فوز زعيم المعارضة برئاسة أرض الصومال يطرح تساؤلات عن مآل الاتفاق مع إثيوبيا

نتيجة الانتخابات تتويج لإنجازات راكمتها المعارضة طيلة السنوات الماضية.
الأربعاء 2024/11/20
هل يغامر عرو بخسارة حليف إقليمي وازن

لم تكن نتيجة الانتخابات المزدوجة في أرض الصومال بالمفاجئة، ويرى محللون أن ما حصل خصوصا لجهة فوز زعيم المعارضة عبدالرحمن عبدالله عرو برئاسة الإقليم، هو بمثابة تتويج لإنجازات راكمتها المعارضة في السنوات الأخيرة وكان أحد فصولها الانتخابات النيابية التي جرت في العام 2021.

هرجيسا - فاز زعيم المعارضة في أرض الصومال عبدالرحمن محمد عبدالله عرو، الثلاثاء، على الرئيس الحالي موسى بيهي عبدي في الانتخابات الرئاسية التي جرت في الثالث عشر من نوفمبر الجاري. وكانت النتيجة متوقعة، وسط ترجيحات بأن يسعى الرئيس الفائز إلى تبني سياسة أكثر انفتاحا على الحكومة الفيدرالية الصومالية، لكن السؤال الذي يفرض نفسه هل سيتخلى الرئيس الجديد عن مذكرة التفاهم مع إثيوبيا، ويغامر بفقدان حليف إقليمي وازن، يمكن أن يساهم في تفكيك عقدة الاعتراف بأرض الصومال كدولة مستقلة.

وأعلنت اللجنة الانتخابية في أرض الصومال أن عرو، زعيم حزب وطني المعارض، حصل على 63 في المئة من الأصوات، في حين حصل بيهي عبدي على 34 في المئة، بينما حصل المنافس الثالث فيصل علي ورابي على 0.7 في المئة من الأصوات، مشيرة إلى أن هذه النتائج أولية، وسيتم تقديمها للمحكمة الدستورية للتصديق عليها.

ومن جهة ثانية أعلنت اللجنة عن فوز ثلاثة أحزاب هي وطني وكلميه (حزب الرئيس السابق) وحزب كاه وهو حزب جديد سيحل محل حزب “أعد” الذي خسر في الانتخابات، وستصبح التنظيمات المذكورة الأحزاب الرسمية في أرض الصومال في السنوات العشر المقبلة.

ويرى محللون أن ربط فوز زعيم حزب “وطني” بالتوترات الحاصلة بين أرض الصومال والحكومة الفيدرالية، ليس دقيقا، حيث إنه كانت هناك تحفظات من قبل سكان الإقليم الذي يطمح إلى نيل الاعتراف الدولي باستقلاله عن الصومال، على سياسات بيهي عبدي وإدارته، حتى في ما يتعلق بالملفات الداخلية. ويشير المحللون إلى أن فوز عرو هو في واقع الأمر تتويج لإنجازات راكمتها المعارضة طيلة السنوات الماضية مستفيدة من التململ الحاصل حيال حزب كلميه والرئيس الخاسر بيهي عبدي.

محمد خليفة صديق: حدود تأثير انتخاب رئيس جديد لأرض الصومال لن تكون كبيرة
محمد خليفة صديق: حدود تأثير انتخاب رئيس جديد لأرض الصومال لن تكون كبيرة

وجدير بالذكر أن حزبا المعارضة “وطني” و”واعد” كانا نجحا في اكتساح الانتخابات النيابية التي جرت في مايو 2021. ويواجه الرئيس الجديد تحديات كثيرة من بينها الصراعات الدائرة في إقليم “سول”، ومذكرة التفاهم التي أبرمها الرئيس السابق مع إثيوبيا، والعلاقة المستقبلية مع الحكومة المركزية في الصومال والبحث عن الاعتراف بالمنطقة التي أعلنت استقلالها في العام 1991، بعد عقود من الوحدة المشوهة.

