فوضى وانفلات أمني بليبيا في غياب الدولة

سبها (ليبيا)- توالت الاعتداءات في أنحاء ليبيا، في مشهد يعكس حالة الفوضى والانفلات في غياب الدولة.
وشهدت مدينة سبها كبرى مدن الجنوب الليبي، والتي تبعد عن مدينة طرابلس حوالي 750 كيلومترا، هجوما على مقر أمني أدى إلى سقوط ثلاثة قتلى هم أمنيان وعسكري.
وقالت مصادر مطلعة الثلاثاء إن عناصر من الكتيبة 101 بإمرة النقيب أحمد الشامخ التابع للواء صدام حفتر شنت هجوما على مقر البحث الجنائي لتهريب رئيس لجنة الوقود صلاح الحاسي المقبوض عليه بأوامر من النائب العام.
وكشفت المصادر أن الاشتباكات التي جدت إثر الهجوم نتج عنها مقتل أحد عناصر الكتيبة العسكرية وعنصرين من البحث الجنائي.
وكانت إدارة البحث الجنائي برئاسة أحمد عويدات اعتقلت الأحد صلاح الحاسي تنفيذا لبطاقة ضبط وإحضار صادرة عن مكتب النائب العام، ورفضت الخضوع للضغوط التي تطالب بإطلاق سراحه.
◄ عناصر من الكتيبة 101 تشن هجوما على مقر البحث الجنائي في سبها لتهريب رئيس لجنة الوقود صلاح الحاسي
وذكرت المصادر أن السجناء الذين كانوا موقوفين لدى البحث الجنائي تمكنوا من الفرار مستغلين الهجوم. وتابعت أنها ليست المرة الأولى، حيث تكرر المشهد في عدة مناسبات، من بينها ما حدث الأسبوع الماضي في مدينة براك عندما هاجمت مفرزة عسكرية مقر المباحث العامة بهدف تهريب أحد كبار المتورطين في تجارة المخدرات.
وتشهد مدينة الخمس الواقعة شرق مدينة طرابلس بحوالي 135 كيلومترا حالة من الغضب، وذلك بعد تعرض حافلة نادي الخمس ليل الاثنين – الثلاثاء للاعتداء أثناء عودتها من مدينة طرابلس بعد مباراة ضد فريق الملعب الليبي.
وقال مجلس إدارة نادي الخمس إن “مجموعة من الغوغاء” اعتدت على أعضاء البعثة بالأسلحة البيضاء، ما أدى إلى إصابة عدد من الرياضيين والإداريين والإعلاميين الذين تم نقلهم إلى مستشفيات ومصحات منطقة تاجوراء حيث وقع الاعتداء.
وأضاف المجلس في بيان إن المعتدين لم يكتفوا بذلك، بل أشعلوا النار في الحافلة التي تقل البعثة، ما عرض حياة الفريق للخطر وتسبب في إتلافها وكافة تجهيزات ومعدات النادي.
وأصدر المجلس البلدي بالخمس ومجلس أعيان وحكماء المدينة ومديرية الأمن ومشجعو النادي وأهالي المدينة بيانات منفصلة استنكروا فيها الحادثة وطالبوا مؤسسات الدولة بمحاسبة المعتدين.
وأوضح عميد بلدية الخمس علي الذيب أن “أهالي البلدية سيدخلون في عصيان مدني بعد الاعتداء على ناديها”، وقال إنه يجب “على السلطات المختصة التعامل مع الحادثة بكل جدية، وتسليم الجُناة إلى العدالة”.
وقال مدير أمن الخمس مفتاح حيدر إنه تواصل مع مدير أمن طرابلس، وشدد على ضرورة محاسبة “المعتدين”.
ومن جانبها استنكرت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا الحادثة. وطالبت بالوقف الفوري للدوري الليبي جراء المخاطر التي يتعرض لها اللاعبون والجماهير وفشل إدارة الدوري وتنظيمه، وللحيلولة دون وقوع كارثة غير مسبوقة.
ولا يزال الغموض يكتنف مصير عضو مجلس النواب إبراهيم الدرسي الذي تم اختطافه في 16 مايو الجاري من قبل عناصر مسلحة لم يتم الكشف عن هويتها.
وأصدر رئيس المجلس عقيلة صالح تعليماته إلى لجنتي الدفاع والأمن القومي والشؤون الداخلية في مجلس النواب بتكثيف التحري والبحث عن النائب المختفي، وأوعز في مخاطبة رسمية إلى لجنتي الدفاع والأمن القومي والشؤون الداخلية بمجلس النواب ووزارة الداخلية في الحكومة الليبية باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة وحث الأجهزة الأمنية، وموافاته بنتائج التحقيقات واستمرار الجهود حتى الوصول إلى النائب.
وكان مجلس النواب طالب الأجهزة الأمنية بالكشف عن مصير الدرسي، ودعا مكتب النائب العام إلى ضرورة التحقيق في الحادثة وتقديم المتورطين إلى العدالة، لكن دون جدوى، فيما يخشى المراقبون أن يكون للدرسي نفس مصير النائبة سهام سرقيوة التي تعرضت للاختطاف والإخفاء القسري منذ يوليو 2019 بسبب مواقف سياسية عبرت عنها.
وأعلنت وزارة الداخلية بالحكومة المنبثقة عن مجلس النواب في السابع عشر من مايو عن اختفاء النائب إبراهيم الدرسي، وقالت إنها فتحت تحقيقًا شاملا في الحادثة، وإن مديرية أمن بنغازي تلقت بلاغا بشأن اختفاء الدرسي “إثر الدخول إلى منزله وسرقته في ساعات متأخرة من الليل”.
وترى أوساط ليبية أن توالي الأحداث الأمنية يشير إلى حالة من الفلتان الأمني باتت تشهدها عدة مناطق في البلاد، وأن بعض تلك الأحداث ممنهج ويأتي في سياق ممارسة السلطة للعنف ضد مواطنيها سواء بهدف قمع الأصوات المخالفة أو لبث الرعب في نفوس السكان المحليين أو من أجل الدفاع عن شبكات الفساد التي أصبحت جزءا من منظومة الحكم.