"قابس سينما فن" ينفتح على قضايا الإنسان والأرض في دورة حضورية

قابس (تونس)- بعد تأجيل خلّفته تبعات فايروس كورونا المستجد، تنعقد الدورة الثالثة من مهرجان “قابس سينما فن” بمدينة قابس (جنوب تونس) في الفترة الممتدة بين 18 يونيو الجاري والسادس والعشرين منه.

وتتضمّن النسخة الثالثة من المهرجان 70 فيلما، من بينها 28 فيلما في قسم السينما و26 فيلما تتم برمجتها للمرة الأولى في تونس، إلى جانب 15 فيلما جديدا في قسم الواقع الافتراضي و18 عملا لفنانين تونسيين وعالميين في قسم فن الفيديو، منها تسعة عروض عالمية أولى.

وبرمج القائمون على المهرجان ثمانية أفلام في قسم سينما الأرض، وذلك بهدف إعادة التفكير في العلاقة بين الإنسان وبيئته، خاصة وأن قابس تعاني من آفة التلوّث منذ عقود نتيجة تمركز العديد من المصانع الكيميائية فيها. كما يقدّم المهرجان قسما مخصّصا للتفكير حول فن الصورة.

هند صبري ستحل للعام الثالث على التوالي ضيفة على المهرجان، وهي المديرة الشرفية له منذ العام 2019

وإلى جانب الأفلام تنتظم إقامة فنية وورشات تفكير ونقد فني، ليتجاوز المهرجان العروض السينمائية من أفلام قصيرة وطويلة ووثائقية وتسجيلية إلى نقاش عميق بخصوص الفكر والفن وإلى تشكيل رؤية أخرى للسينما تطرح بعمق قضايا الإنسان والأرض.

والمهرجان الذي يقوّض فكرة المركزية الثقافية، ويحاول في جوانب منه تضميد جراح محافظة قابس النازفة من فرط التلوث، بلغت موازنته هذا العام 800 ألف دينار (حوالي 280 ألف دولار).

وعن النسخة الثالثة قالت فاطمة الشريف مديرة المهرجان “هي نسخة استثنائية كونها دورة حضورية بعد دورة ثانية من المهرجان كانت افتراضية على منصة بث خاصة بعرض الأفلام في العام الماضي، وهو ما ساهم في انتشار المهرجان عربيا ودوليا، خاصة أن مهرجان قابس سينما فن لا يعنى فقط بالسينما لتجاوز ما هو سائد في المهرجانات السينمائية، إذ أن المهرجان به قسم لفنون الصورة وقسم فن الفيديو وقسم الواقع الافتراضي بهدف التركيز على إبراز السينما العربية المستقلة التي يكون فيها المخرج المؤلف نجما دائما للفيلم وطرحه المختلف بعيدا عن البعد التجاري للسينما”.

ويتوجه المهرجان هذا العام إلى عدد من الفضاءات الثقافية بقابس ومطماطة والحامة ومارث، إلى جانب عروض بالهواء الطلق بكل من سوق جارة وسوق المنزل بقابس المدينة، بالإضافة إلى القيام ببعض العروض تابعة لقسم الواقع الافتراضي بالسجن المدني بقابس تأكيدا على حق المساجين في الثقافة والترفيه.

وتحت شعار “تعالا حس” (تعال أشعر) يتواصل احتفاء “قابس سينما فن” بقسم الواقع الافتراضي الذي يميّز المهرجان منذ انطلاق دورته الأولى في العام 2019، وعنه يقول رئيس قسم الواقع الافتراضي محمد العربي صوالحية “هو قسم يجمع بين الفن والتكنولوجيا والذي يعدّ قسما مميزا لمهرجان قابس سينما فن، ويتألّف القسم من برمجة متنوّعة من الأعمال الفنية والتجارب المختلفة خاصة مع نزلاء السجن المدني بقابس”.

وقسم الواقع الافتراضي “في.آر”، هو قسم يجمع بين الصورة والتكنولوجيا، ويمكّن المُشاهد من التماهي مع تفاصيل العرض من خلال تقنية تشكّل وجودا ماديا آخر له بواسطة البرمجيات، وتمكنّه من الغوص في الأحداث والتفاعل مع الشخصيات دون حواجز.

ومن المنتظر أن يتم افتتاح هذا القسم الذي يضم 15 عملا من 15 دولة، بعرض للفنانة التشكيلية التونسية هالة لمين تحت عنوان “باق على قيد الحياة” وهو عمل تصويري طور الانجاز ينهل من الواقع الافتراضي.

وضمن قسم فن الفيديو ستحتضن الحاويات الضخمة التي سيتم تركيزها على شاطئ مدينة قابس معارض في فنّ الفيديو لفنّانين من تونس والعالم. وسينفتح هذا القسم خلال الدورة الثالثة على أعمال الفنانين الشبان، من خلال تنظيم إقامة فنية خاصة بأعمالهم تحمل اسم “ك أوف” والتي سيتمّ تدشينها خلال المهرجان.

وسيكون لمحبّي الفن السابع من هواة ومحترفين مواعيد هامة مع العاملين في المجال السينمائي من خلال برنامج الـ”ماستر كلاس”، حيث سيقدّم الصحافي والمراسل الحربي كريم بن خليفة مسيرته المهنية ومنهجه ويفسّر الأسباب التي دفعته إلى اختياره السينما الافتراضية لنقل لحظات الصراع الصّعبة التي مر بها خلال حياته وكيف طوّعها من أجل الوصول إلى الحرية في أعماله.

كما يخصّص “درس السينما” لأفلام طارق تقية، حيث سيتابع طلبة مدارس السينما في تونس عوالم هذا المخرج من خلال حواره معهم يتخلّلها عرض لمقتطفات من أفلامه.

وبرمج المهرجان هذا العام إحداث ورشة للكتابة النقدية بثلاث لغات (عربية وإنجليزية وفرنسية) سيستفيد منها عشرة مشاركين، وتختتم هذه الورشة بإصدارات لنقاد شبان، وسيشارك في إدارة الجلسات كل من الناقد السينمائي والباحث علي عدوي إلى جانب سعد شكالي وأليكسيا رو، المؤلفين والمساهمين في مجلة السينما الإلكترونية “لو رايون فيرت”.

ويؤكّد المنظمون أن توجههم قائم على التركيز على القيمة الفنية للسينما ومختلف الأقسام ضمن المهرجان بعيدا عن البعد التجاري للسينما، إذ ستكون الممثلة هند صبري ضيفة المهرجان هذا العام، وهي المديرة الشرفية له منذ بدايته سنة 2019.

ويتطلع مهرجان “قابس سينما فن” من خلال انفتاحه الدائم على التقنيات التكنولوجية الحديثة في مجال الفنون المعاصرة إلى إرساء سينما الغد، باعتماده في كل دورة جديدة على تقنيات الواقع الافتراضي متفاعلا مع تحدياتها وساعيا إلى الانخراط في عوالمها الإبداعية بإرساء أسس مهرجان سينمائي بديل ومنفتح، يتخذ من خصوصية قابس الواحة المتوسطية الوحيدة في محيطها الإقليمي فضاء حاضنا.