في المنافسة بين أوبن أي.آي وغوغل هل يكون البقاء للأصغر

نيويورك - الفارق الزمني بين غوغل التي تأسست عام 1998 وبين وأوبن أي.آي التي تأسست عام 2015، ليس الميزة الوحيدة التي تمنح شركة غوغل الأولوية على شركة أوبن أي.آي. وبينما تبلغ القيمة السوقية للأولى 2.15 تريليون دولار، تبدو قيمة أوبن أي.آي السوقية وهي 157 مليار دولار متواضعة. ولكن في عالم التكنولوجيا ثبت أكثر من مرة أن الحجم ليس كل شيء. لا يستبعد المحللون نمو القيمة السوقية لأوبن أي.آي لتنافس غوغل مستقبلا.
صحيح أن غوغل تمتلك ميزة كبيرة بفضل بنيتها التحتية الضخمة ومواردها المالية الهائلة، واستثماراتها في الذكاء الاصطناعي تشمل مشاريع مثل “ديب مايند” و”جيميني”، التي تهدف إلى تحسين محرك البحث وتقديم خدمات متقدمة للمستخدمين، بالإضافة إلى ذلك، تمتلك غوغل قاعدة بيانات ضخمة من المستخدمين، مما يمنحها ميزة في جمع البيانات وتحليلها لتحسين خوارزميات الذكاء الاصطناعي، إلا أن أوبن أي.آي تركز على تطوير تقنيات ذكاء اصطناعي مبتكرة مثل “تشات جي.بي.تي”، الذي أثبت قدرته على تقديم نتائج بحث مدعومة بالذكاء الاصطناعي. هذا الابتكار يمكن أن يشكل تهديدا حقيقيا لغوغل، خاصة إذا تمكنت أوبن أي.آي من تحسين دقة وسرعة محرك البحث الخاص بها. كما أن أوبن أي.آي تستفيد من دعم مستثمرين كبار مثل أيلون ماسك وسام ألتمان، مما يعزز قدرتها على الابتكار والتطوير.
وهذا يشكل أكثر من دافع يجعل غوغل تعيد حساباتها، خاصة بعد أن أعلنت أوبن أي.آي الخميس عن إطلاق محرّك بحث على الإنترنت يشكّل امتدادا لواجهتها القائمة على الذكاء الاصطناعي تشات جي.بي.تي، ومن شأنه أن ينافس غوغل الذي يُعد مرجعا في هذا المجال. وتتيح وظيفة تشات جي.بي.تي سيرتش لبرنامج تشات جي.بي.تي الذي ستُدمج به عدم الاكتفاء في ردّه على الأسئلة والطلبات بكمية محدودة من البيانات المجمّعة داخل قاعدة، كما كانت الحال حتى الآن، بل بات يستطيع البحث عن عناصر عبر الإنترنت.
◙ 2.15 تريليون دولار قيمة غوغل تبدو قيمة أوبن أي.آي معها وهي 157 مليار دولار متواضعة
وأوضحت أوبن أي.آي في بيان أن في إمكان المستخدم “الحصول على إجابات سريعة وذات صلة من خلال روابط لمصادر ملائمة على الإنترنت، وهو ما كان يستلزم سابقا استخدام محرك بحث”. وتوفّر أوبن أي.آي أيضا للمستخدم إمكان البحث مباشرة في الإنترنت من دون الاعتماد على واجهة تشات جي.بي.تي.
وأوضح ناطق باسم الشركة لوكالة فرانس برس “نحن نعتمد على نموذجنا (القائم على الذكاء الاصطناعي) لتحديد ما إذا كان المصدر يقدم إجابة جيدة لاستفسار المستخدم”. وبات محرّك البحث “تشات جي.بي.تي سيرتش” متاحا للمشتركين لقاء بدل في “تشات جي.بي.تي بلاس” و”تشات جي.بي.تي تيم”. وأشارت أوبن أي.آي إلى أن محرك البحث سيصبح متاحا مجانا في الأشهر المقبلة.
وفي إطار هذا التطور، دخلت أوبن أي.آي في شراكات مع ناشرين وموفّري بيانات لإضافة معلومات محدثة، واعتماد طريقة خاصة لعرض المعلومات المتعلقة بفئات معينة كتوقعات الطقس أو نتائج المباريات والمسابقات الرياضية. ومن خلال محرّك البحث تشات جي.بي.تي سيرتش، تسعى أوبن أي.آي إلى أن تنافس غوغل في مجال اختصاصها الأساسي، وهو كذلك من مجالات اختصاص مايكروسوفت التي تمتلك 49 في المئة من رأسمال الشركة الناشئة.
ويعتمد نموذج أوبن أي.آي راهنا على الاشتراكات، في حين يعتمد نموذج غوغل بالكامل تقريبا على الإعلانات. وردا على سؤال، قال ناطق باسم أوبن أي.آي إن لا خطط راهنا لإتاحة الإعلانات على محرك البحث الجديد هذا.
وأضافت غوغل في الربيع الفائت إلى محرّكها المخصص للبحث خاصيّة “أي.آي أوفرفيوز” AI Overviews الجديدة القائمة على الذكاء الاصطناعي والتي تتيح، كما تشات جي.بي.تي سيرتش، الحصول على إجابة مفصّلة عن استفسار يُطرح باللغة اليومية. وأضافت مايكروسوفت الذكاء الاصطناعي إلى محركها للبحث "بينغ".
في النهاية، من الصعب التنبؤ بمن ستكون له الغلبة في هذا السباق. غوغل تمتلك الموارد والبنية التحتية، بينما تتميز أوبن أي.آي بالابتكار والتركيز على الذكاء الاصطناعي. قد يكون الحل الأمثل هو تعاون الشركتين لتحقيق تقدم أكبر في هذا المجال، لكن المنافسة ستظل شرسة. من سينتزع الحصة الأكبر من السوق؟ الزمن وحده كفيل بالإجابة على هذا السؤال.