فيتو أميركي: لا مجال للمساس بمحافظ مصرف ليبيا المركزي

واشنطن تحذر الفرقاء الليبيين من فقدان الوصول إلى الأسواق المالية الدولية.
الأربعاء 2024/08/14
غطاء أميركي داعم للصديق الكبير

وجهت الإدارة الأميركية عبر مبعوثها الخاص إلى ليبيا ريتشارد نورلاند رسالة حازمة تضمنت رفضها القاطع لأي تحركات قد تستهدف قيادة مصرف ليبيا المركزي، وذهبت حد التلويح بإمكانية فقدان ليبيا الوصول إلى الأسواق المالية العالمية.

تونس - حذر المبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا ريتشارد نورلاند من محاولة لاستبدال محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير بالقوة، بعد أن رشحت معلومات عن نية مجموعات مسلحة موالية لحكومة الوحدة الوطنية محاصرة المصرف في العاصمة طرابلس.

ويرى مراقبون أن الموقف الأميركي من شأنه أن يفرمل أي اندفاعة لاستهداف المصرف ومحافظه، حيث أن رئيس حكومة الوحدة عبدالحميد الدبيبة الذي يواجه تحديات كبيرة شرقا وغربا، ليس في وسعه تحدي الإرادة الأميركية.

وجاء تحذير نورلاند خلال لقاء جمعه بالكبير الاثنين، بمقر سفارة الولايات المتحدة في العاصمة التونسية.

ووفق بيان للمصرف المركزي الليبي ومنشور للسفارة الأميركية لدى ليبيا على منصة إكس، فقد “ناقش الجانبان خلال اجتماع في تونس التطورات الأخيرة بشأن المصرف والتهديدات المتزايدة التي تطال أمنه وسلامة موظفيه وأنظمته”.

وأكد المبعوث الخاص، وفق بيان المصرف، “دعم بلاده الكامل لمصرف ليبيا المركزي تجاه تلك التهديدات والمحافظة على استقرار المصرف المركزي من أجل القيام بالدور المنوط به على أكمل وجه”.

وعن اللقاء ذاته، قال السفير نورلاند “التقيت (الاثنين) بمحافظ مصرف ليبيا المركزي لمناقشة التحركات المقلقة للجماعات المسلحة حول مقر المصرف”.

وأضاف أن “ظهور مجموعة جديدة من المواجهات بين الجماعات المسلحة في الأيام الأخيرة يبرز المخاطر المستمرة الناتجة عن الجمود السياسي في ليبيا”، في إشارة إلى معارك بين كتائب مسلحة، جرت الجمعة الماضية، بمنطقة تاجوراء شرقي العاصمة طرابلس، وأسفرت عن مقتل 9 أشخاص.

وأوضح نورلاند أن “التهديدات لأمن موظفي المصرف المركزي وعملياته غير مقبولة”، مؤكدا “وجوب حماية نزاهة مصرف ليبيا المركزي مثلها مثل المؤسسات السيادية الأخرى في ليبيا”.

وحذر المبعوث الأميركي من أن “محاولة استبدال قيادة المصرف بالقوة قد تؤدي إلى فقدان ليبيا الوصول إلى الأسواق المالية الدولية”.

وأكد أن “النزاعات حول توزيع ثروات ليبيا يجب أن تحل من خلال مفاوضات شفافة وشاملة نحو تحقيق ميزانية موحدة تعتمد على التوافق”.

وفي حين لم يوضح البنك المركزي الليبي أو المبعوث الأميركي ما هي تلك التهديدات، لكنْ نشطاء ليبيون تداولوا خلال اليومين الماضيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي أخبارا تفيد بـ”عزم رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، إقالة المحافظ بالاستعانة بقوى عسكرية غربي البلاد، بعد ضغوطات من رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة”، في ما لم يصدر تعليق فوري من المنفي أو الدبيبة على تلك الأخبار.

رئيس حكومة الوحدة عبدالحميد الدبيبة الذي يواجه تحديات كبيرة شرقا وغربا، ليس في وسعه تحدي الإرادة الأميركية

ومؤخرا، تدهورت العلاقات بين الدبيبة ومحافظ البنك المركزي الذي ظهر قبل نحو شهر في لقاء جمعة لأول مرة مع رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، رغم أن الأخير كان يصرح مرارا بأن محافظ المصرف “مُقال من منصبه ووجوده على رأس المصرف أمر غير شرعي”.

وكانت التجاذبات بين الكبير والدبيبة بدأت منذ فبراير الماضي على خلفية الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد.

واتهم الكبير حكومة الدبيبة بـ”التوسع في الإنفاق العام، وخصوصاً الاستهلاكي، إلى جانب صرف المنح والإعانات”، مشيراً إلى أن الدبيبة قدّم للشعب “صورة وردية للاقتصاد الليبي، بما يعد تضليلاً للرأي العام”.

وقال نشطاء ليبيون إن الدبيبة يرى في أن الكبير بات على المقلب الآخر وأنه يجب إزاحته، وهو يراهن في ذلك على دعم المجلس الرئاسي.

ويرى النشطاء أن وحدة المصير التي تربط بين حكومة الوحدة والمجلس الرئاسي أدت إلى حالة من التبعية للأخير للدبيبة.

 وتسلمت حكومة الوحدة والمجلس الرئاسي، مهامهما وفق اتفاق سياسي جرى برعاية أممية في العام 2021، ويدرك الطرفان أن انهيار أحدهما سيؤدي بالضرورة إلى نهاية الجسم الآخر.

وتتنازع حكومتان على السلطة في ليبيا: الأولى برئاسة الدبيبة المتمركزة بالعاصمة وتدير منها كامل غرب البلاد، والثانية حكومة “الاستقرار” المكلفة من مجلس النواب، وتدير المنطقة الشرقية، ويرأسها أسامة حمّاد.

وخلق وجود حكومتين بالبلاد أزمة سياسية يأمل الليبيون في حلها عبر إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، لكن لا يبدو أن هذه الآمال قابلة للتحقق في ظل صراع الأضداد القائم، والذي بات ينذر بالخروج عن السيطرة.

4