فنانون من مدارس مختلفة يزينون شوارع أصيلة في افتتاح موسمها الثقافي

أصيلة (المغرب) - انطلقت فعاليات موسم أصيلة الثقافي الدولي الثاني والأربعين، عبر أعمال فنية تزين شوارع المدينة المغربية المطلة على شاطئ المحيط الأطلسي والتي تحولت مع تعاقب دورات موسمها الثقافي إلى قبلة سياحية ومركز إشعاع ثقافي وفني داخل المغرب وخارجه.
وبإصرار الفنان على الإبداع تقاوم مؤسسة منتدى أصيلة تداعيات جائحة كورونا بعد أشهر من الإغلاق، ببرمجة فنية متنوعة وجداريات جميلة تعيد الأمل والفرح لشوارع مدينة الفنون.
واستثمر عشرة من الفنانين المغاربة وتشكيلي بحريني واحد بياض أسوار المدينة العتيقة ومنازلها لإبداع جداريات بألوان وأشكال ورموز تعيد لأصيلة جمالها وروعة معمارها والبصمة الفنية الطاغية على حاراتها.
وأكد الفنان التشكيلي حكيم غيلان أن الدورة الـ42 من موسم أصيلة الثقافي انطلقت فعليا بنشاط الجداريات بمشاركة 11 فنانا من مدارس ومشارب مختلفة.
ويسر غيلان بأن مؤسسة منتدى أصيلة، المنظمة للحدث، تركت للفنانين المشاركين حرية اختيار مواضيع الجداريات، مبرزا أن “جداريات هذه السنة، وعلى غرار السنوات الماضية، هي انعكاس لسطوة الإلهام الذي تمارسه مدينة أصيلة على نفسية الفنانين التشكيليين”.
هي حرية يمكن معاينتها بسهولة من خلال الألوان والأشكال والرموز المستعملة في مشاريع الجداريات التي يحرص الفنانون على إبداعها بالكثير من الشغف والدقة، لإثارة انتباه سكان المدينة وزوارها خلال هذه الفترة الصيفية، وجذبهم إلى التفاعل معها، ففن الجداريات أخرج الرسم التشكيلي من المحترفات والمتاحف إلى الشوارع.
من طنجة جاء التشكيلي الواعد محمد الدبدوبي، في أول مشاركة له بهذا الموسم الثقافي، وهو عازم على اغتنام فرصة عودة الحياة بعد الفترات الكئيبة التي تسببت فيها جائحة كورونا لبث روح الفرح والبهجة في أزقة أصيلة من خلال الفن، وخاصة أن تفاعل المواطنين مع الجداريات تفاعل جيد جدا، سواء خلال رسمها أو بعد الانتهاء منها. وأعرب عن أمله في أن تعم تظاهرات مماثلة مختلف مدن المغرب لإدخال البهجة على قلوب الناس.
على المنوال ذاته يرى توفيق الشيشاني، الفنان القادم من الدار البيضاء والمتمرس بفن الجداريات، أن الإبداع في إطار جداريات أصيلة له طعم خاص، لكون الناس بالمدينة التي ينضح كل ركن فيها بالفن معتادين على الرسم التشكيلي، سواء كان انطباعيا أو تجريديا، وذلك بفضل جهود مؤسسة منتدى أصيلة لمنح المدينة روحا فنية دائمة.

واشتغل هذا الفنان، الذي سبق أن أبدع جداريات في الدار البيضاء والرباط وأكادير وخريبكة وخارج المغرب، على جدارية بخلفية سوداء وبخطوط ورموز وأرقام بيضاء تجسد وجوها بتعبيرات مختلفة، هي ربما أوجه وأحاسيس العابرين أمام اللوحة.
الوجه هو أيضا التيمة الطاغية على الجدارية التي اشتغلت عليها الفنانة الواعدة جيهان لاماس التي آثرت صبغها بألوان الحياة والأمل، وبدرجات مختلفة من اللون الأخضر مع تقاسيم وجه مغربي جميل.
لمياء بلول، التشكيلية البيضاوية، لم تخف فرحتها بمشاركتها الأولى في فعالية جداريات أصيلة، موضحة أن “الجداريات أعادت لنا فرحة اللقاء بين الفنانين، بل أعادت لأصيلة الحياة من خلال هذه الرموز والألوان التي اجتاحت المدينة”.
زخم الحياة وجد طريقه إلى الجدارية التي اشتغلت عليها الفنانة لمياء رفقة ثلة من المتطوعات، إذ أبدعت صورة مدينة تعج بالحياة والحركة، كأنها دعوة إلى الانعتاق من أغلال الجائحة والانغماس في عوالم الفن تذوقا وتأملا.
بدورها آثرت التشكيلية الواعدة سوسن المليحي أن تعمل على إعادة تدوير الورق والصوف من خلال تقنية التركيب لإبداع جداريتين متكاملتين طافحتين باللونين الأصفر والقرمزي، والغاية من ذلك هي أن تبث الأمل في نفوس سكان أصيلة وزوار المدينة عامة.
وتشكل جداريات أصيلة كل سنة مدرسة فنية مفتوحة في الهواء الطلق، إذ يشارك ثلة من أطفال المدينة كمتطوعين مساعدين لفناني الجداريات، وهي طريقة أرستها مؤسسة منتدى أصيلة لغرس حب الفن في نفوس اليافعين ومساعدتهم على تهذيب الذوق وإبداع الجمال. وخصص للأطفال واليافعين سور مدرسة سيدي محمد علي مرزوق لإبداع سلسلة من الجداريات تعكس رؤيتهم لمدينة الفنون.
إلى جانب الجداريات افتتح بأقواس دار الثقافة معرض “شباب أصيلة” للفنانين التشكيليين والفوتوغرافيين، كما سيتم ابتداء من نهاية الأسبوع الجاري تنظيم محترفات في الفن التشكيلي والنحت بإشراف من فنانين مغاربة وبحرينيين، إضافة إلى محترف خاص بالأطفال.
ونذكر أن مؤسسة منتدى أصيلة تنظم موسم أصيلة الثقافي هذا العام في دورتين، واحدة صيفية والأخرى خريفية. وتخصص الدورة الأولى من الموسم، التي انطلقت في 25 يونيو وتستمر إلى غاية 18 يوليو الجاري، للفنون التشكيلية.
أما الدورة الثانية من موسم أصيلة لهذا العام فستنظم من الجمعة 22 أكتوبر إلى السبت 13 نوفمبر المقبل، وتستضيف ست ندوات، وذلك في إطار الدورة الـ35 لجامعة المعتمد ابن عباد المفتوحة.
وستشهد الندوات حضورا عربيا وأفريقيا ودوليا لافتا بمشاركة صفوة من الباحثين والمفكرين وأصحاب قرار نافذين. ويعتبر كل موسم من المواسم الثقافية في أصيلة بمثابة رفع للتحدي نظرا إلى الحاجة إلى التجديد بدل الاستسلام للرتابة.
