فورد وفولكسفاغن تقلبان طموحات القيادة الآلية رأسا على عقب

تعززت الشكوك في مستقبل أنظمة القيادة الآلية في مجموعة من الطرز التي يعكف المطورون على ابتكارها، إذ قلب تسارع الأحداث مؤخرا بشأن تعليق العمل بمشروع أرغو وملاحقة تسلا قضائيا بشبهة التضليل بشأن السلامة هذا الاتجاه الطموح رأسا على عقب.
ديترويت (الولايات المتحدة) - أعادت شركتا فورد وفولكسفاغن كتابة خارطة الطريق للمركبات آلية القيادة مرة أخرى مع قرارهما إيقاف مشروعهما المشترك والذي يرى خبراء أنهما فجرتا بتلك الخطوة فقاعة هذا النظام الذي لا يزال يدور ضمن نطاق التجارب.
وتأكدت تخمينات الكثير من خبراء القطاع من أن السباق المحموم بشأن إنتاج مركبات تقود نفسها دون تدخل السائق لا يزال تعوقه المطبات قبل انتشار هذا النوع من المركبات على نطاق واسع، إضافة إلى كل ما يتصل بالجوانب القانونية ومعايير السلامة والأمان وكذلك المنافسة.
وعندما وحدت شركتا صناعة السيارات قواهما في يوليو 2019 لتقاسم السيطرة على شركة أرغو آي.أي الناشئة لابتكار المركبات ذاتية القيادة، هزت المشهد بين اللاعبين الرئيسيين الآخرين.
ويؤكد إغلاق شركة أرغو ومقرها بيتسبرغ وانتقال بعض موظفيها إلى فورد وفولكسفاغن الإدراك المتزايد بأن المركبات الآلية قد تكون بعيدة عن الانتشار الشامل أكثر مما توقعه المدراء التنفيذيون في الصناعة في عام 2019.
ونقلت رويترز عن جون لولر المدير المالي لشركة فورد قوله الأربعاء الماضي “لقد أصبح من الواضح جدا أن المركبات المربحة وذاتية القيادة على نطاق واسع لا تزال بعيدة المنال”.
وانضمت شركة تكنولوجيا المركبات المستقلة إلى سباق محموم بين العديد من المنافسين من بينهم كروز ووايمو وزوكس في محاولات نشر أساطيل تقودها روبوتات على الطرقات.
وكانت أرغو تهدف بالأساس إلى بيع نظام القيادة الذاتية الذي طورته للشركات بالإضافة إلى تقديم مجموعة من المنتجات مثل إدارة الأسطول ودعم المستهلكين والجدولة لمن يريدون هذه الخدمات الأخرى.
كما عملت الشركة الناشئة التي تأسست في 2016 مع فورد لإطلاق طيارين تجاريين في كلتا المدينتين بما في ذلك التكامل مع منصة ليفت للتوصيل بالركوب وبرنامج توصيل البقالة مع والمارت بحيث توفر عامل أمان بشري خلف عجلة القيادة.
وتوخت أرغو في إستراتيجيتها استخدام المبادئ الأساسية لأنظمة السلامة الحرجة حيث يدور كل ما تقوم به من التطوير والاختبارات لجعل القيادة أكثر أمانا في المستقبل.
ويرى إيفانجيلوس سيموديس العضو المنتدب في سينابس بارتنار أنه عندما بدأت فورد وجنرال موتورز وشركات أخرى تدرك أنها ستحتاج إلى زيادة الاستثمار على مدى فترة زمنية أطول لم يكن من الواضح أبدا ما ستكون عليه العائدات المالية على المركبات الآلية.
وفي ما يتعلق بقرار فورد وفولكسفاغن قال لرويترز “بخروج فورد أتوقع أننا سنرى المزيد من هذه القرارات”.
ومع امتداد الجدول الزمني لنشر المركبات الذاتية إلى أبعد من ذلك بعد استثمار تراكمي يقدر بنحو 100 مليار دولار من قبل شركات صناعة السيارات والموردين العالميين ظهرت التقييمات المتضخمة لشركات القيادة الذاتية إلى الأرض.
وبلغت قيمة الاستثمار الأولي لفولكسفاغن في أرغو 2.6 مليار دولار، بما في ذلك مليار دولار نقدا وقيمة 1.6 مليار دولار لوحدة القيادة الذاتية الأوروبية التابعة للشركة الألمانية. وسبق أن ضخت فورد مليار دولار في أرغو حينما سيطرة على الشركة في 2017.
وقبل أن تستحوذ على الحصة في أرغو، تعاملت فولكسفاغن مع شركتين ناشئتين على الأقل في الولايات المتحدة تعملان بنظام القيادة الذاتية وهي وايمو التابعة لمجوعة ألفابت الشركة الأم لغوغل وشركة أورورا أنوفيشن.
وحينما أعلنت فولكسفاغن عن استثمارها الأولي في أرغو في، تراجعت عن صفقة تطوير مع أورورا، عندما بلغت قيمة الشركة المدعومة من هيونداي وأمازون 2.5 مليار دولار.
