قانون بايدن حول المناخ والصحة يعطي دفعة قوية للديمقراطيين قبل الانتخابات

توصّل بايدن إلى إصدار القانون ولو بصيغة جديدة يُعدّ إنجازا سياسيا ونجاحا مفاجئا يأمل الديمقراطيون أن يعزّز حظوظهم في الانتخابات.
الخميس 2022/08/18
محاولة لاستعادة الثقة

واشنطن- حقق الرئيس الأميركي جو بايدن انتصارا كبيرا للديمقراطيين قبل أقل من ثلاثة أشهر على حلول موعد الانتخابات التشريعية الحاسمة مع إقرار خطته الاستثمارية الواسعة حول المناخ والصحة التي وقعها الثلاثاء.

وينص القانون الذي يتضمن أكبر استثمار توظفه الولايات المتحدة في مكافحة تغير المناخ، على حوافز مالية تهدف إلى دفع الاقتصاد الأميركي باتجاه مصادر الطاقة المتجددة. وهو يضع أيضا سقفا لأسعار بعض الأدوية ويفرض حدا أدنى من الضريبة على الشركات الكبرى.

وقال بايدن في خطاب يطغى عليه الطابع الانتخابي في البيت الأبيض قبل توقيع النص الذي يسمى “قانون خفض التضخم” إنه “يمكن لبلد أن يتغير وهذا ما يحدث اليوم”.

◙ نظام "ميديكير" الصحي العام سيمكّن الذين تجاوزوا الخامسة والستين من التفاوض بشأن أسعار بعض الأدوية

وأضاف أن “الأمر يتعلق بالمستقبل (…) ويتعلق بتحقيق التقدم والازدهار للأسر الأميركية”، مؤكدا أنه “يتعلق أيضا بالبرهنة لأميركا وللشعب الأميركي على أن الديمقراطية مازالت تعمل في الولايات المتحدة”.

وفي البداية كان جو بايدن يأمل في خطة استثمارية أكبر، لكن مجرد تمكنه من إصدار هذا الإصلاح يشكل شبه إحياء سياسي للديمقراطيين قبل انتخابات منتصف الولاية التي ستجرى في نوفمبر ويخسرها تقليديا المعسكر الحاكم.

وبعد مفاوضات شاقة مع الجناح اليميني للحزب الديمقراطي، أصبحت الخطة تقضي بتخصيص 370 مليار دولار لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 40 في المئة بحلول 2030.

ووصف الحزب الجمهوري الإعفاءات الضريبية التي تصل إلى 7500 دولار لشراء سيارة كهربائية بأنها “احتيال”، لكن المنظمة المدافعة عن البيئة “سييرا كلوب” أشادت بالخطوة “الجريئة”.

وقال رئيس هذه المنظمة غير الحكومية رامون كروز إن “الأجيال القادمة ستتذكر هذا اليوم (يوم إقرار الإعفاءات) على أنه اليوم الذي عكس فيه المد ضد قطاع صناعات الوقود الأحفوري من أجل مستقبل أكثر سلامة ونظافة وعدالة للجميع في جميع أنحاء البلاد”.

ويهدف الشق الثاني من هذه الخطة الاستثمارية الواسعة إلى تصحيح جزئي للتفاوت الهائل في الحصول على الرعاية الطبية في الولايات المتحدة، خصوصا عبر خفض أسعار الأدوية.

رامون كروز: الأجيال القادمة ستتذكر يوم إقرار الإعفاءات على أنه اليوم الذي عكس فيه المد ضد قطاع صناعات الوقود الأحفوري من أجل مستقبل أكثر سلامة

وهذه هي المرة الأولى التي سيتمكن فيها نظام “ميديكير” الصحي العام المخصص لكثيرين، خصوصا الذين تجاوزوا سن الخامسة والستين، من التفاوض بشأن أسعار بعض الأدوية مباشرة مع شركات الأدوية.

