فنانون ومسرحيون عرب في الشارقة: الموسيقى ثانوية في مسرحنا

مهرجان دبا الحصن للمسرح يكرس دورته السادسة لنقاش تحديات المسرح العربي.
الثلاثاء 2023/05/30
في انتظار أمل ما (مسرحية "النافذة")

تتواصل فعاليات الدورة السادسة من "مهرجان المسرح الثنائي" في المركز الثقافي لمدينة دبا الحصن، المهرجان الذي تنظمه إدارة المسرح بدائرة الثقافة، ويضيء على نوع مسرحي مميز بات يلقى رواجا واسعا في العالم العربي، علاوة على نقاش المهرجان لأبرز القضايا المسرحية الراهنة.

الشارقة – تواصلت مساء الأحد بالمركز الثقافي في دبا الحصن، فعاليات الدورة السادسة من “مهرجان المسرح الثنائي” الذي تقيمه إدارة المسرح بدائرة الثقافة.

واستهلت أنشطة اليوم الثالث للمهرجان عند الخامسة مساء بالجلسة الختامية لـ”ملتقى الشارقة الثامن عشر للمسرح العربي”، الذي جاء هذا العام تحت عنوان “المسرح والموسيقى”.

الموسيقى ثانوية

الموسيقى استخدمت في العروض المسرحية العربية بمعظمها على نحو تزييني لا علاقة له بالخط الدرامي والهوية الفنية للعمل

أدار الجلسة الختامية لملتقى الشارقة الثامن عشر للمسرح العربي والذي ينتظم على هامش مهرجان المسرح الثنائي الإماراتي عبدالله راشد، وجاءت أولى مداخلاتها تحت عنوان “الموسيقى في المسرح العربي.. أي حضور” للفنان المغربي رشيد برومي، الذي سجل جملة من الملاحظات النقدية حول طرق استخدام الموسيقى في تجارب المسرح العربي، سواء أكانت حية تلك الموسيقى أم مسجلة، بآلة واحدة أم بمجموعة آلات، بمقامات شرقية أم بسواها.

وأشار إلى أن الموسيقى استخدمت في العروض المسرحية العربية بمعظمها على نحو تزييني لا علاقة له بالخط الدرامي والهوية الفنية للعمل المسرحي. وتطرق إلى بعض النماذج البارزة في ما يعرف بـ”المسرح الغنائي” في مصر ولبنان والمغرب، وقال إنها أقرب إلى حقل الموسيقى منها إلى المسرح.

 وتحدث برومي عن التحدي الأساسي الذي يواجه أي توظيف للموسيقى في الأعمال المسرحية، ويتمثل في ألا تطغى وتكون أكثر تأثيرا على المتلقي من الخطاب المسرحي.

وذكر أن موسيقى العرض المسرحي تصدر عن حركة الممثل وإيقاعه، وتناغم حضوره فوق الخشبة مع العناصر التي تشكل السينوغرافيا، مشددا على أن “للمسرح معجمه الصوتي الخاص وكل ما يفعله المؤلف الموسيقي هو أنه يقوم بتأطير موسيقى العرض”. وتطرق الباحث المغربي إلى تجربته في التأليف الموسيقي المسرحي عبر فرقتهم في المغرب.

وتحت عنوان “أبو الفنون والموسيقى.. مسرحية تقاسيم على العنبر نموذجا” استعرض الباحث رعد خلف تجربته الشخصية في تأليف المادة الموسيقية المصاحبة للمسرحية التي أخرجها جواد الأسدي، مفصلا منهجه في إعداد الموسيقى، بداية من مرحلة البروفات، وصولا إلى تقديم العرض بشكله النهائي.

 واستمع الحضور لبعض القطع التي ألفها خلف لتشكيل الجانب العاطفي والأثر التعبيري للعرض المأخوذ عن قصة “العنبر رقم 6” للكاتب الروسي أنطوان تشيخوف، ويحكي قصة مجموعة من الفنانين والمفكرين حجزوا في مصح عقلي.

