قانون بإحداث وزارة إعلام جديدة.. إعادة ضبط وسيطرة على المضامين الإعلامية

التركيز على ترويج الرواية السورية الرسمية إقليميا وعالميا.
الخميس 2024/04/25
انفتاح في الخارج وانغلاق في الداخل

تقول الحكومة السورية إن إصدار قانون بإحداث وزارة إعلام جديدة تحل بدلاً من الوزارة المحدثة عام 1961 يأتي لتواكب مواده التطورات في عالم الإعلام إداريا وإعلاميا، غير أن هذا التبرير لا يقنع الصحافيين الذين يخشون مزيدا من التضييق في ظل حرص الحكومة على الترويج لروايتها داخليا وخارجيا.

دمشق - أصدر الرئيس السوري بشار الأسد قانونا يقضي بإحداث وزارة إعلام جديدة بدلا من الوزارة التي تم تأسيسها في عام 1961 بما لها من حقوق وما عليها من التزامات، لكن القرار لم يخل من الجدل بشأن أهدافه وتأثيراته على الحريات الصحافية والدراما التلفزيونية التي باتت تحت مظلته هي الأخرى، بينما اعتبر صحافيون أن الهدف الترويج للخطاب الرسمي محليا وإقليميا.

وقالت وكالة الأنباء السورية الرسمية “سانا” إن القانون يهدف إلى تمكين وزارة الإعلام من مواكبة التطورات الحاصلة في الأنظمة والأدوات الإعلامية والإدارية حول العالم، بالإضافة إلى تفعيل دورها بشكل أمثل خاصة في ظل ما يشهده القطاع الإعلامي من توسّع وتطور كبير ومتسارع.

ولفتت إلى أن القانون الجديد يضع الوزارة في صلب دورها، خاصة في ما يتعلق بتعزيز ربط الإعلام بالمجتمع، وإنتاج خطاب إعلامي وطني يستند إلى تاريخ الشعب السوري وحضارته، وملتزم بقضايا الوطن والمواطن، إلى جانب ضمان حق المواطن بالحصول على المعلومة والخدمات الإعلامية بأنواعها المختلفة، وبما يكفل حرية العمل الإعلامي والتعبير عن الرأي في الوسائل الإعلامية الوطنية وفقاً لأحكام الدستور والقانون.

بطرس الحلاق: قانون إحداث وزارة الإعلام نقطة انطلاق لتطوير الإعلام
بطرس الحلاق: قانون إحداث وزارة الإعلام نقطة انطلاق لتطوير الإعلام

واختتمت بالتأكيد على أن القانون يأتي لتواكب مواده التطورات في عالم الإعلام إداريا وإعلاميا من جهة، وعمليات التحديث الجارية في الدولة لجميع القوانين وآليات عمل المؤسسات من جهة أخرى.

وتم إنشاء هيئات رقابية ذات إطار تنفيذي مستقل لممارسة تلك المهام، خصوصاً ما طرأ منها مثل مواقع التواصل والإعلام الإلكتروني والنشاط عبر الإنترنت، علماً أن الحكومة قامت منذ العام 2017 تدريجياً بسن قوانين خاصة بالجريمة الإلكترونية وهي تستهدف أساساً الأصوات الناقدة للسياسات الحكومية.

وأثار قانون الإعلام الجديد قلقا لدى أوساط الإعلاميين والصحافيين، وتساؤلات وتكهنات حول مصيرهم، وخاصة بعد اتساع موجة تسريبات تفيد بتعديلات على مواد سبق أن تم الاتفاق عليها وإلغاء مواد أخرى.

ووجه إعلاميون وصحافيون انتقادات احتجاجاً على ما وصفوه بـ”التغييب المتعمّد” لآرائهم وقراراتهم في مواد وفقرات يرفضون وجودها ضمن هذا القانون في حال تمت مشاركتهم في صياغتها.

وكان موسى عبدالنور رئيس اتحاد الصحافيين السوريين قد كشف عن تعديلات طالت بعض مواد مشروع القانون الجديد وإلغاء أخرى، مشيراً إلى عدم معرفته بأسباب إجراء تلك التغييرات والجهة التي أقرّتها.

وأفاد عبدالنور في تصريحات لموقع محلي بأن “المشروع لا يلبي الطموح على الإطلاق، وفيه تراجع كبير في ما يتعلق بالبيئة التشريعية لممارسة مهنة الإعلام في سوريا”.

وعن أهم التغيّرات، قال عبدالنور إن المشروع الذي تم الاتفاق عليه سابقاً كان يتضمّن عبارة “الإعلام بوسائله كافة مستقل يؤدي رسالته بحريّة. إلا أن المشروع الحالي حذف بالصياغة كلمة (مستقل)، لتصبح العبارة: يؤدي الإعلام بوسائله كافة رسالته بحريّة”، مشيراً إلى أن كلمة (مستقل) المحذوفة “تعبر عن توافق القانون مع المعايير المتعارف عليها دولياً في ما يتعلق بممارسة العمل الإعلامي”.

