قاآني يستكمل ضبط الفوضى في صفوف الأحزاب والميليشيات المشكلة للحكومة العراقية

بغداد - استكمل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاآني جهود إعادة ترتيب صفوف حلفاء بلاده في العراق من قادة أحزاب وفصائل شيعية مسلّحة، بعد أن داهمتها الفوضى بسبب استشراء الخلافات بين هؤلاء القادة المنضوي أغلبهم ضمن الإطار التنسيقي المشكّل لحكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني التي واجهت خلال الفترة الأخيرة سلسلة من الأزمات والفضائح دفعتها إلى حافة الانهيار، وهو ما عملت طهران على منعه حفاظا على استقرار سلطة حلفائها وحراس مصالحها ونفوذها في البلد.
وتلقت الحكومة دفعة دعم قوية من خلال زيارة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان قبل أيام إلى العراق حيث كانت له لقاءات ومباحثات مع أبرز قادة الإطار التنسيقي قالت مصادر سياسية إنّه تم التطرّق خلالها إلى الخلافات بين هؤلاء القادة وبين بعضهم ورئيس الوزراء، وإن بزشكيان حثّهم على التهدئة وخفض الضغوط على السوداني.
وتقيم مؤسسة الرئاسة الإيرانية تقليديا علاقات جيدة مع كبار قادة الأحزاب العراقية التي تمّكنت بعد الغزو الأميركي للعراق من الوصول إلى سدّة الحكم بعد أن كان هؤلاء قد مرّوا بإيران وشكلوا أحزابهم هناك وأداروا معارضتهم لنظام حزب البعث من داخل الأراضي الإيرانية، الأمر الذي يجعل لرؤساء إيران كلمة مسموعة لديهم وقدرة على التأثير في مواقفهم وتوجيهها.
لكنّ الأمر مختلف مع عدد من الميليشيات المسلّحة المرتبطة بشكل مباشر بالحرس الثوري الإيراني المرتبط بدوره بالمرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي. ويفسّر ذلك الارتباط مدى القوّة التي تتمتّع بها تلك الفصائل ما يجعلها في الكثير من الأحيان تتمرّد على الحكومة وقراراتها. ووجهت الميليشيات العراقية، التي تعلن انتماءها إلى ما يعرف بمحور المقاومة وتنفّذ من حين إلى آخر هجمات على مواقع تمركز القوات الأميركية في العراق، ضغوطها على الحكومة صوب ملف تواجد تلك القوات متهمة السوداني بالتخاذل في إخراجها من البلاد.
◙ إنهاء الوجود العسكري الأميركي على الأراضي العراقية يعتبر مطلبا إيرانيا في الأصل تستخدم طهران أذرعها المحلية في الدفع باتجاه تحقيقه
ويعتبر إنهاء الوجود العسكري الأميركي على الأراضي العراقية مطلبا إيرانيا في الأصل تستخدم طهران أذرعها المحلية في الدفع باتجاه تحقيقه. لكنّ القيادة الإيرانية تعطي الأولوية في الوقت الحالي لاستقرار حكومة الإطار التنسيقي لتوظيفها في الالتفاف على العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران من قبل الولايات المتّحدة.
وواجه السوداني خلال الفترة الأخيرة فضيحتين انفجرتا بشكل متزامن وتمثلتا في ضلوع مسؤولين كبار في مكتبه في قضية تجسس على نواب البرلمان، وأيضا في تطور ما يعرف بسرقة القرن إلى اتهامات لسياسيين وقضاة بالتورط فيها إلى جانب المتهم الرئيسي في القضية نور زهير الملاحق باختلاس حوالي 2.5 مليار دولار من أموال الأمانات الضريبية، ورغم ذلك أطلق سراحه وسمح له بمغادرة البلاد في دليل على حجم تواطؤ الأجهزة الرسمية معه.
وأثّرت الفضيحتان بشكل واضح على استقرار الحكومة إذ زرعتا الفوضى في صفوف القوى الشيعية المشكّلة للإطار التنسيقي المساند لها، وأتاحتا الفرصة للمعسكر الذي يقوده رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي والساعي لقطع مسار السوداني بإقالة حكومته قبل انتهاء فترتها القانونية وتنظيم انتخابات برلمانية مبكّرة تفضي إلى تشكيل حكومة جديدة.
ومعروف أنّ لإيران دورا أساسيا إلى جانب الولايات المتّحدة في قيام النظام العراقي الحالي على أنقاض النظام السابق الذي انهار بفعل الغزو الأميركي للعراق سنة 2003. ومنذ ذلك الحين أصبح لطهران دور ثابت في اختيار من يتولى قيادة الحكومة العراقية من بين القوى الشيعية الحليفة لها. واحتاجت حكومة السوداني إلى سلطة قائد فيلق القدس على الميليشيات الشيعية للجمها وتخفيف ضغوطها، ومن هنا جاءت أهمية زيارة قاآني للعراق إثر زيارة بزشكيان.
وقال رسول راضي، القيادي في ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي، إن “قاآني زار بغداد بهدف توثيق العلاقة ما بين العراق وإيران بشكل أكبر”، موضحا أنّ قائد فيلق القدس “عقد لقاءات خاصة وفردية مع بعض الأطراف السياسية داخل الإطار التنسيقي وكذلك مع بعض الفصائل المسلحة التي هي خارج سيطرة الحكومة العراقية، وحثهم على التهدئة السياسية والعسكرية خلال هذه الفترة الحساسة التي يشهدها العراق وعموم المنطقة".
ومن جهته قال مصدر نقلت عنه وكالة شفق نيوز الإخبارية إن "قاآني انخرط فور وصوله إلى العراق بعقد لقاءات جماعية وفردية مع قادة الفصائل المسلحة الموالية لإيران"، موضحا أن من بين من التقاهم القيادي في الحرس الثوري "رئيس منظمة بدر هادي العامري والأمين العام لعصائب أهل الحق قيس الخزعلي وقائد كتائب حزب الله العراق حسين الحميداوي".