وشكلت هيونداي في النهاية مشروعا مشتركا ذاتي القيادة يسمى “ناشيونال” مع شركة أبتيف غلوبال تكنولوجي الأميركية، فيما اشترت أمازون شركة زوكس الناشئة ذاتية القيادة.
وتأتي الخطوة المفاجئة بينما تخضع تسلا لتحقيق جنائي في الولايات المتحدة بشأن مزاعم بأن السيارات الكهربائية للشركة يمكنها قيادة نفسها، وهذا بعد إضافي من أن رهانات المصنعين أثبتت أنها تصطدم بجدار قوي من التحديات.
وقبل أيام أطلقت وزارة العدل الأميركية التحقيق الذي لم يكشف عنه من قبل في العام الماضي بعد أكثر من اثني عشر حادثا، بعضها قاتل، يشمل نظام المساعدة للسائق في تسلا، الطيار الآلي، والذي تم تفعيله أثناء الحوادث.
تسلا تخضع لتحقيق في الولايات المتحدة بشأن مزاعم بأن سياراتها يمكنها قيادة نفسها بعد سلسلة من الحوادث القاتلة
وفي وقت مبكر من عام 2016، روجت مواد تسلا التسويقية لقدرات الطيار الآلي. وخلال مؤتمر عبر الهاتف في ذلك العام، وصف مؤسسها الملياردير إيلون ماسك الأمر بأنه “ربما أفضل” من سائق بشري.
وفي الأسبوع الماضي، قال ماسك في مكالمة أخرى إن تسلا ستطلق قريبا نسخة مطورة من برنامج “القيادة الذاتية الكاملة” الذي يسمح بالسفر “إلى عملك، منزل صديقك، إلى متجر البقالة دون أن تلمس عجلة القيادة”.
وهناك مقطع فيديو موجود حاليًا على موقع الشركة على الويب يقول إن “الشخص الموجود في مقعد السائق موجود هناك فقط لأسباب قانونية. إنه لا يفعل أي شيء. السيارة تقود نفسها”.
ومع ذلك، فقد حذرت الشركة أيضا السائقين صراحةً من أنه يجب عليهم إبقاء أيديهم على عجلة القيادة والحفاظ على السيطرة على سياراتهم أثناء استخدام الطيار الآلي.
وصُممت تقنية تسلا للمساعدة في التوجيه، والفرملة، وتغيير السرعة والمسار، لكن ميزاتها “لا تجعل السيارة مستقلة”، كما تقول الشركة على موقعها على الإنترنت.
وقال ماسك في مقابلة مع مجلة “أوتوموتيف نيوز” في 2020 إن مشاكل الطيار الآلي تنبع من استخدام العملاء للنظام بطرق تتعارض مع تعليمات تسلا.
ويقوم منظمو السلامة الفيدرالية وكاليفورنيا بالفعل بفحص ما إذا كانت الادعاءات المتعلقة بقدرات الطيار الآلي وتصميم النظام تضفي على العملاء إحساسًا زائفًا بالأمان، مما يدفعهم إلى التعامل مع تسلا على أنها سيارات بدون سائق حقًا ويصبحون راضين خلف عجلة القيادة مع عواقب مميتة محتملة.

ومن المحتمل أن يمثل تحقيق وزارة العدل مستوى أكثر خطورة من التدقيق بسبب احتمال توجيه اتهامات جنائية ضد الشركة أو المديرين التنفيذيين الأفراد.
وكجزء من التحقيق الأخير، يقوم المدعون العامون بوزارة العدل في واشنطن وسان فرانسيسكو بفحص ما إذا كانت تسلا قد ضللت المستهلكين والمستثمرين والمنظمين عبر تقديم ادعاءات غير مدعومة حول قدرات تكنولوجيا مساعدة السائق.
والمسؤولون الذين يجرون تحقيقهم قد يرفعون في نهاية المطاف تهما جنائية أو يسعون لعقوبات مدنية أو يغلقون التحقيق دون اتخاذ أي إجراء.
والتحقيق بشأن الطيار الآلي بعيد كل البعد عن التوصية بأي إجراء، لأنه يتنافس مع تحقيقين آخرين من وزارة العدل يتعلقان بتسلا.
وفي أغسطس 2021 فتحت الإدارة الوطنية الأميركية للسلامة المرورية على الطرقات السريعة تحقيقًا في سلسلة من الحوادث، أحدها قاتل، حيث اصطدمت تسلا المجهزة بطيار آلي بمركبات الطوارئ المتوقفة.
وكثف مسؤولو الإدارة في يونيو الماضي عن فحوى تحقيقاتهم، والتي تغطي 830 ألف سيارة تسلا ذاتية القيادة، وحددوا 16 حادثا تتعلق بالسيارات الكهربائية للشركة ومركبات المستجيب الأول الثابتة ومركبات صيانة الطرقات.
واتهمت إدارة السيارات في كاليفورنيا (دي.أم.في) شركة تسلا في يوليو من هذا العام بالإعلان الكاذب عن قدرة الطيار الآلي والقيادة الذاتية الكاملة على توفير تحكم ذاتي في السيارة.