتكبد خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، ما دفع حلفاءه إلى الحض على المرور إلى هجوم عنيف يحسم النزاع سريعا. ويقول مراقبون إن هذه الدعوات تأتي من باب الحماسة إذ من غير المنطقي عسكريا غزو بلاد شاسعة كأوكرانيا في غضون أسبوع.
غروزني ( الشيشان)- حض الزعيم الشيشاني رمضان قديروف حليفه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على تجاهل دعوات الدول الغربية لوقف الحرب الدائرة ضد أوكرانيا وحثه على إصدار أوامر لقواته تقضي بمهاجمة كييف بعنف والسيطرة عليها في غضون يوم أو يومين.
وظهر قديروف الجمعة في شريط فيديو مسجل يدعو خلاله بوتين إلى تجاهل المجتمع الدولي وشن “هجوم عنيف” على أوكرانيا للسيطرة عليها بشكل سريع.
وقال قديروف إن “قصف أوكرانيا بشكل يدفعها إلى الاستسلام سيجنب روسيا المزيد من الخسائر”، مشيرًا إلى أن “التكتيكات العسكرية الروسية الحالية ضعيفة للغاية”.
وحث قديروف بوتين على أن “يغمض عينيه عن كل شيء وأن يسمح للقادة العسكريين بشن هجوم عنيف في أوكرانيا وإنهاء كل شيء في غضون يوم أو يومين”. وأضاف “هذا فقط (شن هجوم مكثف على أوكرانيا) سينقذ دولتنا وشعبنا، هذا هو ما أؤمن به بشكل قوي”.
وتابع “بصفتي مقاتلًا لا يمكنني مشاهدة جنودنا وهم يُقتلون ليس أثناء قتال ولكن أثناء الانتظار على يد هؤلاء الشياطين والنازيين (في إشارة إلى الأوكرانيين)”. وأردف مخاطبًا بوتين “أنا متأكد من أنك ستتخذ القرار الصحيح للسيطرة على أوكرانيا بالكامل”.
كما طالب بوتين بالتخلي عن المفاوضات “غير المجدية” مع الجانب الأوكراني، بهدف التوصل إلى حل للأزمة المندلعة بين البلدين، والتي انعقدت جولتها الثانية في بيلاروسيا الخميس. واعتبر أن كل هذه المفاوضات “لا طائل من ورائها”.
ويرى محللون غربيون أن هذه الدعوة إلى شن هجوم عنيف على أوكرانيا تأتي من منطلق الحماسة لا أكثر، إذ أنه عسكريا لا يمكن غزو دولة شاسعة كأوكرانيا خلال أسبوع أو أسبوعين.
ويشير هؤلاء إلى غزو القوات الأميركية في 2003 للعراق والذي استغرق ثلاثة أسابيع لسقوط بغداد رغم المقاومة الصفرية للجيش العراقي.
ويُعرف الرئيس الشيشاني بموالاته لروسيا، وتنتشر قوات تابعة له حاليا في أوكرانيا لدعم روسيا في عملياتها العسكرية هناك.
وتصفه وسائل إعلام غربية بأنه “ابن بوتين المطيع الذي لم ينجبه”، ومنحه الأخير رتبة “لواء” في الجيش الروسي في عام 2020.
كما وجهت دول غربية لقديروف اتهامات بارتكاب “انتهاكات لحقوق الإنسان”، بما في ذلك “التعذيب” و”القتل خارج نطاق القضاء”، وهو ما تنفيه السلطات الشيشانية.
وفي العشرين من يوليو 2020 عاقبت الولايات المتحدة قديروف، كما فُرضت عليه عقوبات من قبل الاتحاد الأوروبي بسبب أزمة أوكرانيا عام 2014.
والأسبوع الماضي واجه الرئيس الشيشاني موجة من الانتقادات الواسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بعد خطابه الداعم لروسيا في عمليتها ضد أوكرانيا وارتدائه حذاء باهظ الثمن خلال الخطاب.
وأثارت صورة لقديروف جدلا واسعا وانتقادات، عندما ظهر فيها وسط حشد من العسكريين خلال خطابه وهو يرتدي حذاء من ماركة “برادا” ويبلغ ثمنه 1500 دولار.
كما نُشرت صورة أخرى له عبر وسائل التواصل الاجتماعي وهو يرتدي قميصًا عليه صورة بوتين وسط اتهامات له “بالتخلي عن قضية الشيشان”.
