قبرص الملاذ الأخير لإسرائيليين فارين من جحيم الصواريخ

صحيفة هآرتس تكشف أن أصحاب اليخوت في هرتسيليا وحيفا وعسقلان ينقلون مئات الإسرائيليين يوميا مقابل آلاف الدولارات بعد اغلاق الدولة العبرية لمجالها الجوي.
الثلاثاء 2025/06/17
أصحاب اليخوت يكسبون ثروات لنقل الفارين من الحرب

القدس – تتوالى الضربات الصاروخية بين إسرائيل وإيران في تصعيد عسكري غير مسبوق، دافعة مئات الإسرائيليين يوميا للفرار عبر يخوت خاصة إلى قبرص، بينما يتجه آخرون نحو جنوب إسرائيل هربا من مرمى الصواريخ الإيرانية التي تستهدف المدن، حسبما كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية الاثنين.

ويأتي هذا في ظل تصعيد عسكري غير مسبوق بين إسرائيل وإيران، حيث تتواصل الضربات الصاروخية المتبادلة.

ومع إغلاق إسرائيل لمجالها الجوي ونقل عشرات الطائرات المدنية سرا إلى الخارج منذ بداية الحرب، وجد ملايين الإسرائيليين أنفسهم عالقين داخل البلاد، في مواجهة الصواريخ الإيرانية التي تُطلق ردا على الضربات الإسرائيلية.

وخلال الأيام الأربعة الأخيرة، تحول مرسى مدينة هرتسليا على ساحل البحر المتوسط إلى "محطة فرار" لإسرائيليين يصلون صباحا يجرّون حقائب سفر ويبحثون عن يخت ليبحر بهم إلى قبرص الرومية، ومن هناك إلى أي مكان آخر، مقابل آلاف الدولارات، وفق تقرير لصحيفة "هآرتس".

ووفق الصحيفة "بحسب مجموعات على فيسبوك مخصصة لمغادرة البلاد عبر البحر، هناك مئات الأشخاص يرغبون الآن بمغادرة إسرائيل بهذه الطريقة، وكما هو معروف عندما يكون هناك طلب، هناك دائما من يسارع لعرض خدماته مقابل المال".

وكما في هرتسليا، في مرسى حيفا (شمال)، ينتظر أصحاب اليخوت الصغيرة في عسقلان (جنوب) أيضًا لنقل مجموعات لا تزيد عن عشرة أشخاص.

وقالت هآرتس "في ذلك الصباح، كان هناك في هرتسليا ما لا يقل عن مئة شخص، ولم تتمكن سلطة السكان بعد من تقدير حجم الظاهرة".

وذكرت أن معظم المسافرين يدعون أنهم لا يعيشون في إسرائيل ويريدون العودة إلى بلادهم، وآخرون ينضمون إلى أبنائهم في الخارج.

ولفتت الصحيفة صراحةً إلى أن "قلّة (من المسافرين) يعترفون بأنهم يفرّون من الصواريخ الإيرانية، لا أحد مستعد للتحدث بصراحة مع الصحافيين".

وتحدثت "هآرتس" مع عدد من هؤلاء الذي استخدموا لأنفسهم أسماءً مستعارة، ومنهم شارون التي قالت وهي تقف على الرصيف تودّع زوجها الذي سيواصل رحلته من قبرص الرومية إلى لندن: "هنا الكثير من القوارب التي تبحر، الناس في حالة جنون".

أما عيدي، فاعتبر أن هذه رحلة بحرية باتجاه واحد، قائلا "أنا أنتقل للعيش في البرتغال، شريكتي، وهي إسرائيلية تعيش هناك منذ فترة طويلة، أخبرتني بأن الوقت قد حان".

وحول المخاطرة التي قد يواجهونها في الرحلة البحرية إلى قبرص يقول عيدي "في أسوأ الأحوال نقفز إلى الماء.. عليهم أن يكونوا (الإيرانيون) دقيقين جدًا ليصيبونا نحن بالذات".

وبالنسبة لحاييم فيقول ومعه ابنه أمير "ابني رجل أعمال وهو عالق هنا منذ عدة أيام ولا خيار أمامه، سيُبحر إلى لارنكا (في قبرص الرومية) ومن هناك سيُسافر إلى ميلانو في إيطاليا، هو لا يهرب أو شيء من هذا القبيل".

