قانون العمل يقود إلى صدام بين الحكومة المصرية والقطاع الخاص

خلافات اتحاد العمال وأصحاب الشركات تزيد فرص تفعيل القانون الجديد.
الأربعاء 2024/11/06
ما يهمنا هو الحصول على الراتب

تسعى الحكومة المصرية إلى سن قانون جديد للعمل بديلا عن الحالي، الذي يتم العمل به منذ عقدين، لكنها تواجه اعتراضات في تطبيقه قبل مناقشته في مجلس النواب، لأنه يهضم البعض من حقوق العمال، خاصة في العلاوة السنوية، والتي يراها كثيرون أنها لا تتواكب مع معدلات التضخم.

القاهرة - تلوح في أفق المشهد الاقتصادي المصري بوادر أزمة بين الحكومة والقطاع الخاص، حيث يناقش البرلمان بعد أيام قليلة مشروع قانون عمل جديدا، تسعى السلطات إلى تطبيقه سريعا، بينما يرى الكثير من العمال أنه لا يلبي طموحاتهم ولا يحقق الأمان الوظيفي لهم.

وترى السلطات أن مشروع القانون المقدم من الحكومة موضوع على أولويات الأجندة التشريعية، وفي مقدمة الاهتمامات في هذه المرحلة، كما تحرص على سرعة مناقشته وإصداره، ولذلك أجرت حوارا مجتمعيا بشأنه في المجلس الأعلى للحوار الاجتماعي بوزارة العمل.

وكي لا تدخل الحكومة في صدام مع المجتمع المدني، شارك في الحوار كل الأطراف المعنية من ممثلي العمال وأصحاب الأعمال واتحاد الصناعات والنقابات وغيرهم من الشرائح المعنية بالأمر، وإن اختلفت فئات المشاركين، لكنها أكدت أن هناك توافقا كبيرا حول القانون.

ويلزم مشروع القانون منشآت القطاع الخاص بقرارات المجلس القومي للأجور، حيث نصت المادة 12 منه على: “يستحق العاملون الذين تسري في شأنهم أحكام هذا القانون علاوة سنوية دورية في تاريخ استحقاقها لا تقل عن 3 في المئة من الأجر التأميني”.

شعبان خليفة: الوقت يبدو غير ملائم والقانون في صالح رجال الأعمال
شعبان خليفة: الوقت يبدو غير ملائم والقانون في صالح رجال الأعمال

وحسب المشروع تستحق تلك العلاوة بانقضاء سنة من تاريخ تعيين العامل، أو من تاريخ استحقاق العلاوة الدورية السابقة، بالاستناد على القواعد المنظمة لتلك العلاوة، حيث يتوقع أن يقوم بإصدارها المجلس القومي للأجور.

وقالت مصادر حكومية لـ”العرب” إن الحكومة تحرص على ضمان حقوق العاملين في الداخل والخارج، وتسعى لتطبيق القانون الجديد، حيث يتضمن وضع ضوابط لمزاولة عمليات تشغيل العامل وإلحاقه بالعمل، وأنه سيحقق التوازن بين حقوق كل من العامل وصاحب العمل.

وينص مشروع قانون في الباب المرتبط بسياسات التشغيل على إنشاء مجلس أعلى لتخطيط وتشغيل القوى العاملة داخليا وخارجيا، إذ يتولى رسم السياسة العامة للتشغيل، ووضع النظم والقواعد والإجراءات اللازمة من واقع احتياجات أسواق العمل.

وأكد رئيس نقابة العاملين بالقطاع الخاص شعبان خليفة أن مساعي الحكومة لإصدار قانون خلال الوقت الراهن غير ملائمة على الإطلاق، لأنه بطبيعة الحال في صالح رجال الأعمال ويأتي على حساب العمال، ولذلك ترفضه النقابة.

وطالب في تصريح لـ”العرب” بضرورة استمرار العمل بالقانون الحالي المؤسس منذ العام 2003، لأن الظروف الاقتصادية الراهنة تجعل إقراره يصعب تطبيقه وغير عادل حال إقراره، وفي مصلحة المستثمرين.

وأشار خليفة إلى أن مشروع القانون غير منطقي بالمرة، لأنه يتضمن إلغاء المحاكم العمالية، وإلغاء العلاوة السنوية العادلة التي تلائم الأوضاع الحالية.