وتمارس أرض الصومال حكما ذاتيا فعليا منذ انفصالها عن الصومال لكنها لم تحصل حتى الآن على اعتراف دولي، مما يحول دون حصولها على تمويل دولي ويضع قيودا على حرية سفر سكانها البالغ عددهم ستة ملايين نسمة. وتقع أرض الصومال في موقع إستراتيجي عند نقطة التقاء المحيط الهندي بالبحر الأحمر. وترى أرض الصومال أن الاعتراف الدولي بها أصبح ممكنا بعد توقيع اتفاق مبدئي مع إثيوبيا الحبيسة في يناير والذي يمنح أديس أبابا شريطا من ساحل المنطقة مقابل الاعتراف بها.

كما تأمل أرض الصومال في أن تناصر إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب المقبلة قضيتها. وعبّر عدد من كبار المسؤولين السياسيين المعنيين بشؤون أفريقيا خلال ولاية ترامب الأولى عن تأييدهم للاعتراف بها. وتتمتع أرض الصومال بالسلام نسبيا منذ حصولها على الحكم الذاتي قبل ثلاثة عقود، بينما انزلق الصومال إلى حرب أهلية ما زال يعاني من تداعياتها حتى الآن.

رغم إشارة عرو إلى تأييده للاتفاق المبدئي مع إثيوبيا بشكل كبير، فإن التزامه بتنفيذه ليس واضحا. ويعتقد بعض المحللين أنه قد يكون أكثر انفتاحا على الحوار مع الحكومة الصومالية. وتسبب الاتفاق في توتر العلاقات بين الصومال وإثيوبيا، وهي مساهم رئيسي في قوة حفظ السلام التي تقاتل حركة الشباب الجهادية في الصومال، كما أدى إلى تقارب بين الصومال ومصر وإريتريا خصمي إثيوبيا التاريخيين.

وهنأ رئيسا الصومال وجيبوتي عرو بالفوز. وفي رسالة وجهها إلى الرئيس الفائز تعهد الرئيس الصومالي حسن شيخ محمد بمواصلة محادثات المصالحة التي قال إنها تركز على حفظ وحدة الصومال. وكتب إسماعيل عمر جيله، رئيس جيبوتي، على موقع إكس “أهنئ الرئيس المنتخب لأرض الصومال… وشعب أرض الصومال الشقيق على نضجه السياسي.”

وقال مات برايدن، المستشار في مؤسسة ساهان البحثية، “رغم اعتقادي بوجود مخاوف من أن (عرو) قد يختار نهجا مختلفا بشكل جذري عن سلفه ويتخلى عن مذكرة التفاهم ويتبنى الحوار مع الصومال، لكن يوجد فرق كبير بين الحملات الانتخابية والحكم.”

من جهته رأى أستاذ العلوم السياسية بجامعة أفريقيا العالمية محمد خليفة صديق أن تحفظات الرئيس الجديد لدولة أرض الصومال على الاتفاقية الموقعة مع إثيوبيا لعبت دورا مهما في فوزه بانتخابات الرئاسة، وأن الاقتناع الشعبي لدى المواطنين بأن ذلك سوف يثير مشاكل مع دولة الصومال الأم بما يقوض مساعي السير على طريق الاستقلال ساهم في النتائج الانتخابية الأخيرة.

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن حدود تأثير انتخاب رئيس جديد على مجمل الأوضاع في إقليم أرض الصومال لن تكون كبيرة لأنها مازالت جمهورية غير معترف بها دوليا وتعتبر انتخاباتها داخلية، وحال ظل الإقليم على الوضع القائم فإن أي نشاط مع إثيوبيا أو غيرها من الدول سوف يظل نشاطا غير ملزم للمجتمع الدولي للاعتراف به، مشيرا إلى أن هذه الانتخابات على رئاسة أرض الصومال خطوة داخلية مهمة تشير إلى الاستقرار، ونتيجة لعدم الاعتراف الدولي فإن شيئا لم يتغير بشكل كبير على أرض الواقع، وذلك منذ أول انتخابات جرت في تسعينات القرن الماضي.

وقد يكون فوز عرو مؤشرا على تقارب العلاقات مع الصين، وهي مستثمر رئيسي في منطقة القرن الأفريقي. وذكرت تقارير إعلامية صومالية أن عرو شكك من قبل في قيمة علاقات أرض الصومال بتايوان، التي تعدها الصين جزءا من أراضيها، في مسعاها لنيل الاعتراف بها.

2