فيلم "زقاق الكوابيس".. الحياة الأميركية بوصفها كرنفالا لعلل النفس البشرية

لا شك أن العلاقة بين الرواية والفيلم شكلت واحدة من أهم دعامات الإنتاج السينمائي، وعلى مدى عقود من تاريخ السينما كانت الرواية والروائيون حاضرين بقوة في كل عام مع مشاريع أفلام جديدة تكون نواتها وقاعدتها هي الرواية، وهو ما يتواصل مع العديد من الأفلام التي ظلت تأخذ من الروايات، ومنها الفيلم الجديد “زقاق الكوابيس”.
الانجذاب التاريخي بين الوسطين الأدبي والسينمائي أوجد أنماطا في السرد واتجاهات في الإخراج حتى لا تكاد توجد رواية تنتمي إلى نوع روائي محدد لم تنقل إلى الشاشة ابتداء من روايات الجريمة والحركة والعنف إلى روايات الرعب إلى روايات الخيال العلمي والفانتازيا وليس انتهاء بالروايات البوليسية.
وهنا في فيلم “زقاق الكوابيس” المأخوذ عن رواية بنفس العنوان للروائي الأميركي وليام غريشام، سنكون مع رواية سبق وأن تم إعدادها سينمائيا قبل قرابة 75 عاما، وها هي تعود من جديد إلى الشاشة وهي رواية الكاتب الأميركي وليام غريشام التي تعود طبعتها الأولى إلى العام 1946 فيما نقلها إلى الشاشة المخرج إيدموند غولدينغ في نفس العام، وأسندت البطولة والشخصية الرئيسية ستانتون كارلايل إلى الممثل المعروف تيرون باور ( 1914 – 1958) ولقي الفيلم في حينه اهتماما نقديا جيدا.
ها نحن مع معالجة سينمائية مختلفة على يد كاتب السيناريو والمخرج مكسيكي الأصل الحاصل على الأوسكار غوليرمو ديل تورو إلى جانب كاتب السيناريو كيم مورغان.
قوارب الأحلام الغارقة
الروائي وليام غريشام
◄ روائي من مواليد الولايات المتحدة سنة 1909.
◄ تعد روايته هذه هي الأكثر نجاحا وقد نشرت لأول مرة في عام 1946.
◄ تم شراؤها من قبل هوليوود مقابل 60 ألف دولار وتم تحويلها إلى فيلم يحمل نفس الاسم في عام 1947 من إخراج إيدموند غولينغ وبطولة تيرون باور.
◄ كتب السيناريو جوليس فوريثمان الذي يعدّ واحدا من أغزر كتاب السيناريو لهوليوود حيث كتب ابتداء من العام 1915 وحتى العام 1959 أكثر من 40 سيناريو لأفلام طويلة.
◄ تطوع غريشام في الحرب الأهلية الإسبانية في الثلاثينات وكتب طوال حياته ست روايات فقط تعد هذه الرواية من أهمها وقد توفي في العام 1961 منتحرا.
من سبق وشاهد أفلام ديل تورو سوف يدرك اتجاهه وأسلوبه الإخراجي المميز حيث الغوص في عمق الذات الإنسانية وإيجاد أشد أوقاتها قتامة وزجها في دوامة من الأزمات، فضلا عن ولعه الخاص بذلك النوع من الغموض والدراما السوداء التي تربك حياة الشخصية وتثير أجواء لا تنتهي من التوتر.
وفي مساره هذه هي الرواية الأولى التي يقوم بإعدادها إلى الشاشة وهي بمثابة الانتقال النفسي والعاطفي من الانسحاق الكامل للشخصية، وحيث رائحة الدخان واللهيب الذي أوقده المجهول في الضحية تكاد تسد أنفاسه فيما هو مسافر دون هدف، تلك هي المشاهد الأولى التي افتتح بها المخرج فيلمه هذا.
