قانون جديد للإعلام في الجزائر يعيد إنتاج القيود على الحريات

البرلمان الجزائري يقر قانون يشدد الرقابة على عمل الصحافيين.
السبت 2023/04/15
تكريس حرية الصحافة أم قمعها

الجزائر - أقر البرلمان الجزائري الخميس قانونا جديدا للإعلام رغم انتقادات العاملين في القطاع ووصفه بأنه عودة بحرية الصحافة إلى الوراء، بسبب ما يتضمنه من بنود تشدد الرقابة على عمل الصحافيين وتفرض قيودا جديدة.

وقالت الحكومة إن القانون أساسي لضمان الممارسة الحرة للعمل الإعلامي بموجب ضوابط قانونية، لكن منظمة مراسلون بلا حدود قالت إن القانون يتضمن “فصولا سلبية” تشكل انتهاكا لحرية الصحافة.

ويحظر القانون على وسائل الإعلام الجزائرية تلقي أي تمويل أو دعم مادي من أي “جهة أجنبية”.

ويستبعِد بحكم الأمر الواقع مزدوجي الجنسية من حقّ امتلاك أو المساهمة في ملكية وسيلة إعلام في الجزائر.

منظمة مراسلون بلا حدود قالت إن القانون يتضمن "فصولا سلبية" تشكل انتهاكا لحرية الصحافة في الجزائر

وصرح وزير الاتصال الجزائري محمد بوسليماني أن القانون يهدف إلى “تكريس حرية الصحافة وتعدديتها واستقلاليتها، وضمان احترام قواعد الاحترافية وأخلاقيات المهنة”.

ويتألف القانون من 55 مادة تنصّ على عقوبات مالية تصل إلى 14 ألف يورو لمن يتلقّى تمويلاً أو إعانة من “جهة أجنبية”، مع إلزامية إثبات مصدر أموال الاستثمار في مجال الإعلام والاتصال.

وقال خالد درارني ممثل منظمة مراسلون بلا حدود في شمال أفريقيا إن “بعض الفصول إيجابية، والبعض الآخر يمثل انتهاكا لحرية الصحافة، مثل الكشف عن المصادر للقضاء إذا طلب ذلك، وتقييد الوصول إلى أي تمويل”.

وعلى عكس القانون القديم الذي كان يتطلب ترخيصا رسميا من وزارة الاتصال لإنشاء صحيفة، فإن القانون الجديد أسهل بكثير لأنه ينص على أنه يمكن للصحافيين إنشاء نافذة إعلامية من خلال تقديم إخطار فقط.

ومنذ مناقشة القانون واجه انتقادات عديدة، فقد تحفظ أعضاء مجلس الأمة قبل إقراره على المادة 22 من النص والمتعلقة بشروط الحصول على “اعتماد” للعمل في الجزائر في وسائل إعلام أجنبية.

واعتبر أعضاء مجلس الشيوخ أنّ فترة الثلاثين يوماً “غير كافية” للحصول على الاعتماد المذكور من تاريخ تقديم الطلب.

وينصّ القانون الجديد على غرامة تصل إلى مليون دينار (نحو سبعة آلاف يورو) على من يعمل في وسيلة إعلام أجنبية من دون الحصول على اعتماد.

من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الجزائر شريف إدريس “علينا انتظار النصوص التنفيذية لمعرفة ما إذا كنّا نواجه قانونًا رائداً مقارنة بالقانون القديم أم أنه يعيد إنتاج نفس النمط القديم”. وأعرب عن أسفه لأنّ “إصدار النصوص التنفيذية ما زال بطيئاً” في الجزائر.

وأشار العديد من أعضاء المجلس خلال النقاشات إلى عدم وجود نصوص تنفيذية مصاحبة لمشروع القانون.

القانون الجديد ينصّ على غرامة تصل إلى سبعة آلاف يورو على من يعمل في وسيلة إعلام أجنبية من دون الحصول على اعتماد

وسيتم بموجب مشروع القانون الجديد إنشاء “سلطة ضبط الصحافة المكتوبة والصحافة الإلكترونية” إلى جانب سلطة ضبط النشاط السمعي البصري الموجودة حاليا والمكلفة مراقبة عمل القنوات التلفزيونية.

من جهته انتقد رئيس مجلس الأمة صالح قوجيل والعديد من الأعضاء غياب النصوص التطبيقية المذكورة في القانون، وذكر بأن “الشيطان يسكن في التفاصيل”.

وكان مجلس الحكومة صادق أربع مرات على مسودة قانون الإعلام وأحاله إلى مجلس الوزراء، إلا أن الأخير أرجأه أكثر من مرة، مطالبا بضرورة صياغة تعديلات جديدة.

وعقدت لجنة الثقافة والاتصال والسياحة بالبرلمان الجزائري في فبراير الماضي اجتماعاً حول مشروع القانون، أكدت فيه ضرورة توسيع دائرة النقاش وإثراء مشروع القانون المتعلق بالقطاع والتعرف إلى انشغالات واقتراحات الفاعلين فيه. فيما طالب ممثلو القنوات الخاصة خلال الاجتماع بمواكبة التطورات الحديثة التي تشهدها مختلف القنوات الأجنبية، ومعالجة الصعوبات الاقتصادية التي تعانيها تلك القنوات، وضرورة إيجاد حلول لمشكلة التمويل والإعلان.

وتبث قنوات فضائية خاصة منذ عام 2012 مضامين إخبارية وفنية وسياسية واجتماعية حول الجزائر، فيما تسجل تلك المنصات لدى وزارة الإعلام كقنوات أجنبية معتمدة للعمل في البلاد، وتضطر إلى بث برامجها من الخارج لعدم وجود قانون محلي حول البث السمعي البصري.

وهذا أول تعديل في قانون الإعلام يصدر في عهد الرئيس عبدالمجيد تبون منذ وصوله إلى الحكم في 2019، إذ سبق للحكومات الجزائرية المتعاقبة تعديل القانون الصادر في 1990 مرات عدة.

5