قانون الإعلام العماني الجديد يوازن بين الرقابة والحريات

غلبت ردود الفعل الإيجابية على صدور قانون الإعلام الجديد في عمان، وتفاءل العديد من الناشطين والصحافيين بكونه يواكب مستجدات العمل الإعلامي رغم وجود بعض البنود الرقابية والعقابية التي تضبط القطاع مع التأكيد على الحريات كمبدأ أساسي.
عمان - تفاعل صحافيون وناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي في عمان مع قانون الإعلام الجديد الذي ألغى القوانين السابقة وحدد ضوابط ممارسة الأنشطة الإعلامية وحقوق والتزامات الإعلاميين، فيما أثار الجدل حول منح وزارة الإعلام سلطات واسعة للرقابة وحظر المحتوى الصحفي.
وجاء القانون الجديد بعد مطالب حثيثة لتعديل قانون المطبوعات والنشر المعمول به في السلطنة والذي يعود إلى عام 1984، ولم تجرِ عليه إلا تعديلات طفيفة منذ ذلك الحين.
وبدا القانون أنه يهدف الى الموازنة بين الرقابة والحريات، إذ يؤكد على حرية الإعلام وحرية الرأي والتعبير باستخدام وسائل الإعلام، مع إعطاء وزارة الإعلام صلاحيات تبدأ في التوجيه بحظر النشر في موضوع معين، ومنع أي إعلان يخالف ضوابط الوزارة.
وأصدرت الجريدة الرسمية الإثنين تفاصيل المرسوم السلطاني بإصدار قانون الإعلام؛ حيث يلغى كل من قانون المطبوعات والنشر، وقانون الرقابة على المصنفات الفنية، وقانون المنشآت الخاصة للإذاعة والتلفزيون المشار إليها، كما يلغى كل ما يخالف القانون المرفق أو يتعارض مع أحكامه.
وقال عبدالله بن ناصر الحرّاصي وزيرُ الإعلام إن القانون يواكب مستهدفات رؤية عُمان 2040 والمتغيّرات والمستجدّات في العمل الإعلامي والتطوّرات التي أوجدتها التقنيات الحديثة في الإعلام الإلكتروني، ويعزّز رسالته من خلال الالتزام بالموضوعية والصّدق والحياديّة التامّة وحرية الرأي والتعبير وفقًا للنظام الأساسي للدولة وإعلاء قيم المواطنة والانتماء.
وأضاف أن القانون كفل حقوق الإعلاميين ونظّم مهنة الإعلام ووضع ضوابط مزاولة الأنشطة الإعلامية وآليات النشاطات المتصلة بالمصنّفات الفنية والمطبوعات.
وأعرب عن ثقته بأن القانون سيُسهم في الدفع بمسيرة الإعلام العُماني إلى آفاق أوسع وأرحب ويؤسّس لمرحلة جديدة من أجل تسهيل رسالته الوطنية والحضارية وفق تطلّعات وتوجّهات سلطنة عُمان في عصر نهضتها المتجدّدة.
وسلط ناشطون الضوء على أبرز ما جاء في القانون، فيما غلبت التعليقات الإيجابية على ردود الفعل بشأن القانون رغم الجدل حول مسألة الرقابة وحظر النشر في موضوعات معينة. وعلق الصحافي تركي البلوشي:
Turki_albalushi@
قانون الإعلام الجديد (…) طالعت تفاصيله، والسجن عقوبة مدرجة في القانون الجديد، وهو لو ممكن تطبيقه في مواد هي “محل خلاف كبير” خصوصا في جزئية: طلب الوزارة وسائل الإعلام حظر النشر في موضوعات بعينها.
وعلق الإعلامي عبدالله سعيدي قائلا:
N25Abdullah25@
بصدور #قانون_الإعلام اليوم:
يُلغى قانون المطبوعات والنشر الصادر قبل 40 سنة في عام 1984 وقوانين أخرى كقانون المنشآت الخاصة للإذاعة والتلفزيون وقانون الرقابة على المصنفات الفنية.
وهناك تقدم ملحوظ في حماية ممارسي العمل الإعلامي مقارنة بالقانون السابق:
▪️رغم أن القانون الجديد لم يُلغ العقوبات الحبسية على العاملين في هذا المجال كما هو مقترح من مجلس عمان ولكنه سيحد منها كثيرا وسيجعلها تخييرية للجهات القضائية لتكون الغرامة عوضا عنها.
▪️القانون جرم الاعتداء على مزاولي الأنشطة الإعلامية أثناء قيامهم بنشاطهم الإعلامي.
▪️تجريم تعطيل أي أنشطة إعلامية أو التشويش عليها.
وستحدد بلا شك اللائحة التنفيذية التفاصيل الدقيقة ولكن هذه كانت أبرز ملامحه.
وكتب ناشط:
2006_hadadi@
نسأل الله أن يجعل #قانون_الإعلام بداية لانطلاقة جديدة للإعلام العماني في ظل المتغيرات المحلية والدولية المتسارعة التي تتطلب إعلاميين أكثر خبرة وأدوات أكثر ذكاء لتلبية رغبات الجمهور المتطور، وإعادة تقديم بلادنا كقوة حضارية متجددة.
وقال آخر:
MrOneLawati@
ستكون لي عودة إلى هذا المرسوم بحكم التخصص والتجربة. هذا القانون بالذات سيؤثر في كل قطاعات الدولة، بل حتى في العلاقات الدولية.
أتمنى أن يكون أثرا إيجابيا #قانون_الإعلام.
