فنانون من الإمارات والعالم يخوضون رحلات متنوعة في عالم الإنسان المعاصر

دبي - تستعرض النسخة الحادية عشرة من مهرجان “سكة للفنون والتصميم” المقامة في “حي الفهيدي التاريخي” بمشاركة نخبة من فناني الإمارات والعالم، روائع التصوير والفنون الرقمية، التي باتت من أبرز الفنون العالمية ورافدا فكريا وثقافيا هاما اليوم.
ومع المهرجان الذي تستمر فعالياته حتى الخامس من مارس الجاري تحول “بيت 22” (بيت التصوير) إلى وجهة لعشاق التصوير، حيث تزينت جدرانه بجماليات الصور التي التقطتها عدسات خمسة مصورين من الإمارات وسوريا.
ففيه أطلت نورة النيادي بسلسلة صور حديثة ونادرة لبحيرة “قلتة آرشي” (Guelta d’Archei) أطلقت عليها اسم “بحر الإبل” وهي نتاج رحلة استكشافية قامت بها لمنطقة أوزو الواقعة بين تشاد وليبيا، وتبرز فيها ما تتمتع به هذه البحيرة من قيمة طبيعية.
وقدمت شوق عبدالله مجموعتها المصورة “معدات الوقاية الشخصية” التي ابتكرتها بتكليف من وزارة الثقافة والشباب، لتكون غلاف الدراسة البحثية “فحص نبض الصناعات الثقافية والإبداعية في الإمارات العربية المتحدة: وزارة الثقافة وقدرة الشباب على الصمود والتعافي أثناء الوباء”.
أما المصور زايد إبراهيم الهدار فيعرض سلسلته “فيلمز” التي يعبر فيها عن قوة روح المرأة، بالإضافة إلى سلسلة تؤكد ثبات التقاليد رغم ما تشهده الثقافة العامة من تغييرات.
ويأخذ المصور محمد المازمي، بدعم من “مركز محمد بن راشد للفضاء” زوار المهرجان في رحلة طويلة يقطع خلالها عالم الأجرام السماوية وصولا إلى “مجرة أندروميدا” التي التقط صورها باستخدام التلسكوب والكاميرا الفلكية، فيما يتناول السوري وليد المدني الحياة في المناطق الصناعية داخل الدولة، ليعكس من خلالها حالة التوازن الذي تتمتع به هذه المناطق النابضة بالحياة.
من جهة ثانية يطل الفن الرقمي في “بيت 28” (بيت الفنون الرقمية) ليكشف عن مجموعة أفكار ورؤى فنية مبتكرة تحمل بصمات 14 فنانا من الإمارات والعالم.
فمن خلال عمل “تموج” ابتكر الفنانان الإماراتيان سعيد المدني وأحمد العطار تركيبا سمعيا حركيا يدمج بين الفن والروبوتات، ليبدو العمل محاولة لاستكشاف مفاهيم الهوية في عصر الوفرة التكنولوجية والميكانيكية.
ويقدم الإماراتي محمد المنصوري عمله “تجول”، وتشارك الإماراتية أسيل المنصوري بعملها “لحظات ذهبية”، وتطل الإماراتية فواغي محمد الزعابي بعملها “بلا عنوان”، ليأتي عمل “فنان وسط ساحة المعركة” للإماراتي أحمد آل علي بمثابة تصوير للحالة النفسية والعقلية التي يعيشها الفنان كلما أقدم على ابتكار عمل جديد، ما يجبره على استغلال كامل قدراته.
وتشارك الفنانة ريم المزروعي بعملها “نورنا الخاص”، بينما يعرض الفنان راشد المزروعي صورة أنتجت بواسطة الذكاء الاصطناعي وتحمل عنوان “صباح العيد”، وهي سلسلة من الأوصاف المنقولة شفهيا وتشكل الهوية الإماراتية المتوارثة عبر الأجيال. ويحتضن “بيت 28” المعرض الإلكتروني “بازارت” الذي يمثل نتاج تعاون مشترك بين مجموعة من الفنانين الإماراتيين بعد إدراكهم لمدى الحاجة إلى ربط المبدعين بالمجتمع الرقمي.
