"فلكي".. العيش مع كائنات فضائية بقدرات متطورة

فيلم "فلكي" لآصف أكبر واحد من مئات الأفلام التي افترضت زيارة غير متوقعة من كائنات فضائية إلى كوكب الأرض، وما ينجر عن ذلك من مُغامرات للفريقين.
الاثنين 2018/06/04
هناك أمر ما يحدث

لا شك أن افتراض أو وجود أدلة على وجود حياة أخرى في كواكب أو مجرات نائية أو مجهولة ظل موضوعا يتردد سواء على مستوى علوم الفضاء أو أدب وسينما الخيال العلمي، خيال واسع اقترن بتلك النظرة المستقبلية المتفائلة التي تنبئ بالتواصل مع كائنات فضائية متطورة والحوار معها واكتشاف نمط عيشها.

وخلال ذلك لم تنقطع أيضا قصص احتمال زيارة كائنات فضائية أو نزول مركبات أو أطباق طائرة على الأرض، وحوارها مع البشر تارة في شكل تخيلات وأخرى في شكل مرويات وتجارب شخصية لم تتأكد صدقيتها.

ومن هذه النقطة الأخيرة تبدأ أحداث فيلم “فلكي” للمخرج الأميركي من أصول هندية آصف أكبر (إنتاج 2018)، فهو يعود بنا إلى أربعينات القرن الماضي وسط مشاهد تلفزيونية بالأبيض والأسود لأخبار تتعلق بوصول كائنات فضائية إلى الأرض ثم لننتقل إلى الشهر الأخير من العام 2018.

وفي هذا الوقت تجلس لاورا (الممثلة كورتني أكبر) مستعيدة ذكرى والدها بحزن، لتدخل عليها فجأة امرأة تدّعي أنها فضائية وأن والدها بخير وأنها تستطيع أن تأخذها إليه. بعدها نكتشف أن تلك المرأة الفضائية وزميلا لها يعيشان في هيئة بشرية طيلة أربعة عقود، وكان لهما الفضل في إنقاذ حياة ألكسندر (الممثل مارشال هيلتون) يوم كان جنديا في المهمات الخاصة وتعرض لحادث خطير، وذلك بفضل تقنيات متطورة للغاية يمتلكها أولئك الفضائيون تفوق ما توصل إليه البشر.

فيلم تنطلق أحداثه في القرن الماضي لتمتد إلى الحاضر
فيلم تنطلق أحداثه في القرن الماضي لتمتد إلى الحاضر

وعند تلك النقطة تبدأ رحلة تعاون بين الطرفين ويتحوّل ألكسندر إلى مليونير ويتم إرساله إلى الفضاء الخارجي، ليعود مصحوبا بكائن فضائي سجين تجرى عليه التجارب، ليكتشف ألكسندر وجود صلة في الجين الوراثي بينه وبين صديقه جاك (الممثل غاري دانييلز) وهو أيضا محارب سابق.

وتتم دعوة جاك من قبل صديقه ألكسندر لاطلاعه على المشاريع المتطورة التي يمتلكها في مجال أبحاث الفضاء، ولاحقا يتم احتجاز جاك لإرغامه على الذهاب إلى مهمة فضائية في إطار تجارب مؤسسة ألكسندر الغامضة.

وعلى وفق هذه المسارات تسير قصة الفيلم، وتبرز القدرات الخاصة بما فيها الجسدية لجاك في مصارعة من يرسلهم إليه ألكسندر، صديقه وعدوه في آن واحد، ويتشكل خطا الصراع ما بين جاك وألكسندر وعلينا أن نقتنع أن كل ما نشاهده هو من نسج الخيال، ولكن في شكل سينمائي غريب وملفت للنظر.

شكل الفضائيين والمناظر والأماكن والصراع بين الشخصيات تم إخراجها بطريقة ما تحيلك إلى بدايات ظهور الفيلم الملون، وخلافا للشكل الفيلمي يمكننا القول إن ما عزّز مسار الأحداث هو الأداء المميز للشخصيتين الرئيسيتين جاك وألكسندر.

وأعطى الفيلم مساحة واسعة للقدرات الفائقة التي يمتلكها جاك في مجال القتال الفردي، مع أنه من الواضح لجوء المخرج إلى تسريع عملية التصوير لغرض تمرير مشاهد العراك مع وجود مواجهات من هذا النوع لم تكن على درجة من الإقناع.

والفيلم عرض في مهرجان كان في دورته الأخيرة، وتفاوتت الانطباعات في شأنه، لكن ما يهمنا هنا هو أن خطوط السرد والبناء الدرامي لم تكن محكمة بما فيه الكفاية لإقناعنا بتلك الأحداث، وبما فيها المشاريع الغريبة التي يشرف عليها ألكسندر وتجميده ابنه بدم بارد، وشخصية الفضائي السجين وصلته بالفضائيين. وعلى صعيد خطوط السرد وجدنا أن المخرج وهو أيضا مشارك في كتابة السيناريو، حاول أن يوجد تتابعا سرديا صوريا خطيا، لكنه افتقد إلى حبكات ثانوية متقنة مع أنه حاول الإحاطة بكل التفاصيل الجزئية، خاصة في ما يتعلق بجاك وما يتهدّده.

وعلى الجانب الآخر وفي مسار الدراما الفيلمية لم تتبلور دراميا تلك العلاقة مع الفضائيين بما فيه الكفاية، ولم يتم الارتكاز عليها في الوصول إلى هدف يخدم مسار الدراما، ومن ذلك تلك المشاهد التي جمعت ألكسندر بالفضائيين أو وهو معهم وهم يدخنون السيجار، مع أن الفيلم حفل بمشاهد الرجوع إلى الماضي لسد الثغرات الدرامية.

وعلى صعيد الدراما الفيلمية أيضا، يوضّح الفيلم شكل العلاقة المتوترة بين جاك و(ابنه) الفضائي المفترض الذي تم استحداث أذنين له تشبهان أذني مستر سبوك في المسلسل الذائع الصيت “ستارتريك”، وكأنه قُدّر للفضائيين أن يكونوا دائما بأذنين غريبتين.

وتم أيضا استخدام نشرات الأخبار بشكل متكرّر، وهي تنقل سر اختفاء الملياردير ألكسندر ثم قصة ابنه وما إلى ذلك، وحتى شكل المذيع المفترض لم يكن على درجة من الإقناع.

حاول المخرج أن يقدّم دراما تستند إلى الخيال العلمي والمستقبليات، ولكنه وفي نفس الوقت كرّر ثيمات الفضائيين والكائنات المجهولة مع أنه جعلها أقرب إلى البشر، بل منها من يعيش بشكل طبيعي معهم.

16