الشخصية سوف تكون في نقطة الصفر، في اللامعنى سوى أنه كائن يطارده الفقر في الولايات المتحدة التي لا تكاد تلتقط أنفاسها عشية الحرب العالمية الثانية، وهكذا زج المخرج هذه الشخصية الإشكالية التي ربما تختصر نماذج اجتماعية انتهازية تظهر مثل فقاعة في الفراغ، وإذا بها تتسلق وتمتلك وتؤثر وتغير حياة آخرين.
على هذا بني السرد الفيلمي مرتبطا بشخصية درامية استثنائية، وها هو يجد نفسه في وسط الكرنفال الكبير الذي هو صورة للحياة ذاتها وليس مجرد ثلّة من الذين يطاردون الفقر بالشيطنة أو خفة الظل وصولا إلى الخداع وهو ما يبحث عنه ستانتون كارلايل (الممثل برادلي كوبر) الشخصية الرئيسية التي خرجت تواً من الحريق إلى الحياة المبعثرة في الكرنفال.
هذا الكرنفال الكبير الممتد بخيامه الفقيرة يضم وجوها من الحياة أولها كليم هوتلي (الممثل وليام دافو) الذي لوحده يواجه صدمة كبرى عندما يروي كيف دجّن كائنا يقول إنه متوحش وليس من سوية البشر، وأن بمستطاعه العيش أياما بلا طعام لكن بإمكانه أن يفترس دجاجة وهي حية، وذلك ما يفعله أمام الجمهور ليجمع بعض الدولارات، وهكذا يكمل ستانتون المهمة عندما يوافق على العمل مع ديفو مساعدا في مقابل وجبة طعام ومأوى.
هذه الأرضية البائسة التي سوف يتجاور فيها ستانتون مع ذلك الكائن الغريب هي التي سوف تفتح له الآفاق، فها هو يتعرف على زينا (توني كوليت) وزوجها الذي يعتمد عمله على خفة الظل وعلى وهم التنبؤ بالغيب ونوع من السحر المختلط بالخداع البشري، وهي قصة مضحكة إذ يكون هنالك ملقن في أسفل المسرح يخبر عن تلك الشخصية، وهو ما سوف يلتقطه ستانتون ويطوره حتى يتفوق فيه بشكل غير متوقع كما أنه يطور كرسيا كهربائيا لصديقته مولي (الممثلة روني مارا) التي سوف يجد فيها مواصفات تؤهلها لأن تصبح جسرا يمكنه العبور عليه نحو طموحاته.
يبني المخرج هذه المنظومة البصرية في وسط إضاءة منخفضة ومناظر قاتمة وإضاءة داخلية خافتة في الغالب، وحيث مظاهر البؤس منتشرة بشكل غريب، ولهذا لن تجد في وسط ذلك البؤس سوى جوقة من الشخصيات الظريفة التي تعيش لتحصل على قوت يومها لا تريد أكثر من ذلك.
أما بالنسبة إلى ستانتون فإن المسألة لها أبعاد أخرى، إذ أن غول الفقر وكونه يرتع في مجتمع مليء بالنفاق والخديعة والسطحية يدفعه إلى التعبير عن طموحه واختراق طبقة مخملية في قلب المجتمع الأميركي من أجل أن يحصل منها على مآربه، ولهذا فإنه لن يتوقف عن تحفيز تاركي الكرنفال إلى ولاية أخرى لكي يكشف ستانتون عن مواهبه المخبأة، والتي بدأ التعبير عنها بعدما ارتكب جريمة وهي تزويد مات بجرعة زائدة من الخمر وهو المدمن أساسا مما أدى إلى موته.
يفسر الناقد غاري لودج في موقع رولينغ ستونسبب انجذاب المخرج ديل تورو إلى هذا النوع من الموضوعات في أفلامه بصفته منتج أفلام يركز على الموضوعات الغريبة والسلوك الغريب، أنه كان دائمًا لديه ميل إلى الكرنفال، لهذا وجد فرصة الانغماس في الأساطير الأميركية المتعفنة الممثلة في ذلك الكرنفال المزري القائم على الخداع والادعاء.