ولتمويل هذه الاستثمارات ينص الإصلاح على اعتماد حد أدنى للضريبة بنسبة 15 في المئة لجميع الشركات التي تتجاوز أرباحها المليار دولار. وتهدف هذه الضريبة الجديدة إلى منع بعض الشركات الكبيرة من استخدام الثغرات الضريبية التي تسمح لها حتى الآن بدفع ضرائب أقل بكثير من المعدل النظري.

وتفيد تقديرات بأن هذا الإجراء يمكن أن يدرّ عائدات تتجاوز 258 مليار دولار على الدولة الفيدرالية الأميركية خلال السنوات العشر المقبلة.

وشهدت إدارة بايدن، التي تضررت بالانسحاب الفوضوي من أفغانستان العام الماضي والموجات المتتالية من انتشار كوفيد وأعلى مستوى من التضخم منذ أربعين عامًا، سنة صعبة.

إضافة إلى ذلك أعيقت جهودها في معظم الأحيان بسبب الأغلبية الضئيلة جدا التي تتمتع بها في مجلسي النواب والشيوخ.

وترجح استطلاعات الرأي فوز الجمهوريين بأغلبية كبيرة في مجلس النواب -وحتى في مجلس الشيوخ- في نوفمبر، مما قد يجعل جو بايدن رئيسًا صوريًا حتى نهاية فترة ولايته في 2024.

وبينما يبدو الجمهوريون غارقين في فضيحة هفوات دونالد ترامب بشأن وثائق “سرية للغاية” نقلها إلى مقر إقامته الشخصي في مارالاغو، حيث اضطر مكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) إلى جلبها هذا الأسبوع، حقق جو بايدن نجاحات في الأسابيع الأخيرة.

ففي نهاية يونيو الماضي وقع الرئيس الديمقراطي، البالغ من العمر 79 عامًا، قانونًا ينظم حيازة الأسلحة النارية هو الأهم منذ نحو ثلاثين عاما. وفي بداية أغسطس أفرج عن 52 مليار دولار من الإعانات لإعادة إطلاق إنتاج أشباه الموصلات في الولايات المتحدة. كما وقع قانونًا يهدف إلى تحسين رعاية المحاربين القدامى المعرضين للدخان السام.

الخطة تقضي بتخصيص 370 مليار دولار لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 40 في المئة بحلول 2030

وقال بايدن الثلاثاء “أعلم أن هناك اليوم من لديهم نظرة قاتمة ويائسة لبلدنا، لكنني لست منهم”. وأضاف أن برنامج الإصلاح المتعلق بالمناخ والرعاية الصحية الذي صوت جميع الجمهوريين بلا استثناء ضده، يكشف أن “الأميركيين انتصروا ومجموعات الضغط خسرت”.

وتابع أن “هذا هو الخيار المطروح أمامنا: يمكننا حماية الأقوياء أو يمكن أن نتحلى بالشجاعة لبناء مستقبل يؤمّن فرصا للجميع”، مؤكدا أن “هذه هي أميركا التي أؤمن بها”.

ويقتصر القانون على جزء ممّا كان بايدن يطمح إليه بادئ الأمر وفشل في تمريره في الكونغرس، إلا أنّ توصّله إلى إصداره ولو بصيغة جديدة يُعدّ إنجازاً سياسياً ونجاحاً مفاجئاً يأمل الديمقراطيون أن يعزّز حظوظهم في الانتخابات.

ويلحظ القانون رصد 370 مليار دولار للبيئة و64 مليار دولار للصحة، وسيتيح لنظام الضمان الصحّي التفاوض مباشرة على أسعار بعض الأدوية مع المختبرات للحصول على أسعار أكثر تنافسيّة. ولتحقيق ذلك يلحظ القانون إصلاح ثغرات ضريبية وفرض ضريبة جديدة بنسبة 15 في المئة كحدّ أدنى على كلّ شركة تجني أرباحاً تتخطى مليار دولار.

5