في ذكرى استقلال أوكرانيا… كييف صامدة وموسكو تقر بتباطؤ هجومها

كييف - رغم إلغاء السلطات الأوكرانية الاحتفالات العامة في يوم الاستقلال الحادي والثلاثين لأوكرانيا، شهدت العاصمة كييف الأربعاء، توافدا كبيرا من المواطنين للاحتفال بالمناسبة الوطنية.
وحظرت السلطات الأوكرانية الاحتفالات العامة بيوم الاستقلال الـ31 بسبب مخاوف من احتمال شن روسيا هجمات على كييف. وألغي العرض العسكري الذي كان يقام في السنوات السابقة في كييف، كما ألغيت الاحتفالات في العديد من المدن الأوكرانية.
وشوهد العديد من الأوكرانيين الذين أتوا إلى شارع كريشاتيك في كييف مرتدين ملابس تقليدية ويحملون علم البلاد، وسط إجراءات أمنية مشددة. وفي الرابع والعشرين من أغسطس 1991، وافق برلمان جمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفيتية على وثيقة إعلان استقلال أوكرانيا.
وفي الأول من ديسمبر 1991، صوت 90 في المئة من الأوكرانيين، في استفتاء، لصالح مغادرة بلادهم اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية، لتصبح دولة مستقلة.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الأربعاء، في خطاب مؤثر للشعب بمناسبة مرور 31 عاما على الاستقلال، إن أوكرانيا ولدت من جديد مع الغزو الروسي، وإنها لن تتخلى أبدا عن كفاحها من أجل التحرر من هيمنة موسكو.
وأضاف زيلينسكي في الخطاب المسجل، الذي يتزامن مع مرور ستة أشهر على بدء الغزو الروسي في 24 فبراير، أن أوكرانيا لم تعد ترى أن نهاية الحرب ستأتي عندما يحل سلام، بل عندما تخرج منتصرة في النهاية.
وقال "ظهرت أمة جديدة في العالم يوم 24 فبراير الساعة الرابعة صباحا. لم تولد بل ولدت من جديد. أمة لم تبك أو تصرخ أو تخف. أمة لم تهرب. لم تستلم، ولم تنس".
وبدا على زيلينسكي (44 عاما) الإنهاك وهو يلقي الخطاب أمام النصب التذكاري الشاهق في وسط كييف الذي تم تشييده إحياء لذكرى الاستقلال عن الاتحاد السوفييتي، الذي كانت تهيمن عليه روسيا وانهار في عام 1991.
وشدد زيلينسكي على موقف أوكرانيا الثابت في الحرب والذي يعارض أي تسوية من شأنها السماح لموسكو بتحقيق مكاسب إقليمية، بما يشمل أجزاء من جنوب وشرق أوكرانيا استولت عليها روسيا خلال الأشهر الستة الماضية.
وقال "لن نجلس على طاولة المفاوضات بدافع الخوف، والبنادق موجهة صوب رؤوسنا. بالنسبة إلينا، فإن أفظع أنواع الحديد ليس الصواريخ والطائرات والدبابات، بل الأغلال. ليست الخنادق، بل القيود".
وتعهد بأن تستعيد أوكرانيا الأراضي التي خسرتها في منطقة دونباس الصناعية في الشرق وكذلك شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا في عام 2014. وقال "ما هي نهاية الحرب بالنسبة إلينا.. كنا نقول السلام.. الآن نقول النصر".
وأقر وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو الأربعاء بتباطؤ وتيرة الهجوم الروسي في أوكرانيا. ونقلت وكالة "سبوتنيك" الروسية عنه القول إن "تباطؤ الهجوم قرار واع، كونه يرجع إلى الرغبة في تقليل الخسائر في صفوف المدنيين".
وقال "نلتزم بصرامة بمعايير القانون الإنساني في الهجوم، ونُفذت الضربات بأسلحة عالية الدقة على البنية التحتية العسكرية للقوات المسلحة الأوكرانية، بما في ذلك مواقع القيادة، والمطارات، والمستودعات، والمناطق المحصنة، والمجمعات الصناعية العسكرية". وأضاف "في الوقت نفسه، يتم اتخاذ كل الإجراءات لتجنب وقوع إصابات بين صفوف المدنيين، بالطبع هذا يبطئ وتيرة الهجوم، لكننا نفعل ذلك بوعي".
◙ زيلينسكي تعهد بأن تستعيد أوكرانيا الأراضي التي خسرتها في منطقة دونباس الصناعية في الشرق وكذلك شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا عام 2014
ويستعد الأوكرانيون لحرب طويلة وشتاء قاس بسبب نقص الطاقة بعد صد القوات الروسية في بداية ما تصفها موسكو بأنها “عملية عسكرية خاصة” ومنع سقوط كييف. وتقول مصادر عسكرية غربية إن القوات الروسية تحرز تقدما ضئيلا في عمليتها الهجومية في المناطق الشرقية والجنوبية بأوكرانيا، وشبهت ما يحدث بقتال الاستنزاف البطيء الدموي في الحرب العالمية الأولى.
وفي غضون ذلك قال رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل جروسي إن الوكالة تأمل في الوصول إلى محطة زابوريجيا للطاقة النووية التي تحتلها روسيا في جنوب أوكرانيا في غضون أيام. ويتبادل الجانبان الاتهامات بإطلاق صواريخ ومدفعية بالقرب من المحطة الأكبر في أوروبا، مما أثار مخاوف من وقوع كارثة نووية.
وقال جروسي في بيان "سأواصل التشاور بنشاط كبير ومكثف مع جميع الأطراف.. ومن المتوقع أن تتم المهمة خلال الأيام القليلة المقبلة إذا نجحت المفاوضات الجارية". واستولت القوات الموالية لموسكو على المحطة بعد قليل من بدء الغزو، لكن لا يزال الفنيون الأوكرانيون يديرونها. ودعت الأمم المتحدة إلى نزع سلاح المنطقة.
واتهمت روسيا أوكرانيا بمهاجمة المحطة بالمدفعية والذخائر الموجهة وبطائرة مسيرة، وهو ما نفاه سفير أوكرانيا لدى الأمم المتحدة سيرجي كيسليتسيا. وقال كيسليتسيا في اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي في نيويورك دعت إليه روسيا "لا أحد.. يمكن أن يتخيل أن أوكرانيا ستستهدف محطة للطاقة النووية فيما ينذر بخطر هائل لحدوث كارثة نووية وعلى أراضيها".
وفي واشنطن، قال مسؤول أميركي إن الولايات المتحدة، التي أرسلت 10.6 مليار دولار من المساعدات الأمنية إلى أوكرانيا، ستعلن عن حزمة جديدة بنحو ثلاثة مليارات دولار الأربعاء. وساعدت أنظمة الصواريخ الأميركية المتقدمة فيما يبدو أوكرانيا على ضرب مواقع على مسافات بعيدة من الخطوط الأمامية في الأشهر القليلة الماضية.