الفيلم خليط متعدد الوجوه جسدته مجموعة ممثلين لنشاهد تحفة تستحضر كلاسيكيات السينما الأميركية
يبدأ الفيلم مع بدايات عام 1939 في الولايات المتحدة التي تشعر بالقلق من قرب نشوب الحرب العالمية الثانية، على الرغم من ذلك فإن العرض يستمر في الغرب الأوسط وفي وسط السيرك هنالك عرض يشرف عليه كليم، وهو مشروع بشع ومخيف، يقدم كائنا تائها بلا مكان.
لا أحد يناسبه هذا الوضع في الكرنفال بشكل أكثر دقة ابتداء من ستانتون، أن يضيع وسط فوضى الكرنفال، الكرنفال كنوع من قوارب الأحلام الأميريكية الغارقة، وها هو انتهازي جديد حل في الكرنفال بعد حرق منزل طفولته وماضيه الملعون ودفن وحرق والده حيا.
ولنمض في تلك الرحلة الإشكالية لشخصية ستانتون، فها هو يبني ما هو مقبل عليه من تطور ملتقطا من هنا وهناك ما يمكن تعلمه مع الابتعاد عن كثرة الكلام في مقابل الطاعة، وذلك بالتوازي مع العلاقة المؤقتة مع زينا وزوجها، والتي لوحدها كانت محطة إشكالية مهمة.
فالعلاقة بين الزوج ذي الأصول الفرنسية الذي أنهكه الإدمان على الكحول يفتح نافذة جديدة لستانتون، فعلاوة على الحميمية في علاقته مع زينا إلا أن ذلك لم يكن كافيا لإشباع نهمه، ولهذا يمكنك تلمس تلك الدوافع النفسية الصامتة التي ظل المخرج يراقبها بدقة ليحقق تحولا لاحقا في مسار الدراما الفيلمية عندما يعثر ستانتون على ضالته في الفتاة الشابة العزباء والطيعة مولي.
لاحقا سوف يغويها ستانتون بتطوير عروضها القائمة على فكرة الصعقات الكهربائية، لكنه يطور الأمر إلى قراءة طالع الشخصيات، وهو ما سوف ينتج لاحقا عن القرار المصيري لكليهما لترك الكرنفال والسفر باتجاه المدينة، الانتقال من حالة التشرد في الخيام إلى أحضان المجتمع المخملي وهناك سوف يعثر ستانتون على ضالته، مجتمع أناني مغلق يسرف في الثروة ويتميز بالحمق والأنانية ولكل واحد تاريخ من الإحباطات والأخطاء والآثام ما يريد أن يتطهر منه وخاصة أولئك الكهول.
تحولات كابوسية
التحول الدرامي الأهم في الرحلة إلى ذلك العالم هو اللقاء الذي يجمع ستانتون مع الطبيبة النفسانية الدكتورة ليليت ريتر (الممثلة كيت بلانشيت) في واحد من أدوارها المميزة.
يلتقي هنا التنويم المغناطيسي مع الإيهام والخداع النفسي ويلتقي الإغواء الكاذب بعلل النفس البشرية في مزيج فريد، وذلك ما يتجسم في اللقاء الأول المليء بالغرائبية بين الاثنين، وعلى ستانتون أن يعرف وهو مغمض العينين ماذا يوجد في حقيبة ليليلت إن كان حقا يستند إلى الخارقية، وبينما هو يستند حقا إلى ذكاء وفطنة وربط بين الأشياء، وهو الاختبار الأول الذي سوف ينجح فيه ستانتون لتبدأ رحلته مع ليليت.
وكأننا أمام قسمين منفصلين في السرد الفيلمي، فالانتقالة الجديدة التي وجد ستانتون ومولي نفسيهما في وسطها وهي التي ترى الأمر برمته مفبركا وكاذبا وأن العودة إلى حقيقتها وإلى بيئتها وأصحابها في الكرنفال هي التي تحقق لها توازنها النفسي.