ومن الهروب للخارج إلى الفرار للداخل يبحث العديد من الإسرائيليين عن شقق للابتعاد عن منطقة "غوش دان" (تل أبيب الكبرى)، أكثر الأماكن التي تستهدفها طهران بصواريخها البالستية، وفق تقرير نشرته القناة 12 العبرية الأحد.

وقالت "ف" وصديقتها اللتان تعيشان شمال تل أبيب، إنهما تقطنان في مبنى قديم فيه ملجأ صغير تُضطران للركض حامِلَتين طفليهما بين ذراعيهما.

وأضافت "الملجأ صغير جدًا، قديم، وغير ملائم، صباح اليوم قررنا أن نبحث عن مكان آخر خارج نطاق القصف. لم يكن هناك الكثير من التفكير – فقط نريد الوصول بسرعة إلى منزل فيه غرفة محصنة".

وذكرت أنهما تواصلتا مع أصدقاء للمساعدة في العثور على مكان في منطقة الشارون أو السهل الساحلي.

وتابعت "طلبنا ممن يستطيع أن يرسل رسائل في مجموعات الحيّ الخاصة بهم، ليروا إن كان هناك شيء متاح".

وكشفت القناة 12 العبرية عن ارتفاع في أسعار الشقق خارج منطقة تل أبيب في ظل ارتفاع الطلب عليها.

وقالت القناة "وفقا لفحص أجريناه على منصة تأجير الشقق العالمية Airbnb، يبلغ متوسط استئجار شقة شمال البلاد لليلة واحدة نحو 600 شيكل، لكن من الممكن أيضًا العثور على شقق بأسعار منخفضة تصل إلى حوالي 200 شيكل لليلة"، علما بأن الدولار يساوي حوالي 3.5 شيكل.

وفي منطقة الشارون، يبلغ متوسط السعر نحو 200 شيكل لليلة، وفي منطقة السهل الساحلي حوالي 300 شيكل.

أما من يبحث عن شقة بسعر أرخص، فيمكنه التوجه جنوبًا إلى منطقة العربة، حيث يمكن العثور على العديد من الشقق بسعر يقل عن 100 شيكل لليلة، وفق المصدر ذاته.

وقالت القناة "منذ ساعات صباح الأحد، بدأت تنتشر على شبكات التواصل الاجتماعي وفي مجموعات مختلفة منشورات ونداءات من إسرائيليين – معظمهم من منطقة الوسط التي تقع في قلب القصف الإيراني – يبحثون عن حلول مؤقتة وآمنة".

وكان سكان كيبوتس" رعيم" الذين فروا إلى تل أبيب عقب أحداث 7 أكتوبر 2023 أوفر حظا، حيث قرروا العودة إلى منازلهم المهجورة في الكيبوتس.

وفي ذلك اليوم، نفذت فصائل فلسطينية أبرزها حركة "حماس" هجوما مباغتا على مستوطنات وقواعد عسكرية إسرائيلية، ما أسفر عن مقتل وأسر عسكريين ومستوطنين واحتجازهم في القطاع، وذلك ردا على "اعتداءات الاحتلال على الشعب الفلسطيني والمسجد الأقصى".

وقالت صحيفة "تايمز أوف يسرائيل" إن "العديد من سكان كيبوتس رعيم الذين تعرّضوا لهجوم في 7 أكتوبر غادروا خلال اليومين الماضيين مساكنهم المؤقتة في برجين سكنيين جنوب تل أبيب وعادوا إلى منازلهم".

وجاءت هذه التطورات في أعقاب تصعيد عسكري كبير، حيث شنت إسرائيل الجمعة الماضي ضربات جوية واسعة النطاق على أراضٍ إيرانية استهدفت منشآت نووية ومواقع دفاعية وأهدافًا مدنية وبنية تحتية للنفط والغاز، ووصفت طهران هذه الهجمات بـ"إعلان حرب"، وردت عليها بضربات صاروخية استهدفت مناطق سكنية في المدن الإسرائيلية.