في عيد ميلاد الزعيم

بمناسبة عيد ميلاده الخامس والثمانين، يحق لعادل الإمام أن يعتز بزعامته في مجاله، وأن يفخر ببقائه نجما متألقا في سماء الفن منذ أكثر من 60 عاما، عابرا لأزمنة الساسة وتحولات السياسة، متجاوزا لمراحل متعددة من تطور تكنولوجيات الصوت والصورة، فقد بدأ مسيرته بعد عام واحد من تأسيس التلفزيون المصري في العام 1960، وهو اليوم يرى رصيده السينمائي والمسرحي والتلفزيوني على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي وصورته تتحرك بواسطة الذكاء الاصطناعي، وجمهوره متعدد الهويات العمرية والاجتماعية والثقافية والفكرية. يحبه الكبار والصغار والأثرياء والفقراء. ينظر إليه العرب كرمز لوحدتهم وربما لقدرتهم على أن يتوحدوا. يضحك لنكاته وقفشاته القاصي والداني، ويتعلق بمواقفه المصري والموريتاني والتونسي والسوداني والليبي واللبناني والمغربي واليماني والشامي والعماني.
تميز عادل إمام بذكائه الفني، حيث استطاع أن يقسّم حياته الفنية إلى مسارات متعددة برؤية ثاقبة ووعي بالزمن وتحولات المجتمع، فمن بدايات تأكيد الموهبة والبحث عن الانتشار إلى البطولات المشتركة ثم البطولات المطلقة،
ومن الكوميديا الاجتماعية التي واكبت مرحلة الانفتاح إلى الكوميديا السياسية التي استطاع من خلالها طرق أبواب المحظور في أكثر من مناسبة، وأعلن فيها الحرب على الإرهاب والتطرف من موقفه كفنان صاحب قدرة تتجاوز قدرة السياسي على التحذير مما تخطط له التيارات الدينية بمختلف درجات تشددها المعلن والخفي.
قدم عادل إمام 126 فيلما و16 مسلسلا و11 مسرحية ومسلسلا إذاعيا واحدا مع المطرب عبدالحليم حافظ بعنوان "أرجوك لا تفهمني بسرعة" (1973)، وكان آخر ظهور فني له في العام 2020 من خلال مسلسل "فالنتينو"، قبل أن يختار الابتعاد عن الأضواء.
في الثمانين من عمره أسدل الزعيم الستار على مرحلة النشاط، وهو في منتهى السعادة بأن وجد لنفسه مجالا للاستمتاع بثمار حياته الأسرية كإنسان، وبصدى مسيرته العملية كفنان.
الكثيرون حاولوا التشكيك في موهبة عادل إمام وفي تجربته، ولكنهم فشلوا في تحليل وفهم سر ذلك الحب الكبير الذي يحظى به سواء في مصر أو في مختلف البلاد العربية.
كيف يمكن لأيّ فنان أن يبقى نجما لمدة 60 عاما؟ الوحيد الذي يمكن أن يجيب عن هذا السؤال هو الزعيم. قبله كانت أم كلثوم كوكب الشرق التي استمرت ملكة على عرش الغناء لمدة 50 عاما، ورغم مرور 50 عاما على رحيلها إلا أنها لا تزال في المقدمة من حيث التأثير الفعلي في تشكيل الوجدان وتشخيص دور الفن في حياة الأمة.
عندما كان في السادسة من عمره، كان الطفل عادل مع والدته التي كانت تقضي بعض الشؤون في أسواق وسط البلد. رأى ازدحاما أمام أحد المباني، سأل أمه: من هؤلاء ؟ أجابته: أناس يقتطعون تذاكرهم لدخول قاعة السينما. ربما كانت تلك اللحظة كافية لتشحن عقله الباطن بوقود الإصرار على أن يكون النجم الذي يتسابق الناس على مشاهدة أفلامه ومسرحيته ومسلسلاته.
في عيده الخامس والثمانين: لا يزال الزعيم زعيما، ولا تزال نجوميته في أوجها كما كانت منذ عقود خلت.