ومن العيوب التي ينطوي عليها القانون الجديد عدم وجود عقد عمل دائم للعمال، بل عقد يمكن تجديده سنويا، ما يكرس للضغوط على العمال وتهديهم بالتسريع، ومن ثم فإن القانون يشتمل على مواد تضر بالعمال ولا تعزز الاستقرار الوظيفي والمجتمعي.

الحكومة تحرص على ضمان حقوق العاملين في الداخل والخارج، وتسعى لتطبيق القانون الجديد

كما أن بإقراره ستكون هناك فرصة لأصحاب الأعمال لإلغاء الكثير من الوظائف بداعي صعوبة الحالة الاقتصادية، بفعل العديد من الضغوط المنجرة عن التكاليف والتضخم.

وفي الوقت ذاته، لا يمكن إنكار أن أصحاب الأعمال والمستثمرين يواجهون عقبات متواصلة نتيجة الزيادات المستمرة في أسعار الكهرباء والمياه إلى جانب المحروقات، وتذبذب أسعار مستلزمات الإنتاج.

وهذه الأمور مجتمعة تؤدي إلى وجود عراقيل دائمة لزيادة رواتب العمال أو منح بعضهم الحد الأدنى للأجور في البلاد.

ولكن اتحاد عمال مصر، المعروف عنه التوافق مع غالبية قرارات الحكومة الخاصة بالعمال، يرى أن قانون العمل الجديد يوفر للعاملين الأمان الوظيفي المناسب.

ويرى الاتحاد أن قانون العمل الجديد ينطوي على مجموعة من التعديلات التي تتوافق مع القوانين والاتفاقيات الدولية التي تهدف إلى حماية حقوق العمال وضمان مصالح أصحاب العمل على حد سواء.

مجدي البدوي: القانون ينظم العلاقة بين الطرفين ويمنع الاستقالة القسرية
مجدي البدوي: القانون ينظم العلاقة بين الطرفين ويمنع الاستقالة القسرية

وأوضح نائب رئيس الاتحاد مجدي البدوي أن القانون الجديد المزمع مناقشته في البرلمان قريبا يعمل على إحداث توازن بين العمال وأصحاب العمل، وتوفير حالة من تنظيم العلاقة الثنائية بينهم، في إطار مبدأ حقوق الإنسان والالتزام بالاتفاقيات الدولية.

وذكر في تصريح لـ”العرب” أن من أهم المزايا المطروحة، هي إلغاء الاعتداد باستمارة 6 والتي كانت تعني إنهاء خدمة العامل أو استقالته مع بداية استلام عمله.

وشرح البدوي قائلا “لقد كان يتم إجبار العاملين من قبل بعض أصحاب العمل على إمضائها كشرط للتعيين، وبالتالي يمكن تسريحهم في أي وقت”.

ويتضمن مشروع القانون الجديد مادة تقضي بأن فصل العامل سيكون عن طريق المحكمة وليس من خلال صاحب العمل، وهي رسالة تطمين مهمة للعمال.

ولا يعد التناقض الواضح بين نقابة العاملين في القطاع الخاص واتحاد عمال مصر في صالح العاملين بالبلاد خاصة الشركات الخاصة، والذين لا يجدون درعا واقيا لهم حاليا، رغم أن نسبتهم تصل إلى نحو 85 في المئة من قوة العمل في مصر.

وتسمح تلك الاختلافات بتمرير القانون الذي ترغب الحكومة في تفعيله، فضلا عن أنه قد يستخدم شماعة لرجال الأعمال لعدم تطبيق الحد الأدنى للأجور (6 آلاف جنيه مصري) مع وجود علاوة ضئيلة، بداعي الظروف الاقتصادية المحلية والإقليمية.

ويرى محللون أنه لإنهاء الخلاف الدائر بشأن القانون المرتقب، فإن ذلك يستوجب زيادة العلاوة الدورية التي تمنح سنويا بمعدل لا يقل عن 7 في المئة بدلا من النسبة المطروحة حاليا وهي أقل من ذلك، لأن هناك شركات عدة يمكنها منح علاوات كبيرة.

ومن المتوقع أن يحظى القانون بنقاشات متنوعة بشأن حقوق المرأة العاملة، لاسيما ما يتعلق بزيادة الإجازات للنساء عند حالة الوضع، فضلا عن التصدي لعمالة الأطفال وتنظيم العمالة غير المنتظمة.

ويهدف ذلك كله إلى تحسين بيئة العمل في السوق المحلية مع ضمان حقوق العاملين في القطاعات غير الرسمية البعيدة عن أعين الأجهزة الرقابية.

11