في الطريق إلى تحرير لبنان من خاطفيه

إيران تضع الولايات المتحدة في موقف لا تُحسد عليه خاصة مع الضغوط البريطانية من أجل أن يكون الرد على استهداف ناقلة النفط قويا لكي تتعلم إيران درسا في احترام القوانين الدولية.
الثلاثاء 2021/08/10
جبهة إيرانية على حساب الشعب اللبناني

في أي حرب يمكن أن تقوم بين إسرائيل وحزب الله سيكون لبنان هو الطرف الخاسر. فما الذي يربحه حزب الله من تلك الحرب؟

حزب الله سيخرج خاسرا هو الآخر، لكن على طريقة حركة حماس في حروبها مع إسرائيل. تتعرض غزة للدمار فيما تخرج الحركة من الحرب منتصرة. وذلك علمه عند هنية ومرزوق ومشعل الذين يقاتلون من الدوحة.

حين تصرح إسرائيل بأنها ستكتفي باحتواء التطورات في الموقف فلأنها تعرف أن لبنان لا يتحمل كارثة جديدة. لا تزال كارثة الرابع من أغسطس 2020 ماثلة للأعين. لا يزال القتلى يبحثون عن صدى لأصواتهم. لا يزال العالم كله يدور حول المشكلة ولا يقبض على المجرم.

لبنان في حرب، مع نفسه ومع العالم لأنه لا يجد مخرجا من الكارثة بوجود حزب الله مهيمنا على الدولة وعلى مصير الشعب من جهة تحكمه بالقرار العالمي. فلا مساعدات دولية إلا بقيام حكومة. ولا حكومة من غير تواطؤ عالمي مع مجرمي حزب الله.

هل حزب الله في مأزق ويحاول الخروج منه عن طريق حرب جديدة تحت شعار المقاومة ومزارع شبعا؟

لا أحد يميل إلى تصديق ذلك الرهان في ظل المغامرات الإيرانية التي لا تقف عند حد بعينه حيث لا تكون الولايات المتحدة محرجة وهي تتفاوض معها في شأن الاتفاق النووي ورفع العقوبات.

هل على الولايات المتحدة أن تمثل دور القوة الغبية؟

تضع إيران الولايات المتحدة في موقف لا تُحسد عليه كما يُقال. ومن الواضح أن بريطانيا تضغط من أجل أن يكون الرد على استهداف ناقلة النفط الإسرائيلية في مياه بحر العرب قويا لكي تتعلم إيران درسا في احترام القوانين الدولية. ولو لم يُقتل مواطن بريطاني في ذلك العدوان لكان هناك موقف آخر. كما أن إسرائيل لا تود الاكتفاء بالحرائق والتفجيرات عن بعد هذه المرة. هناك حرب تُشن عليها وهي ليست عاجزة عن الرد، لكنها تريد أن تأخذ المجتمع الدولي معها، لذلك تحرض على تدويل المسألة.

إيران ترفض من جهتها الاتهامات بطريقة غريبة جدا. طريقة تشبهها. المزيد من المغامرات في البحر. آخرها عملية اختطاف ناقلة هي عبارة عن استعراض ينطوي على جملة واحدة “هذا البحر لنا”. وبذلك تكون طرق الملاحة الدولية غير آمنة ما لم يتم استرضاء إيران وعدم استفزازها بغض النظر عما تفعله.

الصورة
المطلوب أن تنتصر الإرادة الإيرانية

ذلك معناه من وجهة نظر إيران أن تعريضها للمساءلة ومن ثم العقوبات بسبب حادث السفينة الإسرائيلية سيجر المنطقة كلها إلى ما يشبه الحرب. وليست صواريخ حزب الله إلا جزءا من تلك الحرب. لذلك ليس المطلوب أن ينتصر حزب الله بل المطلوب أن تنتصر الإرادة الإيرانية.

ما يفعله حزب الله أنه يفتح جبهة إيرانية على حساب الشعب اللبناني وهو من خلال ذلك يعتقد أنه يضرب عصفورين بحجر واحد. أولا يطلق شرارة ما يمكن أن يحدث لو تعرضت إيران للعقاب بناء على رد فعل عالمي. وثانيا ينهي الجدل القائم حول مسؤوليته عما يعيشه اللبنانيون من وضع كارثي على المستويات السياسية والاقتصادية.

وكما يبدو فإن إسرائيل تضع في حساباتها الهدفين المنشودين، لذلك أعلنت بوضوح أنها لن تُجر إلى حرب تعرف أن المطلوب أن يكون لبنان ضحيتها. فهي تفضل في هذه المرحلة أن لا تفلت إيران من العقاب.

ما لم يحتط له حزب الله أو كان على بيّنة منه ولم يعره اهتماما أن ممارساته التخريبية تحت ذريعة المقاومة لن تقنع إلا مناصريه من الذين غُسلت عقولهم في أوقات سابقة ولم يعد في إمكانهم استعادة التفكير بطريقة سوية. أما الشعب اللبناني فإنه أدرك منذ سنوات أن كارثته الحقيقية تكمن في وجود حزب الله، بسلاحه وعقيدته وتطرّفه وطائفيته وولائه المطلق لإيران. لقد حوّل حزب الله لبنان إلى ضاحية تابعة لإيران. استولى على دولته ووضع دمية رئيسا لها. أما السلطات الثلاث فإنها إن لم تدر في فلكه تفقد القدرة على اتخاذ أي قرار جادّ يصب في مصلحة الشعب.

لقد نُكب الشعب اللبناني بحزب الله بعد أن صار لبنان دولة منبوذة عالميا وعربيا. لذلك يمكن القول إن الكل يعرف أن حزب الله إنما يشن حربا على اللبنانيين يوم يصطدم بإسرائيل. ذلك لأنه يكرر سيناريو حرب غزة وهي حرب خاضتها حماس بمعزل عن أي مشروع وطني فلسطيني.

كل المؤشرات تؤكد أن حزب الله سيُحرم من رغبته في أن يضع لبنان وشعبه حجر عثرة في طريق عقاب إيران. تلك خطوة في طريق تحرير لبنان من خاطفيه.

8