في موقف غير معتاد: البحرين تحث قطر علنا على حل الخلافات العالقة

المنامة- خرج الاتصال الذي أجراه ولي عهد البحرين الأمير سلمان بن حمد آل خليفة مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني عن الاتصالات المعتادة، وذلك من خلال مطالبة قطر بحل المشاكل العالقة مع بلاده، في موقف يظهر أن المنامة باتت على ثقة بأن الاتصالات واللقاءات والوساطات البعيدة عن الأضواء لا تؤثر في موقف قطر، وأن الحل في تحميلها المسؤولية وبشكل علني عن تأخر المصالحة الثنائية عن مسار مصالحة قمة العلا في يناير 2021.
ويأتي تصريح ولي عهد البحرين بعد أيام قليلة على لقاء خاطف جمع العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة وأمير قطر على هامش القمة العربية المصغرة التي احتضنتها أبوظبي.
وقالت أوساط خليجية متابعة للخلاف القطري – البحريني إن تصريح الأمير سلمان بن حمد يحمل إشارة واضحة إلى أن لقاء المجاملة الذي تم في أبوظبي لا يعني أن الخلاف بين الدوحة والمنامة قد تم حله، وأن المصالحة لا تقف عند التقاط الصور والإيحاء بأن البلدين قد امتصا حالة التوتر بينهما.
◙ قطر تعاملت مع البحرين كمكون هامشي في المصالحة مستغلة اهتمام السعودية بمشاغل كثيرة داخليا وخارجيا
وأشارت الأوساط الخليجية إلى أن البحرين كانت تعتقد أن لقاء أبوظبي بين الملك حمد بن عيسى والشيخ تميم ستتبعه إجراءات قطرية عاجلة على رأسها توجيه الإعلام القطري بوقف الحملات من جهة، وإظهار حسن النوايا باستثمار لقاء أبوظبي للإشارة إلى الرغبة في المصالحة، لكن ذلك لم يحصل، وكأن اللقاء لم يتم.
ومن الواضح أن البحرين ملّت من الوضع القائم، حيث استفادت الدوحة من المصالحة الخليجية من خلال تبادل الزيارات واللقاءات مع السعودية والإمارات ومصر، فيما لم تستفد المنامة من المصالحة التي تم إقرارها في قمة العلا كخيار ملزم للجميع.
وفيما عادت العلاقات القطرية – الخليجية الأخرى إلى مسارها الطبيعي، فإن العلاقة مع البحرين بقيت متوترة في ظل تجاهل قطري رسمي للمنامة، واستمرار الاستهداف الإعلامي لها من منابر قطرية.
ولم تعقد البحرين وقطر محادثات ثنائية بعد، باستثناء اللقاء العابر بين عاهل البحرين وأمير قطر على هامش قمة أبوظبي.
وإلى حد الآن لم تُستأنف الرحلات الجوية المباشرة بين الدوحة والمنامة، ولا تزال سفارتا البلدين مغلقتين. وبينما كان يُنظر إلى بطولة كأس العالم في قطر – على نطاق واسع – على أنها فرصة للقاء خليجي شامل، غاب المسؤولون البحرينيون عن حفل الافتتاح.
وينظر القطريون إلى البحرين كمكون ثانوي داخل المنظومة الخليجية، وأنها لا تملك الثقل السياسي والاقتصادي الذي يجعلهم حريصين على طي صفحة الخلافات معها، مستغلّين اهتمام السعودية بقضايا ومشاغل كثيرة داخليا وخارجيا.
وسبق أن اشتكى وزير الخارجية البحريني عبداللطيف بن راشد الزياني من عدم تجاوب قطر مع دعوات بلاده المتكررة للحوار، نافيا صحة الذرائع القطرية التي تتحدث عن غياب توافق بشأن آليات حل الخلافات.
وقال الزياني في تصريحات سابقة إن “البحرين وجهت الدعوة إلى الجانب القطري ثلاث مرات دون رد، واقترحت عقد الاجتماعات الثنائية للجان الفنية في مقر الأمانة العامة لمجلس التعاون في الرياض باعتبارها المنظومة الأم التي ترمز إلى العمل الخليجي (…)، وقام أمين عام مجلس التعاون بنقل الطلب البحريني إلى الدوحة والتي لم تستجب حتى الآن للرد على هذا المقترح”.
ويرى مراقبون بحرينيون أن المصالحة التي تمت في قمة العلا كانت مرتبطة بخلافات سياسية آنية تم حلها، لكن خلاف بلادهم مع قطر أعمق من عناصر الخلاف الخليجية – القطرية، وهو أعمق من موضوع الإخوان.
وتركت النزاعات التاريخية حول الحدود والشكاوى أمام المحاكم الدولية أثرها على نفوس البحرينيين، إضافة إلى شرخ كبير بين البلدين بسبب تحالف قطر مع إيران ضد البحرين ومساندتها المعارضة الشيعية التي يحرّكها النظام الإيراني لخدمة مصالحه.
وخلال احتجاجات 2011، اتهمت البحرين قطر مرارا بالتدخل في شؤونها الداخلية ومحاولة زعزعة استقرارها، وذلك استنادا إلى تواصل شخصيات قيادية قطرية مع المعارضة الشيعية التي كانت حينذاك تقود محاولة تفجير انتفاضة ضدّ النظام في المملكة، على غرار ما حدث في بلدان عربية أخرى.
وبالغ الإعلام القطري، وخاصة قناة الجزيرة، في الإساءة إلى البحرين من خلال تسليط الأضواء على مؤسساتها السجنية وطريقة معاملة المقيمين فيها، وخاصة منهم الأطفال، مروّجا لتقارير صادرة عن منظمات غربية تتهم المنامة بعدم احترم حقوق الإنسان، وهو ما تراه البحرين “حملات ممنهجة” تتعرض لها من أطراف متعددة، وأنه يصب بالأساس في خدمة الأجندة الإيرانية.