قانون الجرائم الإلكترونية يثير جدلا في الأردن

برلمانيون ونشطاء يتهمون الحكومةَ الأردنية بالسعي إلى تكريس الاستبداد والأحكام العرفية.
الاثنين 2023/07/17
دورة استثنائية بموجب مرسوم ملكي

عمان - بدأ مجلس النواب الأردني (الغرفة الأولى للبرلمان)، الأحد، أول أيام دورته الاستثنائية المنعقدة بموجب مرسوم ملكي، لمناقشة 8 مشاريع قوانين تمهيدا لإقرارها، منها قانون الجرائم الإلكترونية المثير للجدل والذي يتخوف الأردنيون كما نواب المعارضة من سوء استخدامه لتقييد الحريات.

وفي أولى جلساته برئاسة أحمد الصفدي وبحضور رئيس الوزراء بشر الخصاونة وأعضاء الحكومة، أحال مجلس النواب مشروع قانون الجرائم الإلكترونية إلى اللجنة القانونية، بعد تصويت الأعضاء بالأغلبية لصالح هذا الإجراء، رغم مطالبات نواب برد المشروع للتعديل عليه.

ويتهم برلمانيون ونشطاء الحكومةَ الأردنية بالسعي إلى تكريس الاستبداد والأحكام العرفية، وسط مطالبات بردّ القانون المعدّل الجديد للجرائم الإلكترونية.

حقوقيون يؤكدون على أن الحكومة فرضت قيودا شديدة على حريات التعبير عبر التعديلات الجديدة، فيما ارتفع شرط التعويض المادي كأساس للردع

وقال النقابي الأردني البارز أحمد أبوغنيمة إن ” تعديلات القانون الجديد للجرائم الإلكترونية تعزز الاستبداد”.

وكانت وزيرة الشؤون القانونية نانسي نمروقة قد اعتبرت أن قانون الجرائم الإلكترونية بصيغته السابقة أخفق في ردع الانتهاكات والمخالفات.

والفكرة الأكثر حساسية وإثارة للجدل في النسخة المعدلة، هي اعتبار منصات التواصل الاجتماعي في الولاية الدستورية لقانون الجرائم الإلكترونية المعدل. بمعنى أن القانون سيفرض رقابة شديدة على مجتمع “السوشيال ميديا” بصفة عامة، وستطبق قواعده وأحكامه على تعليقات المواطنين وإنتاجهم عبر وسائط التواصل الاجتماعي.

ويؤكد حقوقيون أن الحكومة فرضت قيودا شديدة على حريات التعبير عبر التعديلات الجديدة، فيما ارتفع شرط التعويض المادي كأساس للردع حسب الوزيرة نمروقة، خصوصا في قضايا الذم والتشهير والقدح.

ويخشى الخبراء من أن يؤدي تطبيق بنود القانون المعدل إلى تعقيدات وقيود بمستويات متقدمة على حريات التعبير.

ويبدو أن الصياغات المعدلة تفرض غرامات مالية ضخمة في ما يتعلق بالمخالفات التي يقررها القانون، كما يخضع أي إنتاج عبر منصات التواصل لمقتضيات الأحكام الإجرامية والجنائية.

ويتضمن مشروع قانون الجرائم الإلكترونية المعدل، إلزاما لمنصات التواصل الاجتماعي خارج الأردن والتي لديها أكثر من 100 ألف مشترك في المملكة بإنشاء مكتب لها في الأردن للتعامل مع الطلبات والإشعارات الصادرة عن الجهات القضائية والرسمية.

وإذا انقضت تلك المدة ولم تلتزم منصات التواصل الاجتماعي خارج الأردن بذلك، فلهيئة تنظيم قطاع الاتصالات اتخاذ تدابير مثل حظر الإعلانات على تلك المنصات في المملكة لمدة 60 يوما، وفي حال انقضاء الستين يوما، فلهم القيام بتقليل عرض نطاق تردد حركة الإنترنت على تلك المنصات.

وفي المقابل، أعلنت وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية التابعة لمديرية الأمن العام الأردنية تزايد نسبة هذا النوع من الجرائم بستة أضعاف منذ عام 2015.

وأشارت المديرية إلى ظهور أساليب جرمية حديثة تم التعامل معها مثل أساليب الشعوذة الرقمية، والاستغلال الجنسي عبر مواقع التواصل، وسرقة المحافظ الإلكترونية، وغيرها، لافتة إلى تزايد قضايا الاحتيال الإلكتروني التي بلغت في العام 2022، 2118 قضية، وبنفس الوقت تزايدت أساليب الابتزاز الإلكتروني إذ بلغت 1285 قضية، في حين بلغت قضايا الذم والقدح والتحقير 3769، وقضايا التهديد 3466، عبر الإنترنت. أمّا قضايا الاختراق فقد بلغت 2115 قضية.

مشروع قانون الجرائم الإلكترونية المعدل، يلزم لمنصات التواصل الاجتماعي خارج الأردن بإنشاء مكتب للتعامل مع الطلبات والإشعارات الصادرة عن الجهات القضائية والرسمية

وتؤكد وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية أنها لن تتوانى عن التعامل بالشكل الأمثل والمطلوب مع كل قضايا الجرائم الإلكترونية التي ترد إليها من خلال تتبعها فنيا، وبما فيها القضايا العابرة للحدود مثل الاحتيال الإلكتروني، أو سرقة الحسابات، ضمن مظلة الإنتربول ومن خلال إدارة الشرطة العربية والدولية، لتحديد هوية المجرمين ومخاطبة الدول المختلفة لاتخاذ المقتضى القانوني بحقهم.

وأوضحت وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية أن توعية المواطنين بحقوقهم وقدرتهم على التقاضي زادت من نسب الجرائم المسجلة لدى الوحدة، وشجع ضحايا هذا النوع من الجرائم على التقدم بشكاوى قانونية.

ويعقد مجلس النواب دورته العادية مرة واحدة سنويا ومدتها 4 أشهر تبدأ في الأول من أكتوبر.

وأما الدورة الاستثنائية فتعقد بناء على دعوة من العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني أو بطلب من الأغلبية المطلقة لمجلس النواب عند الضرورة، ولمدة غير محددة لكل دورة لمناقشة وإقرار مشاريع قوانين أو أي قضايا مهمة أخرى.

وفي الحادي عشر من مايو الماضي، أصدر العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني قرارا بفض الدورة العادية لمجلس الأمة، اعتبارا من الثالث عشر من ذلك الشهر، ليدخل في عطلة برلمانية، على أن تكون دورته العادية المقبلة في الأول من أكتوبر المقبل، وخلال هذه الفترة يمكن للملك أن يدعو البرلمان إلى دورة استثنائية، وهو ما حدث أواخر يونيو الماضي.

2