فوضى أخبار عن مصير الرئيس الإيراني

لندن – سيطرت حالة من الفوضى الإخبارية على مصير الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان ومسؤولين آخرين، الذين كانوا على متن مروحية فقد الاتصال بها ظهر الأحد بعد سقوطها في منطقة جبلية وعرة داخل البلاد.
واستمر الغموض وتضارب الأنباء بشأن الحادث حتى كتابة هذه الأسطر وإغلاق الصحيفة للطباعة. وبينما نقلت وسائل إعلام دولية ومحلية أنباء عن العثور على حطام المروحية، سارع الهلال الأحمر الإيراني إلى نفي الخبر.
وقالت وكالة رويترز للأنباء إن التلفزيون الحكومي أكد العثور على المروحية، ونقل عن مسؤول قوله إن أحد أفراد الطاقم وراكبا واحدا على الأقل تواصلا مع رجال الإنقاذ، لكن خبراء شككوا في هذه الرواية معتبرين أنه من الصعب أن تحدث عملية تواصل باعتبار أن المروحية قد سقطت في منطقة غير مأهولة.
الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي منافس قوي لخلافة خامنئي الذي يتولى منصب الزعيم الأعلى منذ عام 1989، وهو مؤيد قوي لسياساته (رئيسي)
ولاحقا أعلن التلفزيون الحكومي الإيراني أنه تم تحديد موقع المروحية، لكن لم يتم الوصول إليها بعد. وفي حين تحدثت وسائل إعلام عن سقوط المروحية، قالت السلطات الإيرانية إن الطائرة هبطت هبوطا صعبا.
وبقيت الاحتمالات مفتوحة بشأن أسباب السقوط حيث رجح البعض، خاصة داخل إيران، أن يكون سوء الأحوال الجوية وراء الحادث في حين لم يستبعد آخرون حدوث خلل فني أو عمل تخريبي.
وتحيط آمال ضعيفة بإمكانية نجاة رئيسي ووزير خارجيته حيث يتوقع مراقبون أن يكون ارتطام الطائرة شديدا وقد تم في منطقة جبلية غير مناسبة للهبوط.
وقال مسؤول إيراني لرويترز إن حياة رئيسي وأمير عبداللهيان “في خطر بعد سقوط الطائرة الهليكوبتر”، والذي حدث أثناء العودة من زيارة إلى حدود إيران مع أذربيجان.
وأضاف المسؤول، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، “مازال يحدونا الأمل لكن المعلومات الواردة من موقع التحطم مقلقة للغاية”.
وسعى الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي إلى طمأنة الإيرانيين قائلا “إن شؤون الدولة لن تتعطل”. ويتمتع خامنئي بسلطة مطلقة في إيران وله القول الفصل في سياستها الخارجية وبرنامجها النووي.
وقالت وسائل إعلام رسمية إيرانية إن الحادث وقع بسبب سوء الأحوال الجوية، وهو ما يعقّد جهود الإنقاذ. وأمر رئيس أركان الجيش الإيراني بحشد جميع موارد الجيش والحرس الثوري في عمليتي البحث والإنقاذ.
وقال مراسل محلي للتلفزيون الرسمي “لقد حل الظلام وبدأت السماء تمطر، لكن البحث مستمر. وصلت فرق الإنقاذ إلى المنطقة… لكن الأمطار خلّفت طينا، وهو ما يجعل البحث صعبا”.
وأوقفت هيئة البث الوطنية في وقت سابق جميع البرامج المعتادة بهدف عرض الصلوات التي تقام من أجل سلامة رئيسي في أنحاء البلاد، وظهرت في زاوية من الشاشة تغطية حية لفرق الإنقاذ وهي تمشي سيرا على الأقدام في المنطقة الجبلية وسط ضباب كثيف.
وعبرت دول مجاورة عن قلقها وعرضت تقديم المساعدة في عمليات الإنقاذ. وقال البيت الأبيض إنه جرى إطلاع الرئيس الأميركي جو بايدن على التقارير المتعلقة بالحادث. وعرض الاتحاد الأوروبي تفعيل خدمة الخرائط عبر الأقمار الصناعية لمساعدة إيران في جهود البحث.
وقالت وزارة الخارجية الإماراتية إن الإمارات تقف بجانب إيران ومستعدة لتوفير الدعم في جهود البحث عن طائرة الرئيس. وأبدت السعودية “قلقها البالغ” إزاء الأنباء الواردة من إيران عن تعرّض مروحية رئيسي لحادث الأحد، مؤكّدة “استعدادها لتقديم أيّ مساعدة تحتاجها الأجهزة الإيرانية”.
وقالت وزارة الخارجية السعودية في بيان إنّ الرياض وإذ “تتابع بقلقٍ بالغ” الأنباء الواردة بشأن حادث مروحية رئيسي تؤكد “وقوفها إلى جانب الجمهورية الإسلامية الإيرانية الشقيقة في هذه الظروف الصعبة واستعدادها لتقديم أيّ مساعدة تحتاجها الأجهزة الإيرانية”.
وأعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن “حزنه الشديد” بعد الحادث وعرض على طهران “كل الدعم الضروري” في عملية البحث.
ولاحقا أرسلت تركيا 32 عامل إنقاذ وستّ مركبات إلى إيران للمشاركة في عمليات البحث الجارية عن المروحية. وقالت إدارة الكوارث والطوارئ التركية (أفاد) في منشور على منصة إكس إنه “تمّ إرسال 32 عنصراً متخصصاً في البحث والإنقاذ الجبلي وستّ مركبات” من مركزي فان وأرضروم في شرق تركيا، مشيرة إلى أنّ طهران طلبت أيضاً مروحية مجهزة لعمليات البحث الليلية.
وانُتخب رئيسي (63 عاما) في 2021 وأمر منذ توليه منصبه بتشديد قوانين الأخلاق، كما أشرف على حملة قمع دموية استهدفت الاحتجاجات المناهضة للحكومة ومارس ضغوطا قوية في المحادثات النووية مع القوى العالمية.
ويرى كثيرون منذ سنوات أن رئيسي منافس قوي لخلافة خامنئي (85 عاما). ويتولى خامنئي منصب الزعيم الأعلى منذ عام 1989، وهو مؤيد قوي لسياسات رئيسي الرئيسية.
وأدى فوز رئيسي في انتخابات 2021 إلى سيطرة الإسلاميين المحافظين على جميع مفاصل السلطة، وذلك بعد ثماني سنوات من حكم الرئيس حسن روحاني والتفاوض على اتفاق نووي مع واشنطن.
لكن مكانة رئيسي ربما تكون قد تأثرت باحتجاجات حاشدة مناهضة لحكم رجال الدين وإخفاقه في تحسين الوضع الاقتصادي، الذي تضرر بشدة جراء العقوبات الغربية. وكان رئيسي على الحدود مع أذربيجان الأحد لافتتاح سد “قيز قلعة سي”، وهو مشروع مشترك بين الدولتين.