فهد المعمري: فنان تشكيلي عماني يقدم تراث بلاده بروح معاصرة

حجاج سلامة

فهد بن سالم المعمري، فنان تشكيلي عُماني، درس الفنون بجامعة السلطان قابوس، ودرس التصميم الفني في جمهورية الهند. وخلال مسيرته مع الفنون التشكيلية جذبته المدرسة الانطباعية/التأثيرية، وبقي مخلصا لها لأنها تتيح له اختزال العناصر في العمل الفني، ولأنه يرى في تلك المدرسة ممهدا جيدا للحداثة المفاهيمية في الأعمال الفنية مستقبلاً.

وتبدأ العلاقة بين فهد المعمري واللوحة بفكرة، ثم تترجم بعدها تلك العلاقة إلى واقع ملموس من خلال الفرشاة والألوان، عندها يحاول جاهدا استخدام العصف الذهني – بحسب قوله – في ترجمة الفكرة إلى مشهد حقيقي مكتمل التفاصيل.

ويقول الفنان العماني وهو يصف شعوره حين يبدأ في رسم لوحة من لوحاته إنه “لا بد للفنان وأن ينتابه شعور شجي ويعيش لحظات جميلة مفعمة بالحيوية والمتعة، وأنه لا بد للفنان أن يعيش المتعة حتى يتولّد الفن”، مؤكدا على أن الأحاسيس كفيلة بنقل شعور الفنان إلى داخل العمل الفني.

وحول رؤيته لحضور الفنانين التشكيليين العرب في المشهد التشكيلي العالمي قال المعمري إن الفنانين

العرب ليسوا في معزل عن الحركة التشكيلية العالمية، وإن الفنان العربي اليوم يقدم فنه في أوروبا وشرق آسيا والولايات المتحدة وغيرها من الدول، وقد امتلك المكانة اللائقة به.

وفي هذا السياق، أشار محاورنا إلى أن الفنان العربي يمتلك مفردات تميزه عن نظرائه من الفنانين الغربيين، وهي الزخرفة والعمارة الإسلامية والخطوط العربية التي تمكنه من صياغة عمل فني متفرد ذي طبيعة خاصة.

وحول رؤيته لما يواجهه الفنان التشكيلي العربي من مشكلات قد تكون عائقا أمام تقدمه، قال فهد بن سالم المعمري إن الفنان التشكيلي العربي فنان بالفطرة، ومناضل بطبيعته، وهو يواجه تحديات كبيرة، والفنان بذاته المضيئة قادر على تجاوز أيّ مشكلات وإزاحة أيّ عقبات تقف أمام إبداعه، وأنه يجب على كل فنان أن يجيد تسويق أعماله الفنية عبر مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من وسائل التسويق، وشدد على أن سوق الفن يحتاج إلى محفزات حكومية، وإلى محفزات من القطاع الخاص والمجتمع بشكل عام، ورأى بأنه على الفنان ألا يستعجل في أمر تسويق أعماله وبيعها، وأنه كلما اجتهد الفنان وأعطى كلما تحققت النجاحات له وتحقق له القدر المطلوب من انتشار واقتناء أعماله.

وحول رؤيته لدور المرأة في المشهد التشكيلي العربي قال المعمري إن للمرأة دورا كبيرا في الحراك التشكيلي العُماني والعربي والدولي، وذلك لأنها قادرة على التعبير بمختلف المجالات الفنية، وامتلاكها القدر على إظهار الأعمال الفنية بأبعاد مختلفة تماما، إلى جانب مواكبتها لما تشهده الحركة الفنية العالمية من تطور.

ونوّه إلى أن هناك حراكا لافتا من قبل المرأة العمانية في مجال الفنون التشكيلية المختلفة، وباتت تحقق حضورا في المعارض والملتقيات المحلية والعربية والدولية.

وحول موضوعات أعماله، أشار إلى أنه يمنح اهتماما كبيرا في أعماله للطبيعة والتراث العُماني، وأنه عمل على توثيق هذه البيئة العمانية بطريقة فنية حديثة، ويبدو ذلك في الإيقاع السريع للفرشاة، بما يواكب تسارع الحاضر والمستقبل، وأكد على أنه لا يُحب أن يبقى حبيس الماضي، ويفضل أن يقدم تراث بلاده وتاريخها بروح معاصرة، وأنه يستشعر ألوان المستقبل وحداثة التكوين، بما يتواكب مع ديناميكية الحياة بجميع أشكالها.

الفنان التشكيلي العماني فهد بن سالم المعمري سبق وأن أقام ثلاثة معارض فنية خاصة، كان أحدثها معرض "تكوير" الذي أقيم في كل من العاصمة العُمانية مسقط ومدينة الدمام بالمملكة العربية السعودية، وضم 34 لوحة تنوعت في المقاسات وتناولت جميعا الطبيعة الخاصة التي تتفرّد بها سلطنة عُمان.

واستلهم الفنان فكرة معرضه من “التكوير” وهي كلمة يعود أصلها إلى شكل الكرة، إذ تقوم رؤيته الفنية على مفهوم الدوران. والتكوير هو مصطلح موجود في القرآن، إذ توجد سورة كاملة هي سورة التكوير، وكذلك الآية القرآنية "يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَهَارَ عَلَى اللَيْلِ"، حيث رأى الفنان أن هذه الآية تعبر عن تداخل درجتين لونيتين مختلفتين، وهذا التداخل يمثل التدرج ما بين الليل والنهار والعكس بالعكس، وهنا ينقل الفنان إحساسا مختلفا بالدائرية، يتماشى مع مفهوم التكوير الذي ينعكس على أعماله الفنية.

يذكر أن الفنان ﻓﻬﺪ ﺑﻦ ﺳﺎﻟﻢ بن ناصر ﺍلمعمري هو من مواليد العام 1985. يشتغل الفنان في الرسم والتصوير والرسم الرقمي، وأغلب أعماله عن البيئة العمانية والعادات والسلوكيات القديمة والحديثة. وهو عضو بالجمعية العمانية للفنون التشكيلية، وعضو مرسم الشباب بوزارة التراث والثقافة، وعضو بالمنظمة العالمية للألوان المائية.

للفنان فهد المعمري العديد من المشاركات في معارض جماعية والكثير من الملتقيات محليا وعربيا ودوليا. وله أيضا معرضان فرديان، الأول بعنوان “حكاية لون وماء” نظمه في العام 2017، والثاني معرض بعنوان “وقفات من الطبيعة” نظمه في العام 2022.