هذا التقاطع في مسارات السرد رافقه تنوع مكاني ملفت للنظر، فالمدينة الواجمة الغارقة في البرد تشبه متحفا كبيرا ومباني ضخمة شبه مهجورة ومن ذلك مكتب ليليت المليء بالخزانات والأدراج التي تضم ملفات مرضى نفسانيين هم غالبا من الطبقة الثرية المترفة المثقلة بالخطايا والعلل النفسية والآثام.
المخرج غوليرمو ديل تورو
◄ مواليد 1964 وهو من أصول مكسيكية وقد انتقل إلى الولايات المتحدة ليتخصص في إنتاج الأفلام.
◄ أخرج حتى الآن عشرة أفلام وهو معروف بأسلوبه المتميز بالتركيز على عالم الجريمة والشخصيات السايكوباثية.
◄ فاز فيلمه “شكل الماء” من إنتاج 2018 بجائزتي أوسكار عن أفضل إخراج وأفضل تصوير.
◄ فاز نفس الفيلم بجائزة أفضل إخراج من الأكاديمية البريطانية للسينما والجائزة الأولى لمهرجان فينيسيا السينمائي.
◄ قبل ذلك فاز فيلمه “متاهة بان” بجائزة أفضل فيلم غير ناطق بالإنجليزية في العام 2007.
◄ فاز فيلمه “كرونوس” بإحدى جوائز مهرجان كان السينمائي عام 1993.
◄ حصل على العشرات من الجوائز من العديد من المهرجانات.
يأتي الانتقال الكارثي إلى العالم الغامض لرجل الأعمال عزرا غريندل (الممثل ريتشارد جيكنز)، وهي نقطة التحول الكبرى في المسار السردي، هنا يتجسم مصير ستانتون القائم على الخداع والاستسهال والمراوغة التي تنطلي بسهولة على طبقة من البسطاء، لكن الوجه الآخر الذي لم يره ولم يتخيله قط هو الذي يمثله عزرا إذ لم يكن يدور في عقله أن أول ما يجب عليه أن يجتازه لكي ينفذ إلى ذروة الهرم الذي يمثله عزرا هو النجاح في جهاز كشف الكذب في شكله الذي كان سائدا في حقبتي الثلاثينات والأربعينات.
ليس هنالك كثير من الحوارات الأقرب إلى الثرثرة في ما يتعلق بما يتم تدبيره بين ستانتون وليليت، فهي التي سوف تستدرجه للكشف عن شخصيته المحطمة، هنا اللقطات القريبة الصامتة وحوار النظرات وحركات الجسد كافية لكي يعيش ستانتون ما لم يعشه مع تلك المرأة الشقراء التي تنتقم بطريقتها الخاصة من طائفة من المترفين وشديدي الثراء، ولهذا تنجح مباشرة في جعل ستانتون يلتقط الطعم بسهولة مدفوعا بشغفه إلى المال والحياة المخملية وخداع الآخرين فيندفع إلى عالم عزرا غريندل الصارم الذي لا يرحم، وحيث أن من يدخله ليس من السهولة أن يخرج منه سالما، ولهذا تكون نهايته على يد غريندل ليس بقتله بل تحطيمه نهائيا وإعادته إلى الكرنفال كائنا وحشيا يمكن أن يدجنه كليم هوتلي ويدربه على التهام رأس الدجاجة طعاما له وسط دهشة المتفرجين السذج.
هي النهاية الحتمية كما يقول الناقد كيم ترافيس في موقع إيمباير، تلك النهاية التي تتعلق بذلك التائه الكاريزماتي ستانتون، الذي بالكاد أشعل النار في حياته القديمة وانضم إلى الكرنفال لكي يتعلم أسرار العقلية البشرية في سطحيتها وسذاجتها، لينتقل إلى مستوى عقلي آخر وذلك ما صنعته تلك المشاهد المتلاحقة في جوف تلك المدينة المتجمدة التي تقضم من تشاء وترميه حطاما.