"النافذة" مسرحية كتبت في الأساس للإذاعة لكن الرؤية الإخراجية وأداء الممثلين والسينوغرافيا تآلفت لتخلق منها عرضا متكاملا

وعن التحديات المادية والتقنية التي تنهض أمام أي محاولة لصناعة عرض مسرحي موسيقي، تحدث المخرج المصري هاني عفيفي في مداخلته المعنونة بـ”المسرح والموسيقى.. الإشراقات والتحديات”، منطلقا من تجربته الشخصية، وذكر أن الإمكانات الإنتاجية لكل عرض مسرحي هي التي تفرض نوع وحجم الدور الذي يستعان فيه بالموسيقى، مشيرا إلى أن التحدي الإنتاجي “يظل حاجزا أمام الفرق الصغيرة والإنتاجات محدودة التكلفة في توفير مؤلف موسيقي للعرض، وما يتبعه من توظيف عازفين لكل ليلة عرض، أو تكاليف التسجيل والميكساج والمونتاج”.

أما التحدي التقني الأكبر في توظيف الموسيقى الحية مسرحيا فيتمثل وفق عفيفي في “الهندسة الصوتية ومراعاة حسابات السعة الاستيعابية لعدد المتفرجين، وإمكانيات وصول الصوت بوضوح وأريحية إلى كل متفرج، لاسيما مع قلة المسارح التي تحتوي على حفرة موسيقيين، وتنوع صالات العرض التي يعرض بها العرض خلال الفعاليات المختلفة”.

 وأضاف موضحا “في الكثير من الأحيان يحاول المخرجون توظيف بعض الآلات في سينوغرافيا العرض المسرحي للمزيد من الاستفادة من توافر العزف الحي، وهنا يجب على المخرج مراعاة نوع الآلات في توزيعها، لتكون الهندسة الصوتية شريكا في التشكيل ولا تنفرد به رؤيته البصرية. فإن معرفة المخرج بأساسيات الهندسة الصوتية وكذلك ثقافته الموسيقية عاملان مؤثران في حسن اختياره للموسيقى وتوظيفها في العرض”.

وفي المداخلة الأخيرة التي جاءت تحت عنوان “الموسيقى وأسئلة التأصيل والتحديث في المسرح العربي – المغرب نموذجا”، استعرض المغربي عبدالمجيد فنيش تجارب بعض المسرحيين في بلده، الذين عمدوا إلى توظيف الموسيقى التقليدية بألحانها وآلاتها لصياغة هوية محلية لعروضهم المسرحية، مشيرا إلى أن للسلم الموسيقي الشرقي خصوصيته التي يجب التنبه إليها عند استثمار الموسيقى مسرحيا.

وفي ختام الملتقى قدم أحمد بورحيمة، مدير إدارة المسرح بدائرة الثقافة مدير المهرجان، شهادات شكر وتقدير للمشاركين فيه.

نافذة وشمعة

حح

في برنامج العروض، شهد الجمهور المسرحية المصرية “النافذة” للمخرج محمد مرسي، أداء إسلام عبدالشفيع ورضوى حسن، وفي المسرحية التي كتب نصها البولندي إيرينيوش إيريدينسكي، ينتبه “الزوج” فجأة لوميض عود ثقاب في نافذة البيت المجاور الذي يعلم أنه يخلو من الناس، فيبقى متسمرا في مكانه ينتظر ومضة ثانية، تنزعج “الزوجة” من شرود زوجها ومكوثه لأيام جوار النافذة، وتبدأ في طرح الأسئلة عليه عما يشغله وما يتطلع إليه، لكنه يظل مركزا بصره في مواجهة النافذة في حالة من الجمود، وترتاب الزوجة وتغضب، قبل أن تعلم أن زوجها ينتظر بأمل أن يتكرر وميض عود الثقاب في عتمة البيت المجاور لبيتهما.

وتعقب العروض في المهرجان ندوات نقدية تقرأ مزاياها الفنية وتوجهاتها الفكرية، وتناقش تفاصيلها. وفي الندوة النقدية حول العرض التي أدارها الناقد المصري عصام الدين أبوالعلا، ذُكر أن نص المسرحية كتب في الأساس ليقدم في الإذاعة، وأشاد بعض المتحدثين بسينوغرافيا العرض وأداء الممثلين.

وفي البرنامج التدريبي لليوم الثالث، نظم المهرجان ورشة تدريبية بعنوان “مبادئ الإخراج في المسرح المدرسي”، أشرف عليها المسرحي المغربي سفيان المسعودي.

وتختتم المسرحية الكويتية “الشفاف”، تأليف فوزي الغريب وإخراج أحمد السلمان، برنامج العروض التي يقدمها المهرجان الذي تأسس في العام 2016، في إطار إستراتيجية دائرة الثقافة الهادفة إلى نشر وتنويع النشاط المسرحي في الإمارة، وتبادل المعرفة بين المسرحيين المحليين والعرب.

13