قائمة "مهام" من أجل الحزن الصحي بعد فاجعة الوفاة

برلين - دائما ما يواجه الشخص المكلوم تحديا عندما يموت شخص مقرب، سواء كان بصورة مفاجئة أو بعد فترة طويلة من المرض.
وتقول ماري راشر هيلد، المشاركة في رئاسة الجمعية الاتحادية المعنية بالاستشارات بشأن الأحداث المثيرة للحزن، “أولا، من المهم استيعاب حقيقة الموت والحاجة إلى تقبلها”.
وأصبح الكثير من الخبراء في مجال علم النفس الخاص بالحزن لا يتحدثون عن “مراحل” الحزن التي يمر بها المرء بصورة سلبية، ولكن عن “المهام” النشطة للحزن الصحي، خاصة في حالات الخسارة المفجعة مثل وفاة طفل أو الوفاة الناجمة عن حادث أو كارثة طبيعية أو حادث قتل أو انتحار.
ويقول المعالج النفسي والاستشاري في الشؤون المتعلقة بالحزن والمؤلف رولاند كاشلر “عملية الحزن لا تسير على خط مستقيم، ولكنها دوامة، حيث إنها تعيد المرء باستمرار إلى وجع القلب”، مضيفا أن “جميع الثكالى لديهم مسألة واحدة يتعين أن يتعاملوا معها وهي ببساطة التوصل إلى كيفية النجاة ومواصلة العيش”.
حالة الحزن لا تتخذ خطا مستقيما، وإنما هي دوامة؛ فهي دوما تعيد المرء إلى وجع القلب والإحساس بالفقد
وتقول راشر هيلد إن في البداية، يتعين أن يواجه المرء الواقع، مضيفة “من المهم أن يودع المرء النعش، لأنه حين ذاك يصبح الموت بصورة حقيقية النهاية بالنسبة إليه، سواء كان متوقعا أم لا”. ومن الأمور التي تعتبر مرغوبة قيام المرء برؤية أو لمس المتوفى، حتى إذا كانت الوفاة ناجمة عن انتحار أو حادث. وتقول راشر هيلد “رؤية الجثة لن تبقى معك”. وأوضحت “في ذاكرتك، ومن خلال الصلة مع المتوفى التي سوف تستمر في السعي لها، سوف يصبح الأمر كاملا مجددا”.
في بداية الأمر يحتاج الشخص المكلوم إلى الأشخاص المقربين منه، الذين يقفون بجانبه أثناء حزنه ويقومون بأمور بسيطة بدون أن تُطلب منهم، ربما إعداد وجبة من حين إلى آخر، على سبيل المثال. ويقول كاشلر “هذه تعبيرات أولية عن الاهتمام”.
وأضاف كاشلر أنه لا يكفي أن يقول شخص ما للشخص المكلوم “يمكنك دائما أن تعتمد علي” وبعد ذلك ينتظر إشارة، لأن “في هذا الوضع الوجودي لن يتصل أحد. فهم مشغولون بأنفسهم، ولا يريدون أن يكونوا عبئا على الآخرين”.
وأشار كاشلر إلى أن بعض النصائح ذات المغزى مثل “يجب أن تتعلم أن تتخلى عن الأمر” يمكن أن تكون غير فعالة. وعلى العكس، ينصح كاشلر الشخص المكلوم بالحفاظ على ذكرى المتوفى ودمجها في حياته. يمكن لحب الشخص المكلوم لفقيده الاستمرار، في حين من الممكن أن ينحسر الحزن.
وبالنسبة إلى الكثير من الثكالى، من المفيد جمع الذكريات وتنظيم الصور أو تخصيص مكان في المنزل بحيث يمكن للشخص إشعال شمعة أو وضع باقة من الزهور بصورة دورية.
أو يمكن للشخص المكلوم الجلوس بهدوء في مكان كان يمثل أهمية لعلاقته بالفقيد، أو كرسي أو طاولة صغيرة، حيث يمكنه إجراء حوار داخلي مع الفقيد.
والأمر الثاني الذي يتعين على المرء القيام به هو تعلم العيش مع فكرة فقدان أحد أحبائه. عندما ترى مكان زوجك على طاولة العشاء فارغا الآن أو حقيبة طفلك المدرسية غير مستخدمة، فإن ألم الفقد يصبح أكثر شدة. ويقول كاشلر “من المهم أن تتعايش مع حزنك”.
وتقول راشر هيلد إن الكتابة يمكن أن تقدم السلوى أيضا، على سبيل المثال، كتابة الذكريات، والاحتفاظ بمدونة تكتب فيها مشاعرك أو كتابة خطاب للمتوفى. وقالت “من المهم أن يعبر الشخص عن نفسه بحيث يخرج مشاعره الحزينة”.
وتشير راشر هيلد إلى أن الثكالى غالبا ما يعانون من مجموعة من المشاعر. وقالت “في بعض الأحيان يميلون للشعور بالغضب من ظلم (الموت) أو شعور شديد بالعجز بحيث يشعر المرء أنه لن يزول”. وأوضحت أن الانضمام إلى مجموعة دعم على وجه الخصوص يمكن أن يكون أمرا مساعدا للغاية.
ويشير الخبراء إلى أن من المهم التكيف مع الحياة بدون المتوفى والمضي إلى الأمام. ويقول كاشلر “المكان الشاغر سوف يبقى بالتأكيد، ولكن الحياة تستمر والمتوفى سوف يكون جزءا منها بصفته شريكا داخليا أو مصدر طاقة”.
وأضاف “يتعين أن تكون لحياة المرء معنى وأن تجلب له السعادة مجددا”. وقال إن على الرغم من أن ذلك سوف يكون أصعب بعد خسارة ثقيلة، لذلك كيف يمكن القيام بذلك بصورة أسهل؟
ويقول كاشلر “قم بحذر بأداء الأمور الصغيرة التي تتقنها، وتوصل إلى حل لمشكلة الولاء في حوار داخلي مع المتوفى”، مشيرا إلى أن “خلال عام ونصف العام بعد الفقد مباشرة، خاصة إذا كان الأمر صعبا، يمكن القيام بذلك جزئيا”.
وأوصت راشر هيلد بأن يدرك المرء موارده وما الذي اعتاد على الاستمتاع بعمله. وقالت “يساعد كثيرا أن يقوم المرء بفحص سيرته الذاتية وإدراك ما كان عليه حاله قبل وفاة الشخص المقرب، كيف كان قبل أن ينهار عالمه؟ أين يمكن أن يعيد استكشاف نفسه؟”.
وتقول إن على المرء التفكير في ما إذا كان هناك أمر ما دائما ما كان يخطط القيام به والآن لديه الوقت لفعل ذلك. وأضافت “قم بالسماح لنفسك بالقيام بالأمور التي تبرع فيها، ولا بأس القيام بها” سواء كان الاشتراك في تدريب للرقص أو الذهاب في رحلة أو تعلم الرسم.
ويقدم كاشلر أملا للثكالى الذين قاموا بالمهام المتعددة للحزن الصحي “عندما تنتهي من جميعها، تكون انتهت” وهذا لا يعني أن الحزن سوف يختفي بلا آثر.
وقال “دائما سوف تكون هناك لحظات تتذكر فيها الأمر مجددا” مثل مناسبات ذكرى معينة أو مناسبات خاصة. وأضاف أن هذه اللحظات لن تكون قوية مثلما كانت من قبل، حيث ستتجسد على هيئة “حزن محدود” أو شعور بالكآبة.