في لقاء مع حفتر: واشنطن تضغط لطرد مرتزقة فاغنر من ليبيا

طرابلس - أبلغت الولايات المتحدة قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر بضرورة طرد عناصر شركة فاغنر الروسية الخاصة، وذلك ضمن خطة غربية تتزعمها واشنطن لتصنيف المجموعة الموالية لروسيا “منظمة إجرامية دولية”.
وقالت أوساط ليبية إن مدير المخابرات الأميركية وليامز بيرنز نقل إلى حفتر دعوة واشنطن الملحة إلى طرد عناصر فاغنر في أسرع وقت، دون أن تخلو تلك الدعوة من تهديدات مبطنة.
وأضافت الأوساط الليبية أن بيرنز أكد خلال زيارته الأخيرة إلى بنغازي وطرابلس على ضرورة الحد من الدور الروسي في ليبيا، ولاسيما ذلك الذي تمثله شركة فاغنر التي تعمل في ليبيا في سياق عقد مبرم مع قيادة الجيش بغطاء سياسي من مجلس النواب، مشيرة إلى أن الضغط الأميركي مرتبط مباشرة بالوضع في أوكرانيا ويعكس انزعاج واشنطن من توسع الحضور العسكري الروسي الموازي في عدد من الدول الأفريقية من بينها ليبيا ومالي وأفريقيا الوسطى.
وصنّفت الولايات المتحدة مجموعة المرتزقة الروس على أنها “منظمة إجرامية دولية”، منددة بتجاوزاتها في أوكرانيا واستخدامها أسلحة توفرها كوريا الشمالية وتجنيدها لسجناء.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي إن فاغنر “منظمة إجرامية تواصل ارتكاب فظائع وانتهاكات لحقوق الإنسان على نطاق واسع”.
ولفت إلى أن مجموعة المرتزقة تنشر نحو “خمسين ألف شخص” في أوكرانيا، معظمهم سجناء صدرت في حقهم أحكام في روسيا.
وأضاف كيربي “لا نزال نعتبر أن لدى مجموعة فاغنر حاليا نحو خمسين ألف شخص منتشرين في أوكرانيا، هم عشرة آلاف من المرتزقة وأربعون ألف سجين”، إلى درجة أن لدى وزارة الدفاع الروسية “تحفظات” على “طرق التجنيد” التي تعتمدها المجموعة.
وأعلن المسؤول أن واشنطن لن تكتفي بإعلان المجموعة منظمة إجرامية بل ستفرض عليها عقوبات أخرى.
ويرى مراقبون أن واشنطن تدرك أن الفرصة مواتية لسحب البساط من تحت أقدام موسكو في ما يخص ملف ليبيا، وهو ما تم إبلاغه رسميا للمشير حفتر الذي يرتبط بعلاقات مع الروس.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن عناصر فاغنر في ليبيا تتولى تأمين عدد من الموانئ والحقول النفطية وتقوم بتدريب قوات الجيش في عدد من القواعد المنتشرة بشرق البلاد وجنوبها، ويعتبر دورها الإستراتيجي مهما بالنسبة إلى موسكو، حيث أنها تضمن التوازنات الميدانية وتكشف عن وجود حضور روسي مهم في ليبيا وبدعم من أطراف إقليمية.
مدير المخابرات الأميركية نقل إلى حفتر دعوة واشنطن الملحة إلى طرد عناصر فاغنر، دون أن يخلو ذلك من تهديدات مبطنة
ولا يتجاوز عدد مسلحي فاغنر في ليبيا ألفي عنصر، وفق تقارير أميركية، فيما يرجّح ناشطون ليبيون أن عددهم لا يتجاوز ألف مسلح، مؤكدين أنه من الصعب رصد تحركاتهم أو الكشف عنها، حتى أنه لم يتم الحديث عن مقتل أيّ منهم أو إصابته أو أسره خلال حرب طرابلس.
وكان الحديث عن وجود عناصر فاغنر في ليبيا قد توسع خلال الهجوم على طرابلس الذي تأخر فيه حفتر عن دخول العاصمة الليبية قبل أن تتدخل المسيرات التركية وتدفعه إلى الانسحاب.
وكان سفير واشنطن لدى ليبيا ومبعوثها الخاص ريتشارد نورلاند رأى أن "حرب روسيا في أوكرانيا هي انعكاس على نطاق واسع للدور المزعزع للاستقرار الذي لعبه مرتزقة مجموعة فاغنر الروسية في ليبيا ومنطقة الساحل".
ويبدو أن الدور المؤثر لقوات فاغنر في أوكرانيا قد رفع من مستويات الضغط الأميركي على شرق ليبيا، ووجدت فيها سلطات طرابلس فرصة لتحريض واشنطن على حفتر، فيما يحاول رئيس الحكومة المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة تقديم نفسه في صورة البديل الذي يمكن الاعتماد عليه.
وجدد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن تحذيره من دور مجموعة فاغنر الذي وصفه بالمزعزع للاستقرار في عدة دول أفريقية بما فيها ليبيا.
واشنطن تدرك أن الفرصة مواتية لسحب البساط من تحت أقدام موسكو في ما يخص ملف ليبيا
وقال في مؤتمر صحفي عقد في ختام أعمال القمة الأميركية – الأفريقية بواشنطن التي عقدت في منتصف ديسمبر الماضي، إن المناقشات حول مجموعة فاغنر الروسية حضرت في عدد من المحادثات بما في ذلك في اجتماعه مع رئيس غانا نانا أكوفو – أدو.
وتحذر واشنطن من إخضاع الدول الحاضنة لعناصر فاغنر ومن بينها ليبيا لقانون "الهشاشة العالمية" الذي أقره الكونغرس في ديسمبر 2019، باعتباره عامل تغيير محتمل في عالم المساعدات الخارجية الأميركية التي تمنح للدول الحليفة.
وبموجب القانون، جرى تكليف إدارة جو بايدن باختيار أربع دول تجريبية ومنطقة واحدة لبدء برامج جديدة تهدف إلى معالجة الأسباب الجذرية للهشاشة وعدم الاستقرار السياسي.
وأعلنت واشنطن في أبريل 2020 اختيار ليبيا وهايتي وموزمبيق وبابوا غينيا الجديدة ومجموعة من خمس دول ساحلية في غرب أفريقيا (بنين وساحل العاج وغانا وغينيا وتوغو) للمشاركة في الإستراتيجية الأميركية.
وسبق للأمم المتحدة أن اعتبرت أن فاغنر انتهكت القانون الدولي من خلال زرع الألغام في العديد من المناطق المدنية بليبيا خلال معركة الهجوم على العاصمة طرابلس، وقبل أسابيع أدرجت الولايات المتحدة مجموعة المرتزقة الروسية فاغنر على قائمتها السوداء للحريات الدينية.