فوضى دستورية تعمق أزمات لبنان

ميشال عون يغادر قصر بعبدا تاركا شغورا في موقع رئاسة الجمهورية.
الجمعة 2022/11/04
عون يغادر تاركا شرخ سياسي كبير يعمق من أزمة لبنان

بيروت - شهدت جلسة مجلس النواب اللبناني الخميس مناوشات حادة بين الكتل النيابية التي خيّر بعضها الانسحاب خلال مناقشة المجلس لرسالة رئيس الجمهورية المنتهية ولايته ميشال عون، والتي طلب فيها من رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي الاعتذار عن التكليف، وهو ما رفضه الأخير.

ويؤشر رفض ميقاتي الاستجابة لطلب عون على دخول البلاد في مرحلة فوضى دستورية وشلل للمؤسسات، ما يعمق معاناة اللبنانيين الذين يواجهون أزمات متعددة على عدة جبهات.

وكان عون وجّه الأحد الماضي رسالة إلى مجلس النواب تتعلق بمسألة تأليف الحكومة، ودعاه إلى اتخاذ القرار المناسب في ظل فشل ميقاتي في تشكيل الحكومة.

وغادر عون، الذي انتهت ولايته الاثنين الماضي، قصر بعبدا تاركا شغورا في موقع رئاسة الجمهورية، حيث لم يتمكن المجلس النيابي من انتخاب رئيس جديد للجمهورية، كما أن رئيس الحكومة المكلف لم يتمكن من تشكيل حكومة جديدة، والتي أصبحت حكومة تصريف أعمال بعد الانتخابات النيابية في مايو الماضي.

ميشال معوض: رسالة عون صادرة عن رئيس سابق ومضمونها مسموم
ميشال معوض: رسالة عون صادرة عن رئيس سابق ومضمونها مسموم

وردّ ميقاتي خلال جلسة مناقشة رسالة عون على رئيس تكتّل “لبنان القوي” النائب جبران باسيل، عن ميثاقية تكليفه، قائلا “كان يجب أن أعتذر في حينها، ولكن عندما طالبت أنت باعتذاري تراجعت”.

وأشار المرشح الرئاسي والنائب ميشال معوض، بعد خروجه من جلسة مجلس النواب، إلى أنّ “من قدّم الرسالة هو رئيس سابق، فإذا ناقشنا هذه الرسالة لمن سيكون الجواب؟ كما أنّ مضمون الرسالة مسموم، والدستور واضح بأنّ إعادة الانتظام العام تبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية”.

وأكّد أنّ “اللبنانيين لم يعودوا قادرين على التحمّل، وهناك من يعيش على ‘نبش القبور'”، معلنا “أننا لن نحضر الجلسة، ورفضنا الانضمام إلى هذا السّجال”.

وانسحب بدورهم نواب التغيير من الجلسة. وأكد النائب ملحم خلف، بعد الانسحاب، أنّ “المجلس النيابي تحوّل منذ منتصف ليل الحادي والثلاثين من أكتوبر الماضي إلى هيئة انتخابية لانتخاب رئيس ليس إلا، ولا يحق له القيام بأي عمل غير ذلك”.

وانزلق لبنان إلى أزمة حكومية غير مسبوقة مع عدم وجود رئيس للبلاد، وفي ظل حكومة تصريف أعمال محدودة السلطات وبرلمان منقسم بشدة، في وقت مازال البلد يكابد انهيارا ماليا قياسيا دفع معظم السكان إلى هوة الفقر.

وقبل ساعات على مغادرة قصر الرئاسة، وقّع عون على مرسوم قبول “استقالة” الحكومة، وأكد على حالة تصريف الأعمال.

وينص الدستور على أن مثل هذا الوضع يجبر البرلمان على عقد اجتماع استثنائي إلى حين تشكيل حكومة جديدة. ومن المقرر أن ينعقد البرلمان الخميس.

والرئيس اللبناني مسؤول عن توقيع مشاريع القوانين وتعيين رئيس الوزراء والموافقة على تشكيلة الحكومة، قبل رفعها إلى البرلمان للتصويت لمنحها الثقة. أما الحكومة فمسؤولة عن اتخاذ القرارات التنفيذية.

وينص الدستور على أن أي حكومة مستقيلة يجب أن تعمل “بالمعنى الضيق”، دون المزيد من التفاصيل. كما ينص على أنه في حال حدوث فراغ رئاسي يتعين على البرلمان الاجتماع على وجه السرعة لانتخاب رئيس جديد.

وخلال الفراغات الرئاسية في السابق، كانت الحكومة تتولى سلطات الرئيس من خلال اتخاذ القرارات بالإجماع. لكن قبيل تركه للمنصب أصر عون على التأكيد أنه لا ينبغي السماح لحكومة تصريف الأعمال بتولي هذه الصلاحيات.

ويثير ذلك تساؤلات حول كيفية تعامل لبنان مع الأزمة المالية المتفاقمة، التي تركت أكثر من 80 في المئة من السكان في فقر وحرمت المودعين من الوصول إلى مدخراتهم في النظام المصرفي المشلول منذ ثلاث سنوات.

ويرى المحلل السياسي جورج عاقوري أن “السبيل الوحيد لانتخاب رئيس هو الذهاب والاقتراع للشخصية التي يراها النواب مناسبة، ولتكن عملية ديمقراطية لانتخاب الشخص المناسب لإنقاذ لبنان من المحنة غير المسبوقة التي يمر بها”.

ومنذ سبتمبر الماضي أخفق نواب البرلمان الـ128 أربع مرات في انتخاب خلف لعون، وسط توقعات بحدوث شغور رئاسي قد يمتد عدة أشهر.

2