قانون الغاب يسود غزة مع تفاقم الجوع ومنع دخول الإمدادات

القاهرة - أكد مسؤولو الإغاثة أن تزايد عمليات نهب مخازن المواد الغذائية والمطابخ الخيرية في قطاع غزة يظهر اليأس المتزايد مع انتشار الجوع بعد شهرين من منع إسرائيل دخول الإمدادات إلى الجيب الفلسطيني.
وأفاد سكان فلسطينيون ومسؤولو إغاثة بأن خمس وقائع نهب على الأقل حدثت في أنحاء قطاع غزة الأربعاء، بما في ذلك في المطابخ المجتمعية (التكايا) ومخازن التجار والمجمع الرئيسي لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
ويعتبر تزايد وتيرة عمليات النهب التي تستهدف مخازن الغذاء والمساعدات الإنسانية في قطاع غزة ليس مجرد حوادث فردية، بل هو مؤشر خطير ينذر بانهيار وشيك للنظام المدني وتآكل النسيج الاجتماعي تحت وطأة الحصار المطبق ومنع دخول الإمدادات الأساسية.
وتعكس هذه الحوادث مستوى اليأس والجوع غير المسبوق الذي وصل إليه سكان القطاع، وتؤكد على أن المجتمع الدولي أمام لحظة حاسمة تتطلب تحركا فوريا لرفع الحصار وضمان تدفق المساعدات الإنسانية بشكل مستدام قبل فوات الأوان ووقوع كارثة إنسانية شاملة.
ويأتي ذلك في ظل استمرار القوات الإسرائيلية لهجومها الجوي والبري المكثف في جميع أنحاء غزة، في الحرب التي تقترب من شهرها التاسع عشر.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية أن الغارات الجوية الإسرائيلية قتلت، الخميس، ما لا يقل عن 12 شخصًا.
ووصف أمجد الشوا مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية في غزة عمليات النهب بأنها "إشارة خطيرة إلى ما آلت إليه الأمور في قطاع غزة وبخاصة انتشار المجاعة بشكل كبير جدا وفقدان المواطنين الأمل وحالة الإحباط وغياب سلطة سيادة القانون".
من جهتها، قالت لويز ووتريدج المتحدثة باسم الأونروا من مقر الوكالة في الأردن إن آلاف النازحين اقتحموا مجمع الأونروا في مدينة غزة في وقت متأخر من الأربعاء، وسرقوا الأدوية من صيدليتها وألحقوا أضرارا بالمركبات.
وأضافت في بيان أن "عمليات النهب، على الرغم من كونها مدمرة، ليست مفاجئة في مواجهة الانهيار الشامل للنظام. نشهد عواقب حصار مطول وعنف أنهكت المجتمع".
ونشرت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) الآلاف من أفراد الشرطة والأمن في أنحاء غزة بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في يناير، لكن وجودها المسلح تقلص بشكل حاد منذ أن استأنفت إسرائيل هجماتها واسعة النطاق في مارس.
ووصف إسماعيل الثوابتة، مدير المكتب الإعلامي الحكومي الذي تديره حماس في غزة، حوادث النهب بأنها "ممارسات فردية معزولة لا تعكس قيم وأخلاقيات شعبنا الفلسطيني".
وقال الثوابتة "ما حدث من حالات اقتحام بعض المخازن أو المطابخ لا يمكن فصله عن السياق الإنساني الكارثي المفروض قسرا على أكثر من 2.4 مليون إنسان فلسطيني في قطاع غزة، حُرموا من أبسط حقوقهم في الغذاء والماء والدواء".
وأكد الثوابتة أن "الجهات الحكومية والشرطية في قطاع غزة، ورغم الإبادة الجماعية والظروف القاسية والاستهدافات المتعمدة التي تتعرض لها، تتابع هذه الحوادث وتعالجها بما يضمن حفظ النظام والكرامة الإنسانية".
وحمل الثوابتة إسرائيل المسؤولية واتهمها بأنها تمنع منذ الثاني من مارس دخول الإمدادات الطبية والوقود والغذاء إلى غزة.
وتقول إسرائيل إن هذا الإجراء يهدف إلى الضغط على حماس لإطلاق سراح الرهائن مع تعثر اتفاق وقف إطلاق النار.
ونفت إسرائيل سابقا وجود أزمة جوع في غزة. ولم توضح متى وكيف ستُستأنف المساعدات.
ويتهم الجيش الإسرائيلي حماس بتحويل مسار المساعدات، وهو ما تنفيه الحركة.
وحذرت الأمم المتحدة في وقت سابق من هذا الأسبوع من تفاقم سوء التغذية الحاد بين أطفال غزة.
وتواجه المطابخ المجتمعية، التي كانت تشكل شريان الحياة لمئات الآلاف من الفلسطينيين، خطر الإغلاق بسبب نقص الإمدادات كما أنها مهددة بالنهب.
وقال الشوا مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية لرويترز "هذا سيقوض قدرة المطابخ المجتمعية على توفير وجبات الطعام لعدد كبير من العائلات، وهو مؤشر على أن الأمور وصلت إلى مستوى صعب غير مسبوق".
ويقول مسؤولون فلسطينيون إن أكثر من 52 ألف فلسطيني قُتلوا في الحملة الإسرائيلية على غزة.
وبدأت هذه الحملة بعد أن هاجم مسلحون بقيادة حماس تجمعات سكنية في جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص وخطف 251 رهينة، وفقا لإحصاءات إسرائيلية.
ودُمر جزء كبير من هذا الجيب الساحلي الضيق، تاركا مئات الآلاف من الناس يحتمون في خيام أو مبان مدمرة.