وخلال الخطاب دعا قديروف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى “الاعتذار للرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإنقاذ كييف”. وأكد قديروف أنه “حشد 70 ألف مقاتل في الشيشان للقتال إلى جانب روسيا”.
وهذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها قديروف للنقد، إذ استنكر الكثيرون في وقت سابق تصريحات له حول الوضع في سوريا دعم خلالها نظيره الروسي.

جان أسيلبورن: تدخل الناتو في أوكرانيا يمكن أن يؤدي إلى كارثة عالمية
وأطلقت روسيا الأسبوع الماضي عملية عسكرية في أوكرانيا، تبعتها ردود فعل دولية غاضبة وفرض عقوبات اقتصادية ومالية “مشددة” على موسكو.
ورغم مضي القوات الروسية في هجومها الذي تقول إنه يحقق أهدافه المرسومة سلفا، لا يزال الرئيس بوتين يخوض مفاوضات مع كييف لإيقاف الحرب ويشترط من أجل ذلك الاعتراف بسيادة موسكو على شبه جزيرة القرم وتحييد كييف، عارضا ضمانات على أوكرانيا مقابل ذلك.
وقال الكرملين في بيان إن بوتين أبلغ المستشار الألماني أولاف شولتس خلال مكالمة هاتفية الجمعة بأنه يأمل في أن تتخذ أوكرانيا موقفا “مسؤولا وبناء” في الجولة القادمة من المحادثات. كما أبلغ بوتين شولتس بأن روسيا منفتحة على الحوار مع أوكرانيا بشرط تلبية كل مطالبها.
وعقدت روسيا وأوكرانيا جولتين من المحادثات منذ الغزو الروسي الذي وصفته موسكو بعملية عسكرية خاصة، قبل ثمانية أيام، وحتى الآن تم التوصل إلى تفاهم على ضرورة فتح ممرات إنسانية لإجلاء المدنيين. ويستعد الطرفان لجولة محادثات ثالثة بداية الأسبوع القادم لا يتوقع مراقبون أن تحدث اختراقا في مواقف الطرفين.
واستبعد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرع الجمعة إقامة منطقة حظر طيران فوق أوكرانيا، على الرغم من مطالبات كييف المتكررة بفرض حظر طيران في خضم القصف الروسي.
وذكر ستولتنبرغ خلال مؤتمر صحافي في بروكسل أن “الحلفاء يتفقون على أنه يجب ألا تكون لدينا طائرات للناتو تحلق في المجال الجوي الأوكراني، أو قوات للحلف على الأراضي الأوكرانية”.
وأضاف “لدينا مسؤولية، حيث يعمل حلفاء الناتو على منع هذه الحرب من التصاعد لتتجاوز أوكرانيا، إذ سيصبح الأمر حتى أكثر خطورة وأكثر تدميرا، وسيتسبب في معاناة إنسانية أشد وطأة”.
وقال ستولتنبرغ إن الناتو لن يكون بإمكانه تطبيق منطقة حظر طيران دون إسقاط طائرات روسية. ومنطقة حظر الطيران هي منطقة في المجال الجوي يتم منع طائرات معينة من التحليق فيها.
وطالب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مرارا وتكرارا الناتو بإقامة منطقة حظر طيران، حيث تدك المدفعية الروسية والغارات الجوية المدن الأوكرانية.
واجتمع وزراء خارجية 30 دولة عضوا في الناتو، وأغلبهم أعضاء في الاتحاد الأوروبي، للقاء وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن بمقر الحلف في بروكسل.
الرئيس الشيشاني يُعرف بموالاته لروسيا، وتنتشر قوات تابعة له حاليا في أوكرانيا لدعم روسيا في عملياتها العسكرية هناك
والتقى الوزراء حيث دخل الغزو الروسي لأوكرانيا يومه التاسع. وتتصاعد المخاوف بشأن الضحايا من المدنيين إذ فر أكثر من مليون شخص بالفعل، بحسب وكالة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وحذر وزير خارجية لوكسمبورغ جان أسيلبورن من تدخل الحلف في الغزو الروسي لأوكرانيا، إذ قال إن ذلك يمكن أن يؤدي إلى كارثة عالمية. وقال “أعتقد أننا بحاجة الآن إلى التحلي بالواقعية”. كما حذر وزير خارجية التشيك يان ليبافيسكي قبل الاجتماع من أن محاولات فرض منطقة حظر طيران ستجعل الناتو شريكا في الصراع.
وذكر وزير خارجية فنلندا بيكا هافيستو أن المخاطر التي يتعرض لها المدنيون في مدن أوكرانية محل قلق شديد.