قتلى وجرحى في اشتباكات طائفية بريف دمشق بسبب تسجيل مسيء

دمشق – قتل أربعة مسلحين دروز على الأقل جراء اشتباكات اندلعت ليلا مع قوات أمن تابعة للسلطة الجديدة، بعد اقتحامها ضاحية جرمانا قرب دمشق، على خلفية توتر ذات طابع طائفي، وفق ما أورد المرصد السوري لحقوق الانسان الثلاثاء، وقد سارعت الحكومة السورية والأجهزة الأمنية إلى التدخل لاحتواء الموقف ومنع تفاقم الفتنة الطائفية التي بدأت تلوح في الأفق.
وانتشرت على نطاق واسع عبر منصات التواصل الاجتماعي صور ومقاطع فيديو توثق سقوط ضحايا بين قتلى وجرحى جراء الاشتباكات التي امتدت من مدينة جرمانا لتصل إلى منطقة أشرفية صحنايا المتاخمة لدمشق.
وأفاد المرصد بـ"اندلاع اشتباكات عنيفة في جرمانا بعد اقتحام عناصر أمن ومسلحين تابعين لها أحياء في المدينة، على خلفية توتر سببه انتشار تسجيل صوتي منسوب لمواطن درزي، يتضمن اساءات ذات طابع ديني"، ما أسفر عن مقتل أربعة مسلحين دروز على الاقل.
من جهتها، أحصت شبكة أنباء محلية مقتل خمسة من أبناء المنطقة.
وأفاد أحد سكان جرمانا وكالة فرانس برس، متحفظا عن ذكر اسمه خشية على سلامته، بوقوع اشتباكات ليلا في إحدى نواحي المدينة، استمرت لحوالي نصف ساعة تبعها إطلاق رصاص وقذائف بشكل متقطع.
وقال "حوصرنا في منازلنا مع استمرار سماع رشقات متقطعة. لم يتوجه الأولاد الى مدارسهم بينما خلت الشوارع في حيّنا صباحا من أي حركة".
وتقطن ضاحية جرمانا الواقعة جنوب شرق دمشق، غالبية من الدروز والمسيحيين، وعائلات نزحت خلال سنوات النزاع الذي اندلع في سوريا عام 2011.
وندّدت الهيئة الروحية لطائفة المسلمين الموحدين الدروز في جرمانا في بيان بـ"الهجوم المسلح غير المبرر على مدينة جرمانا الذي استُخدمت فيه مختلف أنواع الأسلحة، واستهدف المدنيين الأبرياء، وروَّع السكان الآمنين بغير وجه حق".
واعتبرت أن "حماية أرواح المواطنين وكرامتهم وممتلكاتهم هي من أبسط مسؤوليات الدولة والأجهزة الأمنية"، محمّلة "السلطات المسؤولية الكاملة عما حدث، وعن أي تطورات لاحقة أو تفاقمٍ للأزمة".
في سياق متصل، ذكرت مصادر أهلية في جرمانا لقناة "روسيا اليوم" أن "هجمات متزامنة شُنّت من قبل فصائل إسلامية متشددة" على جرمانا وأشرفية صحنايا ومدينة قطنا، حيث تتواجد تجمعات للدروز. وأشارت إلى أن الهجوم جاء كرد فعل على انتشار التسجيل الصوتي المسيء، الذي نفى أحد شيوخ الطائفة الدرزية صحة نسبته إليه وأعرب عن رفضه لمحتواه.
أكدت المصادر الأهلية تدخل قوات الأمن العام لفض الاشتباكات، مشيرة إلى إشادة الأهالي بدورها الإيجابي في تحقيق الهدوء الحذر الذي يسود المنطقة حاليًا. وقد امتنع السكان عن إرسال أطفالهم إلى المدارس بسبب الوضع الأمني المتوتر.
وشددت وزارة الداخلية السورية في بيان بعد منتصف الليل "على أهمية الالتزام بالنظام العام، وعدم الانجرار إلى أي تصرف فردي أو جماعي من شأنه الإخلال بالأمن العام أو التعدي على الأرواح والممتلكات".
وقالت إنها تتابع "باهتمام بالغ ما تم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي من تسجيل صوتي يتضمن إساءات بالغة تمس مقام رسول الله"، موضحة أن "العمل ما زال جاريا لتحديد هوية صاحب الصوت، ليُقدّم إلى العدالة وينال العقوبة الرادعة التي يستحقها وفقا للأنظمة والقوانين المعمول بها".
يذكر أن انتشار التسجيل الصوتي كان قد أدى إلى قيام مجموعات طلابية في محافظتي حمص ودمشق بالاعتداء على مساكن لطلاب ينحدرون من محافظة السويداء قبل أن يتدخل الأمن ويعيد الاستقرار بعد التوتر الذي جرى، وفق ما ذكرته وسائل إعلام سورية محلية.
كما شهدت بعض المحافظات احتجاجات محدودة رُفعت في بعضها شعارات طائفية، وفقًا لمقاطع فيديو متداولة على منذ الاثنين وسائل التواصل الاجتماعي.
وأفادت مصادر محلية بأن الأمن العام قام بنشر حواجز وقطع الطرقات المؤدية إلى مدينة السويداء على خلفية التوتر الذي تشهده المنطقة.
تُظهر الأحداث الأخيرة في جرمانا هشاشة الوضع الأمني والاجتماعي في سوريا، وإمكانية تحول أي فتنة إلى صراع مسلح. وبينما تسعى السلطات الجديدة لاحتواء الموقف، تبقى التساؤلات قائمة حول الجهة التي تقف وراء التسجيل المسيء وكيف سيتم التعامل مع جذور هذا التوتر الطائفي المتصاعد. وتثير هذه الأحداث مخاوف من تدهور الأوضاع في مناطق أخرى ذات تركيبة سكانية متنوعة.
وكان عناصر أمن تابعون للسلطات الجديدة في سوريا انتشروا مطلع آذار/مارس في ضاحية جرمانا عقب توتر واشتباكات بين قواتها ومسلحين محليين دروز، هددت إسرائيل على إثرها بالتدخل لحماية أبناء هذه الأقلية.
وتثير التوترات في جرمانا مخاوف، بعد الأحداث الدامية التي شهدها الساحل السوري خلال الشهر الماضي وأودت بحياة أكثر من 1700 شخص غالبيتهم العظمى علويون.
ومنذ وصول السلطة الجديدة الى دمشق بعد إطاحة حكم بشار الاسد في الثامن منديسمبر، تسجّل اشتباكات وحوادث إطلاق نار في عدد من المناطق. ويتحدث سكان ومنظمات حقوقية عن انتهاكات واعتقالات.