فيتش ترجح نمو إصدارات الديون السعودية في 2024

الرياض - رجحت فيتش أن تواصل سوق الدين نموها في السعودية خلال العام الجاري، بعد ارتفاع حجمها في العام الماضي بفعل احتياجات التمويل التي تسببت فيها تقلبات النفط المصدر الرئيسي للعوائد رغم جهود تنويع مصادر الدخل.
وزاد حجم ديون البلد في العام الماضي بنسبة 14.5 في المئة على أساس سنوي. وبلغ بذلك إجمالي محفظة إصدارات الحكومة بكافة العملات 360 مليار دولار في نهاية 2023.
ومثلت الصكوك 62.8 في المئة من محفظة الدين في السعودية، ولم تتخلف عن السداد أي جهة من الجهات المصدرة العام الماضي، حسب قول بشار الناطور الرئيس العالمي للتمويل الإسلامي لدى فيتش في تقرير حديث.
وتتوقع وكالة التصنيف الائتماني استمرار نمو سوق الدين السعودي في العام الجديد مدعوما بإصدارات الحكومة محليا ودوليا لتلبية احتياجات التمويل، ومدفوعات الديون المستحقة.
وفي وقت سابق هذا الشهر طرحت الرياض سندات دولارية على ثلاث شرائح بقيمة إجمالية تبلغ 12 مليار دولار تشكل نحو نصف احتياجاتها التمويلية خلال العام الجاري.
وانضم صندوق الثروة السيادية، الذي بلغ حجم الأصول التي يديرها حتى أواخر سبتمبر الماضي نحو 718 مليار دولار، إلى موجة من عمليات إصدار السندات شهدتها الأسواق الناشئة هذا العام.
وأصدر الصندوق الاثنين الماضي سندات بقيمة 5 مليارات دولار على 3 شرائح. وأتم في أكتوبر الماضي إصدار صكوك قيمتها 3.5 مليار دولار. وجذب الإصداران طلبا قويا.
ولاقت عمليات بيع السندات اهتماما من الصناديق السيادية ذات التصنيف الأعلى، إذ أطلقت المكسيك أكبر عملية بيع لها على الإطلاق بقيمة 7.5 مليار دولار في أوائل يناير الحالي، وتنشط بولندا والمجر وإندونيسيا في هذه السوق.
وإلى جانب السعودية من المتوقع أن تصدر خمس دول أخرى على الأقل سندات بما لا يقل عن عشرة مليارات دولار، وهي إندونيسيا وبولندا وتركيا وإسرائيل والمكسيك، ومن المحتمل أن يصل حجم إصدار السندات من المكسيك إلى 18 مليار دولار.
وتشير تقديرات محللين في بنك الاستثمار الأميركي مورغان ستانلي إلى أن الدول النامية ستصدر سندات بنحو 165 مليار دولار خلال هذا العام، بزيادة قدرها 20 في المئة تقريبا أو 30 مليار دولار عن عام 2023.
وعلى المدى المتوسط تتوقع وكالة التصنيف الائتماني في تقريرها أن يصل حجم محفظة الديون السعودية إلى نصف تريليون دولار.
وتقدر الحكومة أن تبلغ احتياجاتها التمويلية خلال العام الجاري نحو 23 مليار دولار، وذلك وفق أرقام خطة الاقتراض السنوية لعام 2024 التي أعلن المركز الوطني لإدارة الدين عن اعتمادها من قبل وزير المالية محمد الجدعان.
وتراجعت ضغوط السيولة لدى البنوك السعودية في العام الماضي، ومن المفترض أن تظل أوضاعها على هذا المنوال خلال هذا العام.
كما تستمر الودائع لدى القطاع المصرفي في النمو باعتبارها المصدر الرئيسي للتمويل، ومع ذلك سيتم تنويع قواعده من خلال إصدارات الصكوك والسندات.
ونمت ودائع الشركات الحكومية بمقدار 147 مليار ريال (39.2 مليار دولار)، ما نسبته 23 في المئة، في 12 شهراً حتى نهاية أكتوبر الماضي وتمثل 70 في المئة من إجمالي تدفقات الودائع في تلك الفترة، وفق فيتش.
وتعرضت السيولة في البنوك السعودية لضغوط في عام 2022، حيث تجاوز نمو التمويل 14 في المئة، فيما نمت الودائع بنسبة 9 في المئة. وأدى ارتفاع أسعار الفائدة إلى تكثيف المنافسة على التمويل.
وتوقع أنطون لوباتين، مدير أول بوكالة فيتش، في مقابلة مع بلومبرغ الشرق نمو التمويل والإقراض بنحو 10 في المئة في العام الجاري. وأشار إلى أن تدفقات الودائع من الشركات الحكومية قريبة من تلك النسبة، ما يجنّب البنوك أي ضغوط على توفر السيولة لديها خلال العام الجاري.
◙ ضغوط السيولة لدى البنوك السعودية تراجعت في العام الماضي، ومن المفترض أن تظل أوضاعها على هذا المنوال خلال هذا العام
وتظهر تقديرات فيتش أن الشركات السعودية ستصدر المزيد من أدوات الدين، ما قد يقلل الاعتماد على التمويل المصرفي. ومن شأن عدم اليقين بالنسبة إلى الاقتصاد العالمي والتقلبات الجيوسياسية أن يؤثرا على شهية المستثمرين، وخاصة منهم المستثمرين الدوليين. ويُتوقع أن يؤدي انخفاض أسعار النفط الهام وتراجع أسعار الفائدة خلال عامي 2024 و2025 إلى إصدار أدوات الدين، بحسب التقرير.
والسعودية ثاني أكبر مصدر للصكوك على مستوى العالم بعد ماليزيا، حيث تبلغ حصتها 24.9 في المئة من سوق الصكوك الدولارية العالمية و26.7 في المئة من إجمالي الصكوك بجميع العملات في نهاية عام 2023، مدفوعة بإصدار الصكوك بالريال.
ولدى البلد الخليجي أكبر سوق لأدوات الدين والصكوك في دول الخليج العربي، حيث تبلغ حصتها من الصكوك الخليجية 69 في المئة على مستوى جميع العملات، تليها دولة الإمارات.
وارتفع إصدار الصكوك المقومة بالدولار الأميركي بنسبة 178 في المئة على أساس سنوي بدول الخليج العام الماضي، في وقت لم يتجاوز فيه نمو هذه الإصدارات عالميا 10.3 في المئة.
ويعتقد خبراء الوكالة أن يدفع انخفاض أسعار النفط والفائدة إلى نمو إصدارات الصكوك عالميا خلال هذا العام بعد أن بلغت 850 مليار دولار في 2023 على الرغم من التقلبات والعوامل الجيوسياسية.
وفي أبريل الماضي رفعت فيتش التصنيف الائتماني للسعودية من أي إلى أي+ مع نظرة مستقبلية مستقرة. ورغم ذلك أشارت حينذاك إلى أن اعتماد المملكة المرتفع على النفط يمثل نقطة ضعف في تصنيف البلاد.
وتشير الدرجة التي تُعد خامس أعلى تصنيف سيادي تمنحه الوكالة إلى القوة المالية للمملكة، وضبط الدين العام، وافتراض استمرار التقدم الحالي في الإصلاحات المالية والاقتصادية والحوكمة.