فيتو أميركي على مشاركة حزب الله في حكومة لبنان الجديدة

بيروت – أطاح فيتو أميركي بالتشكيلة الحكومية التي كان من المفترض أن يعرضها رئيس الوزراء اللبناني المكلف نواف سلام على رئيس الجمهورية جوزيف عون، الخميس أو الجمعة على أقصى تقدير، وسط ترجيحات أن يسير سلام في خيار تشكيل حكومة أمر واقع، بعيدا عن الثنائي الشيعي حزب الله وحركة أمل.
وتوصل سلام في الأيام الأخيرة إلى حل لمعظم العقد التي حالت دون تأليف الحكومة، ومكن الثنائي الشيعي من أربع حقائب وزارية بينها حقيبة المالية، لكنه خلال الساعات الماضية عدل من موقفه متمسكا بتسمية الوزير الشيعي الخامس، حتى يحول دون إمكانية تعرضه للابتزاز والمساومة مستقبلا من الثنائي.
كما طرح سلام تغيير بعض الأسماء التي سماها الثنائي، فيما تحدثت أوساط عن أن موقف رئيس الوزراء المكلف ربما يكون مرتبطا بالرفض الأميركي لإشراك حزب الله أو أمل في التشكيلة الحكومية المقبلة.
ويرى مراقبون أن تراجع سلام عن تفاهماته مع الثنائي يعود إلى معطيات لديه بأن مشاركتهما ستثير بالتأكيد غضب الولايات المتحدة وأيضا الدول العربية، التي سبق وأن أحجمت عن دعم لبنان، بسبب تدخل الثنائي واستئثاره بسلطة القرار الحكومي.
ويحرص سلام على أن تكون حكومته المقبلة قاطرة الإصلاح في لبنان الذي أنهكته الأزمة الاقتصادية التي يتخبط فيها لسنوات طويلة، والتي تفاقمت بالحرب الأخيرة بين حزب الله وإسرائيل، ويدرك سلام أنه بدون مساعدة المجتمع الدولي فإنه لن يستطيع تحقيق الهدف المنشود الذي انتخب لأجله.
وكانت وكالة رويترز تحدثت في وقت سابق عن توجه وفد أميركي الخميس إلى بيروت، لتوجيه رسالة شديدة اللهجة مفادها أن الولايات المتحدة لن تقبل نفوذا دون قيود لحزب الله وحلفائه على عملية تشكيل الحكومة الجديدة.
وقال مسؤول في الإدارة الأميركية ودبلوماسي غربي ومصادر من دول بالمنطقة إن الرسالة ستتضمن إشارة إلى أن لبنان سيتعرض لعزلة أكبر ودمار اقتصادي ما لم يشكل حكومة ملتزمة بالإصلاحات ويلتزم بالقضاء على الفساد والحد من نفوذ حزب الله المدعوم من إيران.
ومن المقرر أن يلتقي الوفد الأميركي برئاسة مورجان أورتاجوس، نائب المبعوث الخاص للشرق الأوسط، مع الرئيس اللبناني المنتخب جوزيف عون ورئيس الوزراء المكلف ورئيس مجلس النواب نبيه بري.
وكُلف سلام قبل أكثر من ثلاثة أسابيع بتشكيل حكومة توزع فيها المناصب العليا عادة بين الطوائف اللبنانية بموجب نظام لتقاسم السلطة.
لكن الولايات المتحدة تسعى إلى الحد من النفوذ الذي قد يمارسه حزب الله على الحكومة في محاولة للاستفادة من الضربات التي تلقتها الجماعة اللبنانية في حربها مع إسرائيل العام الماضي.
وقال المسؤول الكبير في الإدارة الأميركية “من المهم بالنسبة لنا توضيح الشكل الذي نود أن نرى عليه لبنان الجديد في المستقبل”، مؤكدا أن واشنطن لا “تختار” أعضاء بعينهم لمجلس الوزراء لكنها تسعى للتأكد من عدم مشاركة جماعة حزب الله في الحكومة.
الولايات المتحدة تسعى إلى الحد من النفوذ الذي قد يمارسه حزب الله على الحكومة في محاولة للاستفادة من الضربات التي تلقتها الجماعة اللبنانية في حربها مع إسرائيل
وأضاف “وقعت حرب وهُزم حزب الله ويتعين أن يظل مهزوما… لا أحد يرغب في شخص فاسد. إنها مرحلة جديد للبنان. هُزم حزب الله، ويجب أن تكون الحكومة الجديدة ملائمة للواقع الجديد.”
ويشغل حزب الله وحركة أمل الشيعية الحليفة له، والتي يقودها رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، عددا كبيرا من مقاعد المجلس المكون من 128 عضوا. وسيتعين على أي حكومة جديدة الحصول على موافقة المجلس.
وسمح نواف سلام لحزب الله وحركة أمل بترشيح أربعة من خمسة وزراء شيعة في حكومته الجديدة، بما في ذلك وزير المالية. كما أصرت الجماعتان وفقا لمصادر سياسية لبنانية على الاحتفاظ بحق النقض في ما يتعلق باختيار المرشح الخامس.
والخميس التقى رئيس الوزراء المكلف في القصر الجمهوري بعبدا الرئيسين عون وبري، وقالت مصادر لوسائل إعلام محلية إن “بري تفاجأ في الجلسة بإصرار سلام على أن يسمّي هو الوزير الشيعي الخامس، وأيضا على توزير لميا المبيض التي يرفضها الثنائي الشيعي لتكون من حصّته بالكامل.”
ولفتت المصادر إلى أنّ “على إثر ذلك غضب برّي من موقف سلام الذي أعاد خلط الأمور، وغادر القصر الجمهوري غاضبا”، وهنا تساءلت المصادر “ما الذي حدث حتّى غيّر سلام موقفه؟ وهل فعلا هو التدخّل الأميركي في اللحظة الأخيرة الذي منع منح الثنائي الشيعي الوزير الخامس خوفا من حصوله على استخدام ورقة الميثاقية الشيعية، أم القصة أبعد من ذلك وهي الرغبة الأميركية في ولادة حكومة دون حزب الله؟”
وقال ديفيد شينكر، وهو مساعد سابق لوزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، إن الإصلاح الحقيقي لا يمكن أن تقوم به شخصيات مرتبطة بحركة أمل. وأضاف “لا يمكن للوضع أن يستمر كما كان.”