وجاء في تغريدة:
oman1983@
#قانون_الإعلام
حقوق والتزامات الإعلامي
يحق للإعلامي نشر أو بث الأخبار أو المعلومات والبيانات التي لا يحظر هذا القانون أو أي قانون آخر نشرها أو بثها، ويؤدي أعماله باستقلال تام ولا يجوز التدخل في عمله أو ممارسة وسائل الضغط والإكراه ضده، ولا يجوز إجبار الإعلامي على إفشاء مصادر أخباره أو معلوماته وذلك دون الإخلال بمقتضيات الأمن الوطني والدفاع عن الوطن.
ونشرت وزارة الإعلام أبرز الأحكام التي يتضمنها القانون الجديد، ومنها: تنظيم جميع الأنشطة الإعلامية التي تتم بشكل كلي أو جزئي، وبشكل دائم أو مؤقت؛ بما في ذلك الأنشطة الإعلامية التي تقدمها وحدات الجهاز الإداري للدولة وغيرها من الأشخاص الاعتباريين العامين، وتحديد الحقوق والحريات التي يتمتع بها مزاولو الأنشطة الإعلامية، بما يتوافق مع النظام الأساسي للدولة.
ويشتمل القانون على تحديد المحظورات على مزاولي الأنشطة الإعلامية على سبيل الحصر؛ بما لا يخل بما ورد في النظام الأساسي للدولة، فضلًا عن تحديد ضوابط ممارسة الأنشطة الإعلامية بشكل واضح ومحدد، وبیان حقوق والتزامات الإعلاميين المخاطبين بأحكام القانون، علاوة على كفالة حق الرد والتصحيح في حالة نشر أو بث معلومات غير صحيحة في أي وسيلة إعلامية.
أما فيما يتعلق بالعقوبات الواردة في قانون الإعلام، فإن مواد القانون تحد من عقوبة السجن إلى أضيق نطاق، وتجعلها تخييرية؛ حيث يجوز للجهات القضائية إيقاع عقوبة الغرامة عوضًا عنها. كما يُجرِّم القانون الاعتداء على مزاولي الأنشطة الإعلامية في أثناء أو بمناسبة قيامهم بنشاطهم الإعلامي، وتجريم تعطيل أو تشويش أي أنشطة إعلامية.
ونص القانون على أن حرية الإعلام مكفولة وفق أحكام النظام الأساسي للدولة وهذا القانون، وتشمل بصفة خاصة حرية الرأي والتعبير باستخدام وسائل الإعلام، وحق الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين في ممارسة الأنشطة الإعلامية المنصوص عليها، وحق الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين في الحصول على المعلومة وتداولها بطريقة مشروعة. كما أكد على حظر الرقابة المسبقة على ممارسة الأنشطة الإعلامية، والحق في تلقي الرسالة المعرفية والإعلامية.
وعلى الرغم من أن القانون أكد أن حرية الإعلام مكفولة وكذلك حرية الرأي والتعبير، إلا أنه حدد ثلاثة بنود يحظُر نشرها وبثها وهي تؤثر بشكل مباشرة على هذه الحرية، وهي: أي إعلان يُخالف الضوابط التي تضعها وزارة الإعلام لنشر أو بث الإعلانات، أو يتنافى مع الآداب العامة أو يهدف إلى تضليل الجمهور. وكل ما يتعلق بالتحقيقات أو المحاكمات ما لم يكن النشر بناء على حكم قضائي نهائي. وأي خبر أو بيان أو معلومة أو غيرها صدر توجيه من الوزارة بحظر النشر فيها.
كما تضمن القانون بنودًا يلزم على من تسري عليهم أحكام القانون مراعاتها، وهي أداء الرسالة الإعلامية بموضوعية وصدق، وتقديم الأحداث بحيادية تامة، وإبراز التاريخ والحضارة العمانية والتراث والثقافة والفنون العمانية ومكانة الدولة، بالإضافة إلى عدة بنود أخرى ومنها نشر وبث التصريحات الرسمية والبلاغات متى طلبت الوزارة ذلك.
واعتبر الكاتب الصحافي سالم الجهوري، نائب رئيس جمعية الصحافيين العمانية، أن قانون الإعلام الجديد سيمثل نقطة تحول مهمة في مسيرة الإعلام في سلطنة عمان خلال المرحلة المقبلة، على ضوء التوافقات التي تمت بين مجلسي الدولة والشورى في التعديلات التي أُدخلت عليه، ومساحة جيدة تساهم في تطوير العمل الصحفي والإعلامي بما يتواكب مع مستجدات المرحلة التي نحتاج فيها إلى تطوير التشريعات المنظمة للعمل الإعلامي بعد 40 عامًا من صدور القانون الأول الذي صدر في ثمانينات القرن الماضي.
وحدد القانون 9 أنشطة إعلامية على من يرغب في ممارستها الحصول على ترخيص من الوزارة وفقاً للشروط والضوابط والإجراءات، ومنها الصحيفة، والقنوات السمعية أو المرئية، ووكالة الأنباء، ودور النشر، والمواقع والحسابات الإخبارية، والخدمات والاستشارات الإعلامية.
وأشارت المادة 11 إلى أنه لا يجوز للوزارة الترخيص لمزاولة أي نشاط إعلامي يكون قائمًا على أساس ديني أو مذهبي أو طائفي أو عرقي أو طبقي، أو على التفرقة بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو المواطن، كما لا يجوز الترخيص لما يحضّ على الإباحية أو الكراهية أو العنف أو الدعوة إلى ممارسة نشاط معاد للمبادئ والقيم.