القانون الجديد يتيح لمؤسسات القطاع الإعلامي أن تكون عنصراً من عناصر تنويع الدخل الوطني، ومكوناً من مكونات الأنشطة الاقتصادية الوطنية

وأضاف عبدالنور أنه تم حذف المادة التي تقول “مع عدم الإخلال بالمسؤولية عمّا ينشر في الوسائل الإعلامية من محتوى، لا يخضع العمل الإعلامي للرقابة السابقة”. وحذفت الفقرة (أ) من المادة السابعة، والتي تقول إن “حرية الإعلامي مصونة بالقانون ولا يجوز أن يكون الرأي الذي ينشره الإعلامي سبباً للمساس بهذه الحرية إلا في حدود القانون”. واستبدلت بعبارة “حرية الإعلامي مصونة في إطار المبادئ والقيم” فقط.

كما حذفت الفقرة (ب) من نفس المادة، والتي تقول “لا يحق لأي كان مطالبة الإعلامي بإفشاء مصادر معلوماته إلا عن طريق القضاء وفي جلسة سرية”.

وتابع “تم حذف المادة 101 وهي أساسية بما يتعلق بالإجراءات التي تتخذ بحق الصحافي في حال مخالفة أحكام القانون وتقول: في جميع الأفعال التي تشكل جرائم ويقوم بها الإعلامي في معرض تأدية عمله باستثناء حالة الجرم المشهود، لا يجوز تفتيشه أو تفتيش مكتبه أو توقيفه أو استجوابه إلا بعد إبلاغ الوزارة أو فرع اتحاد الصحافيين لتكليف من يراه مناسباً للحضور مع الإعلامي”. بالإضافة إلى تغيرات طالت مواد أخرى لكنها تقلّ أهمية عن المواد السالفة.

وانتقد إعلاميون التخبط في قانون الإعلام الجديد وبنوده التي لم تعلن كاملة، وقال صهيب المصري إن ما وصل إليه من القانون يتحدث عن “المؤامرة على الوطن، توقيف الصحافي، وعدم إلزام الجهات بتزويد الصحافي بالمعلومة” معتبراً أن ما يتم تسريبه قليل جدا.

وتضمنت التعديلات “التدريب، الترخيص، تشكيل اللجنة الوطنية للدراما”، وغيرها، على أن يصدر الهيكل الوظيفي متضمناً الملاك العددي للوزارة بمرسوم، بينما يصدر النظام الداخلي بقرار من وزير الإعلام، وتصدر التعليمات التنفيذية لهذا القانون بقرار آخر من نظام الأسد.

وأعلن مجلس الشعب في مارس الماضي مشروع القانون المتضمن إحداث وزارة الإعلام، لتحل محل وزارة الإعلام المحدثة بموجب المرسوم رقم 186 لعام 1961 وأصبح قانوناً.

القانون يأتي لتواكب مواده التطورات في عالم الإعلام إداريا وإعلاميا من جهة، وعمليات التحديث الجارية في الدولة لجميع القوانين وآليات عمل المؤسسات من جهة أخرى

من جهته، أكد وزير الإعلام بطرس الحلاق أن قانون إحداث وزارة الإعلام لتحل بدلاً من الوزارة المحدثة عام 1961 يشكل نقطة انطلاقٍ لتطوير قطاع الإعلام الوطني عموماً عبر وضع مرتكزات للتحديث في البنى المؤسساتية الإعلامية الحالية كي تتواءم ومشروع الإصلاح الإداري، وتكون حاضنة فعالة لتحقيق رسالة الوزارة المتمثلة بإنتاج إعلام ملتزم بالهوية الوطنية الجامعة وإعلام محافظ على المفاهيم التربوية والأخلاقية للأسرة والمجتمع.

وأوضح الحلاق في تصريح لقناة السورية أن القانون الجديد يتيح لمؤسسات القطاع الإعلامي أن تكون عنصراً من عناصر تنويع الدخل الوطني، ومكوناً من مكونات الأنشطة الاقتصادية الوطنية.

وأضاف على مستوى عمل الوزارة يأتي هذا القانون ليطور عمل جميع مديرياتها واستقدام مهام جديدة لها قياساً بالقانون الصادر في عام 1961، وعلى سبيل المثال شملت بعض مواد القانون تنظيم مهام أغلب المديريات، مثل مديرية الإعلام الإلكتروني كي تكون قادرة على تعزيز المحتوى الرقمي الوطني على الشبكة العنكبوتية.

ولفت إلى أن القانون الجديد نظم عمليات الإشراف على صناعة الدراما التلفزيونية، كما أتاح المجال للتعاون والمشاركة مع القطاع الخاص للإنتاج الإعلامي والدرامي والأفلام الوثائقية وغيرها، مؤكداً أن هذا القانون شكل لبنة أساسية لتطوير هذا القطاع الوطني المهم.

وفي الشهر الماضي، أصدرت وزارة الإعلام السورية تعميماً منعت بموجبه وسائل الإعلام من منح بطاقات تعريفية للعاملين فيها من أيّ نوع.

وحصر التعميم إمكانية الحصول على هذه البطاقات للصحافيين والموظفين الإداريين بـ”وزارة الإعلام”، تحت طائلة المسؤولية، وذلك بناء على قانون الإعلام وتعديلاته بعد يومين من إصدار قانون الإعلام الجديد، وأشارت التسريبات حينها إلى أن النظام السوري يسعى من خلاله إلى تشديد الرقابة أكثر وربط إنتاج المسلسلات بالوزارة.

5