قانون الجرائم الإلكترونية في الأردن يهدف إلى منع استهداف العائلة المالكة

الحكومة تعاملت بثقة مفرطة مع عرض القانون.
السبت 2023/07/29
استعراض بلا انتقاد: معادلة صعبة التحقق

عمان – أقر مجلس النواب الأردني الخميس قانونا لمعاقبة الجرائم الإلكترونية، في خطوة بدا أن حكومة رئيس الوزراء بشر الخصاونة قد تعاملت معها بثقة مبالغ فيها، وسط انتقادات واسعة لهذا القانون الذي تقول منظمات حقوقية ونشطاء على مواقع التواصل إن هدفه تقييد حرية التعبير.

وقابل المئات من الأردنيين الخطوة الحكومية، التي يصفها مراقبون بـ”غير المحسوبة”، بالاحتجاج في الشارع وسط مخاوف من أن تتسع الاحتجاجات لتطال “الوحدة الوطنية” التي تعني لدى السلطات استهداف العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني والأسرة الحاكمة.

وقالت أوساط سياسية أردنية إن حكومة الخصاونة، التي عرضت القانون، لم تكن تعي أنها بهذه الخطوة تستفز أغلب الأردنيين، خاصة منهم الفئات الشبابية التي تجد في المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي المتنفس الوحيد للتعبير عن رفضها للسياسات الحكومية أو لتصوير الوضع الصعب الذي تعيشه البلاد.

وأضافت هذه الأوساط أن الحكومة لم تكتف بتبني سياسات اقتصادية زادت الأعباء على كاهل الأردنيين، وإنما منعتهم أيضا من نقد هذه السياسات أو التعبير عن معاناتهم خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي التي تحولت إلى فضاء يتبادل فيه الأردنيون الشكوى والسخرية وانتقاد سياسات الحكومة.

التحريض على الوحدة الوطنية صار مرتبطا بالتحريض على الملك وأسرته المباشرة، خصوصا بعد أزمة الأمير حمزة

وتشير الأوساط ذاتها إلى أن ما يخيف السلطات هو أن تتسع الشعارات وتخرج من دائرة انتقاد قانون الجرائم الإلكترونية لتطال السياسات الحكومية ككل، وأن تخرق المناطق الحمراء التي تحرج السلطات من خلال انتقاد الملك والأسرة الحاكمة، كما جرى في الاحتجاجات التي تلت قضية “الفتنة”.

وشارك المئات من الأردنيين الجمعة في مسيرة احتجاجية وسط العاصمة عمان، للمطالبة بسحب مشروع قانون “الجرائم الإلكترونية” الذي يعتبرونه “تضييقا على الحريات” و”تكميما للأفواه”.

وانطلقت المسيرة من أمام المسجد الحسيني، بدعوة من عدة أحزاب ونقابات شعبية، وفق ما أفاد به مراسل الأناضول.

ورفع المحتجون لافتات كتبت عليها شعارات مناهضة لمشروع القانون، من بينها “قانون الجرائم الإلكترونية.. قتل للحياة السياسية”، كما رددوا عدة هتافات رافضة له مثل “حرية حرية.. لا للقبضة الأمنية”.

وطالب المتحدثون في المسيرة، وهم من أمناء أحزاب وقادة تنسيقيات شعبية، العاهل الأردني بـ”التدخل” وعدم تمرير هذا القانون الذي وصفوه بـ”الرجعي”.

كما أكد المتحدثون على استمرار الفعاليات الرافضة للقانون، حتى إسقاطه.

ويعاقب القانون بعض المنشورات على الإنترنت بالسجن لمدة أشهر وغرامات مالية. ويشمل ذلك التعليقات التي تروّج أو تحضّ أو تساعد على الفجور أو تظهر “ازدراء الدين” أو “تقوض الوحدة الوطنية”.

كما يعاقب أولئك الذين ينشرون أسماء أو صور ضباط الشرطة على الإنترنت، ويحظر طرقًا معينة للحفاظ على إخفاء الهوية عبر الإنترنت.

ss

وتنص عقوبة المادة 15 بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر، وبغرامة تتراوح بين 5 آلاف (نحو 7 آلاف دولار أميركي) إلى 20 ألف دينار (نحو 28 ألف دولار) عقب تخفيضها من 40 ألف دينار (نحو 56 ألف دولار).

وذكرت وسائل إعلام أردنية أن رئيس الوزراء أصر خلال مداولات الخميس على أن مشروع القانون لا يتعارض مع الدستور الأردني “الواضح والمتوازن”.

وكانت الحكومة الأردنية أشارت، في وقت سابق، إلى أن مشروع القانون بما يتضمنه من 41 مادة “لا يهدف إلى الحد من الحريات”، وإنما إلى معالجة “المعلومات المضللة” و”خطاب الكراهية” و”التشهير عبر الإنترنت”.

وأثار القانون انزعاج الصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان والجماعات المؤيدة للديمقراطية الذين أبدوا قلقهم من أن صياغته الغامضة ستحد من حرية التعبير، وأن تجريم المحادثات عبر الإنترنت سيسمح بالمزيد من قمع المعارضين السياسيين.

3

أشهر وغرامة تتراوح بين 7 آلاف دولار أميركي و28 ألف دولار في حق من ينشرون أسماء أو صور ضباط الشرطة على الإنترنت

وقال صالح العرموطي، عضو البرلمان ونائب زعيم المعارضة، إن الأردن سيتحول إلى “سجن كبير”.

وقالت منظمات حقوقية إن القانون يهدد حق مستخدمي الإنترنت في عدم الكشف عن هوياتهم، ويشدد سيطرة الحكومة على شبكة المعلومات الدولية.

وانتقدت واشنطن، المانح الرئيسي للأردن، الإجراء قائلة إنه قد يؤثر على حرية التعبير. وتعتبر واشنطن الأردن حليفا رئيسيا في منطقة الشرق الأوسط.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية فيدانت باتيل “مثل هذا القانون، بما يحتوي عليه من تعريفات ومفاهيم غامضة، يمكن أن يقوض جهود الإصلاح الاقتصادي والسياسي في الأردن ويقلص بصورة أكبر الحيز المدني الذي يعمل فيه الصحافيون والمدونون وغيرهم من أعضاء المجتمع المدني في الأردن”.

لكن مشرعين ومؤيدين للقانون يقولون إن انتشار وسائل التواصل الاجتماعي ساعد على انتهاك الخصوصية، وهو ما لم تُغَطِّه القوانين السابقة.

وعام 2018 قررت الحكومة الأردنية السابقة، برئاسة عمر الرزاز، الموافقة على مشروع قانون معدل لقانون الجرائم الإلكترونيّة، وإرساله إلى مجلس النواب، للمضي قدما في إجراءات إقراره وفق القنوات الدستورية.

لكن حكومة الرزاز اضطرت آنذاك إلى سحبه بناء على طلب المجلس، بعدما أثار انتقادا واسعا في البلاد، بسبب ما يحتويه من عقوبات مغلّظة على مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي اعتُبِرت تقييدًا للحريات.

1