فيتو واشنطن ومستقبل العلاقات الفلسطينية - الأميركية

الواقع يقول إن أميركا لا يمكن أن تضحي بمصالحها من أجل الفلسطينيين، والسلطة الفلسطينية لا يمكن أن تنتظر شيئا مغايرا منها فلا أحد يهتم لمستقبل حل الدولتين إلا فلسطين نفسها.
الجمعة 2024/04/26
الرئيس الذي خذله الجميع

كانت تصريحات الرئيس الفلسطيني محمود عباس حول إعادة نظر السلطة الفلسطينية في علاقاتها مع الولايات المتحدة، بعدما استخدمت حق الفيتو ضد طلب عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة، بمثابة موقف مخيب للآمال بعد أن قدم الصراع الدائر بين حماس ودولة الاحتلال فرصة ثمينة لتصحيح الأخطاء الأميركية السابقة والمضي قدما في إعادة إحياء حل الدولتين.

ويبدو أن الموقف الأميركي في الدفاع عن إسرائيل ثابت وراسخ لا يتغير لتكون أميركا الحصن الثابت للكيان المحتل ضد أي قضية قد تدينه في المحاكم الدولية أو تعترف بحقوق الشعب الفلسطيني، وجاء هذا الفيتو الأخير كشوكة في حلق الرئيس الفلسطيني محمود عباس، فأصبح في وضع لا يحسد عليه بعد أن خذله الجميع عربا وغربا، لكن ربما إعادة النظر في العلاقات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل سيجعل البيت الأبيض يتعامل بمنطق أكثر عدلا وإنصافا مع الفلسطينيين.

الواقع يقول إن أميركا لا يمكن أن تضحي بمصالحها من أجل الفلسطينيين، والسلطة الفلسطينية لا يمكن أن تنتظر شيئا مغايرا منها، فلا أحد يهتم لمستقبل حل الدولتين إلا فلسطين نفسها، وربما يشكل استخدام الفيتو الأميركي ضد فلسطين عدوانا جديدا على حقوق الشعب الفلسطيني في أرضه والسلام الذي يسعى إليه بحل الدولتين، وبينما تواصل أميركا دعم إسرائيل بات خيار السلام وحل الدولتين في خبر كان.

ومن الواضح أن الإدارة الأميركية برئاسة جو بايدن تتراجع عن وعودها للسلطة الفلسطينية على خيار السلام وحل الدولتين، لكن تظل خيبة الأمل وضبابية المشهد حاضرتين وبقوة من السلطة الفلسطينية تجاه أميركا، فالولايات المتحدة التي طالما وعدت بقيامها بدور مهم في إحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط وضرورة وجود حلول للقضية الفلسطينية الإسرائيلية، يبدو أنها لا تؤتمن ولا يمكن تصديق أي وعود تصدر منها مادامت تأتي على مقاس مصلحة إسرائيل.

◄ الواقع يقول إن أميركا لا يمكن أن تضحي بمصالحها من أجل الفلسطينيين، والسلطة الفلسطينية لا يمكن أن تنتظر شيئا مغايرا منها، فلا أحد يهتم لمستقبل حل الدولتين إلا فلسطين نفسها

وكان محمود عباس، يضع آمالا عريضة على الإدارة الأميركية بشأن ممارسة ضغوط لوقف الحرب على غزة، والجلوس على مائدة واحدة لتسوية القضية ومن ثم الانتهاء بمقترح حل الدولتين، واعتبر عباس هذا الأمر مكسبا مستقبليا، كان يعول كثيرا عليه حتى صدمه الفيتو الأميركي الأخير رغم كل هذا العشم السياسي.

ورغم أن بايدن كان قد أظهر التزام الولايات المتحدة على مدى عقود عديدة بإيجاد حلول مثمرة والعمل نحو إحلال سلام دائم، وهو أمر ضروري لتعزيز الاستقرار والازدهار في الشرق الأوسط، إلا أن وعوده تتبخر أمام مصلحة إسرائيل، ليطيح بأي ذرة أمل لدى الرئيس الفلسطيني محمود عباس بمواصلة الولايات المتحدة العمل وحده على عملية السلام بين فلسطين وإسرائيل.

ومن المتوقع أن يلجأ عباس خلال الفترة المقبلة بدعم الدول الكبرى لتعزيز موقف القضية الفلسطينية، كروسيا وغيرها على حساب أميركا، فالأميركان باتوا غير مؤتمنين على إيجاد حل للقضية في ظل دعمهم غير المحدود وغير المتوقف لتل أبيب وكل ما هو إسرائيلي أو صهيوني، ويبدو أن العشم الفلسطيني في حدوث أي انفراجة لحل القضية على يد أميركا مصيره العدم، خاصة بعد تخليها عن دورها في حلول عملية السلام، لكن ربما يساهم هذا الفيتو في تغيير خارطة القوى العظمى في العالم، والتي سيأتي يوم وتعترف بحق الفلسطينيين في الحياة وفي بناء دولتهم، وتدين الجرائم والمجازر الإسرائيلية اليومية في حق هذا الشعب، وتخلق حلولا واقعية لعملية السلام في الشرق الأوسط.

أما عن مستقبل العلاقات الأميركية مع السلطة الفلسطينية فربما يدير أبومازن وجهه عن واشنطن ويبحث عن حلفاء جدد يدعمون حق الشعب الفلسطيني في الوجود، لتظل العلاقة مع أميركا فاترة.

9