في تلك التحولات القاتمة والملتبسة سوف يستحضر المخرج ديل تورو جوًا يشبه الحلم، أو يشبه الكابوس، حيث ينام ستانتون في حافلة، تاركًا الأنقاض المشتعلة من خلفه في وداع للماضي، ليستيقظ في الكرنفال حيث سيعيد اختراع نفسه. هنا يتكشف النصف الأول من السرد، والذي يكون أرضية لإطلاق الشخصية الإشكالية ستان العظيم الذي ظل يحلم بتضخيم نفسه بحسب المسارات السردية في كلا الوسيطين التعبيريين، الرواية والفيلم.
هنا يحضر ذلك الحس الجمالي المتميز الذي عبّر عنه مدير التصوير الدنماركي دان لوستسن، والذي سبق وبرع في إدارة تصوير أفلام بقيت جماليات الصورة حاضرة في الذهن بعد مشاهدتها، ومنها الثلاثية الشهيرة جون ويك التي أدى الدور الرئيس فيها الممثل كيانو ريفز، كما سبق وتعاون مع نفس المخرج في إدارة تصوير فيلمه السابق شكل الماء الذي نال جائزتي أوسكار عن التصوير والإخراج وأفلام أخرى مثل قلب الضوء وميميك وأنا دينا وغيرها.
يتميز أسلوب لوستسن باستخدام متوازن للقطات العامة في موازاة تلك الوقفات الجمالية من خلال اللقطات المتوسطة والقريبة، فضلا عن القراءة البصرية الواعية للمكان والتي تميز بها وخاصة في القسم الثاني من الفيلم والذي ارتبط بانتقال ستانتون ومولي إلى المدينة الأخرى.
هناك في موازاة ذلك الاستخدام المميز للمونتاح وذلك من خلال تلك الانتقالات التي تشبه السفر في الزمن وتشعر بذلك التقارب ما بين دور المحللة النفسانية وذلك المحتال الذي عمله أقرب إلى الشعوذة، فالطرفان سوف يلتقيان في هدف واحد هو أن كلا منهما يريد الإطاحة بالآخر بشكل ما وهو ما قرأته ليليت بشكل مباشر ولهذا استدرجته إلى فخاخها المتلاحقة لكي توصله إلى منطقة اللعب بالنار أو اللعب مع الكبار الذين لا يرحمون، وهو ما تجلى في الأخير في المشهد العاصف الذي جمع ما بين ستانتون وعزرا غريندل.
هنا ثمة نقلة أخرى تتمثل في غريندل نفسه بعد اعترافه بآثامه ثم ليكتشف حجم الخديعة بالتزامن مع مجيء مولي وهي ترتدي زي زوجته الميتة وتسريحة شعرها وهو مشهد عبّر عن قمة سذاجة ستانتون في مقابل تشبثه السابق بذكائه المفرط الذي سرعان ما بدده بسبب الشره إلى الوصول إلى الهدف بأية طريقة أو وسيلة كانت.
الرواية التي نالت أكبر حظ من النجاح من بين أعمال غريشام قدمت شكلا سرديا متداخلا في عرض بانورامي لسلسلة من الشخصيات المأزومة وكأنه التقاط لشريحة اجتماعية متكاملة يتفجر في ما بينها الطمع والأهواء الشخصية والمنافع والثروة والخديعة.
هو في الواقع خليط متعدد الوجوه جسدته مجموعة مرموقة من الممثلين لنشاهد تلك التحفة السينمائية التي تستحضر كلاسيكيات السينما الأميركية في إطار جمالي وتعبيري متحرر من قيود الشكل إلى نوع من التعبيرية السينمائية الواقعية التي توحي الشخصيات بما هي عليه أكثر مما هي تتحدث عنه، لاسيما وأنها تحت ذلك الثقل الهائل الذي يمثله المجتمع وهو يسحق الفئات الأكثر هشاشة وفي مقدمتها ستانتون الذي جسد تلك المفارقة في أبلغ صورها.