زوار المهرجان على موعد مع أكثر من 100 ورشة عمل متنوعة يشرف على تقديمها نخبة من الفنانين
كما يقدم الفنان الأذري أورخان مامادوف أيقونته الرقمية “ريليك” (الشيء القديم) التي يعيد فيها ابتكار تصاميم السجاد التقليدي في المنطقة باستخدام الذكاء الاصطناعي، ليشكل ذلك مدخلا لاستيعاب التغيرات المجتمعية وتأثيراتها على طريقة فهم الثقافة، فيما تسعى الهندية فيديكا كوشالايا عبر عملها “تدفق/ فلكس” لاستكشاف الأهمية المادية للتكنولوجيا الرقمية كأداة للإبداع، ويطرح الأميركي باتريك ليشتي عبر “الحياة الساكنة الانضغاطية” سؤالا عن مدى إمكانيات حدوث تعاون بين البشر وفنانين اصطناعيين.
وقدمت المصرية داليا أسامة عمران من خلال عملها “إي د، إيغو، سوبر إيغو” مجموعة فنية تشبه “اللوحة الثلاثية” (التريبتيك)، قامت بتشكيلها بناء على فهمها للسريالية ونظرية سيغموند فرويد للتحليل النفسي للعقل، بينما يعبر الفنان الإيراني سهيل حسيني في عمله الفني عن شغفه بكل ما هو “غير واقعي”، معتمدا في ذلك على سلسلة من المخلوقات الشبيهة بالطيور، ومن كوريا الجنوبية أطلت منصة “مونتي” لتمكن الزوار من التفاعل مع المحتوى ولمسه.
وإضافة إلى الصور الفوتوغرافية والأعمال الرقمية، يواصل مهرجان “سكة للفنون والتصميم” في نسخته الحالية تقديم تجارب ثقافية استثنائية تحتفي بالترفيه والإيقاعات الموسيقية وروائع السينما التي يعرضها المهرجان ضمن أجواء إبداعية ملهمة، يكشف عبرها عن تنوع وثراء المشهد الفني المحلي. إذ يقدم المهرجان ولأول مرة مبادرته “سكة تتحدث” التي يفتح عبرها أعين الفنانين وأصحاب المواهب الإبداعية والزوار على مستقبل القطاع وتوجهاته عالميا.
ويتضمن برنامج المبادرة ثماني جلسات حوارية تستضيف مجموعة من الفنانين وخبراء الفنون والعمارة، من بينهم فراس صفي الدين كبير المهندسين المعماريين في Gamium.World الذي سيقدم جلسة “كيف يعيد الإنترنت المكاني تعريف الهوية والعمارة”، فيما يقدم كل من المخرجة نهلة الفهد وطوني المسيح، المدير الإداري لدى ماجد الفطيم للسينما، والإعلامي عبدالله الكعبي رؤاهم حول السينما المستقلة في جلسة تديرها فيكاس بنجابي، بينما يضيء أستاذ الهندسة المعمارية الدكتور جورج قشعمي، مدير مركز البحث والابتكار والتصميم في الجامعة الأميركية في دبي، على “تأثير التكنولوجيا على العمارة والتصميم”.

وسيكون زوار المهرجان على موعد مع أكثر من 100 ورشة عمل متنوعة يشرف على تقديمها نخبة من الفنانين مثل عبدالله لطفي وأسماء بكر والعنود عبدالله ومهرة الملا ولينا يونس، وتتولى تنظيمها مجموعة من المراكز الثقافية والفنية في دبي، منها “مركز الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم للتواصل الحضاري” و”إدارة التراث العمراني والآثار – بلدية دبي” و”مركز تشكيل” و”بروجكت يو”.
وتهدف الورش إلى تنمية وصقل مهارات الزوار واكتشاف المواهب وتعريفهم بتقنيات نحت وتشكيل الجبس وفنون التصوير باستخدام كاميرات نيكون وطرق تصميم المجوهرات وصناعة الخزف والفخار، بالإضافة إلى ورش أخرى لتعليم تقنيات الرسم التقليدي والتعريف بفن الواقع الافتراضي وغيرها الكثير.
ومن جهة أخرى يضيء “سكة” المندرج تحت مظلة “موسم دبي الفني” شاشاته بمجموعة من الأفلام الروائية القصيرة والطويلة التي تعبر عن رؤى صناع الفن السابع، مقدما لجمهوره أياما مليئة بالعروض السينمائية حتى يوم الاختتام.
كما يقدم “سكة” لجمهوره لمحة خاصة عن مبادرة “روائع” التي أطلقتها وزارة التربية والتعليم بهدف تعريف الطلبة على روائع الفنون والسينما والمسرح والشعر.
ويفتح المهرجان أزقة “حي الفهيدي التاريخي” أمام أكثر من 80 مؤديا، مانحا إياهم مساحة واسعة للتعبير عن إبداعاتهم ومواهبهم في الموسيقى والشعر والكوميديا والترفيه.