فلسطين وأوكرانيا من الملفات الصعبة في مواجهة نتنياهو

واشنطن تتمسك بحل الدولتين بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
الثلاثاء 2023/01/03
مخططات الضم تنذر بانتفاضة فلسطينية ثالثة

القدس - استبقت الإدارة الأميركية الاجتماع الاحتفالي للحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة بنيامين نتنياهو بالإعلان عن تمسكها بحل الدولتين بين الفلسطينيين والإسرائيليين ومعارضتها للسياسات التي تعرض هذا الحل للخطر.

وعلى الأرجح فإن هذا الموقف لم تستقبله بارتياح حكومة نتنياهو (73 عاما) وهي الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل وتضم في عضويتها مستوطنون يدعمون ضم أراضٍ فلسطينية في الضفة الغربية.

وجعل نتنياهو من تعزيز الاستيطان في الأراضي الفلسطينية أولوية لحكومته بعد أن أعطى – في اتفاقيات ثنائية مع أحزاب شريكة له بالحكومة – الضوء الأخضر لبدء الضم الفعلي لأراضٍ في الضفة الغربية.

وفي 29 ديسمبر الماضي منح الكنيست (البرلمان) الثقة لحكومة نتنياهو بتأييد 63 نائبا ومعارضة 54 آخرين من أصل 120.

وفي بيان التهنئة بتشكيل الحكومة قال الرئيس الأميركي جو بايدن الخميس إن “الولايات المتحدة ستستمر في دعم حل الدولتين ومعارضة السياسات التي تعرض للخطر قابلية هذا الحل للحياة أو تتعارض مع مصالحنا وقيمنا المشتركة”.

إذا ما مضى نتنياهو فعلا في تعزيز الاستيطان وشرع في خطوات الضم فمن المرجح أن تخيم أزمات على علاقات تل أبيب مع واشنطن

والموقف ذاته كرره وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في بيان تهنئة بقوله إن “الولايات المتحدة ستحافظ على التزامها بتعزيز تدابير متساوية من الحرية والعدالة والأمن والازدهار للإسرائيليين والفلسطينيين على حد السواء”.

ولطالما اختلف نتنياهو الذي يترأس الحكومة للمرة السادسة مع الإدارات الأميركية من الحزب الديمقراطي بشأن الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية تحديدا.

وإذا ما مضى نتنياهو فعلا في تعزيز الاستيطان وشرع في خطوات الضم فمن المرجح أن تخيم أزمات على علاقات إسرائيل مع الدولة التي تعتبرها الحليفة الأكبر لها في العالم (الولايات المتحدة).

ومرارا، أكدت الأمم المتحدة عدم شرعية الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وحذرت من أنه يقوض مبدأ حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية).

وقال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية يوناثان فريمان، “إذا ما سألتني عن أبرز الخلافات السياسية الخارجية المتوقع أن تشهدها الحكومة الجديدة، فستكون ما يتعلق بالمفاوضات أو حتى الحديث مع الفلسطينيين”.

ومفاوضات السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي متوقفة منذ أبريل 2014 جراء رفض تل أبيب وقف الاستيطان والإفراج عن معتقلين فلسطينيين بجانب تنصلها من مبدأ حل الدولتين.

وأعرب فريمان عن اعتقاده بأن “هذه الحكومة ستكون أقل اهتماما بالحديث المباشر مع الفلسطينيين، خلافا لما فعلت الحكومة المنتهية ولايتها، وستميل إلى الحديث مع عواصم عربية أخرى للتوصل إلى اتفاقيات لتطبيع العلاقات”.

لطالما اختلف نتنياهو مع الإدارات الأميركية من الحزب الديمقراطي بشأن الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية تحديدا

وخلال 2020، وقّعت إسرائيل اتفاقيات لتطبيع العلاقات مع 4 دول عربية هي الإمارات والبحرين والمغرب والسودان.

وفي حكومته السابقة، قامت سياسة نتنياهو على أساس أنه ليس من الضرورة التوصل إلى اتفاقات مع الفلسطينيين لإبرام اتفاقيات سلام مع دول عربية، وإنما من الممكن التوصل إلى اتفاقيات مع دول عربية تقود إلى اتفاق مع الفلسطينيين.

وأعلن نتنياهو في تصريحات صحفية خلال الأسابيع الأخيرة أنه سيجدد هذه السياسة حال عودته إلى رئاسة الحكومة.

وهذا التوجه دعمته الإدارة الأميركية السابقة برئاسة دونالد ترامب (2017 – 2021)، بينما رفضه الفلسطينيون.

وأما إدارة بايدن فشددت في أكثر من مناسبة على أن اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل ودول عربية ليست بديلا عن اتفاق سلام مع الفلسطينيين.

وشدد فريمان على أن “هذه الحكومة تؤمن بأن السلام مع الفلسطينيين يمر من خلال عواصم عربية ولا يأتي من خلال الحديث المباشر مع الفلسطينيين.. وسيسعى نتنياهو لتحسين علاقاته وربما إبرام اتفاقيات مع دول عربية وإسلامية”.

ومن أصل 22 دولة، تقيم 6 دول عربية علاقات مع إسرائيل وهي مصر والأردن والإمارات والبحرين والإمارات والسودان.

وفي الأسابيع الأخيرة تحدث نتنياهو مرتين مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، ولم يستبعد في تصريحات صحفية إعادة دراسة طلب كييف الحصول على سلاح إسرائيلي حال عودته إلى الحكومة.

نتنياهو لم يستبعد في تصريحات صحفية إعادة دراسة طلب كييف الحصول على سلاح إسرائيلي حال عودته إلى الحكومة

ومنذ 24 فبراير الماضي تشن روسيا هجوما عسكريا على جارتها أوكرانيا، ما دفع عواصم عديدة، تتقدمها واشنطن، إلى فرض عقوبات متنوعة ومشددة على موسكو.

ورأى فريمان أن “ثمة متغيرات في أوكرانيا قد تدفع نتنياهو إلى إعادة النظر في موقف إسرائيل الرافض لدعمها بالسلاح، خاصة بعد التقارير عن بيع إيران لروسيا طائرات من دون طيار وصواريخ تستخدمها في أوكرانيا”.

وأضاف “أعتقد أننا قد نرى محاولة لجسر الخلافات بين تل أبيب وواشنطن بشأن الحرب في أوكرانيا، فواشنطن تريد من إسرائيل أن تكون داعمة أكثر لأوكرانيا وأكثر انتقادا لروسيا، وقد نشهد انعطافة قوية في الدعم الإسرائيلي لسياسة واشنطن بما يتعلق بأوكرانيا”، بحسب فريمان.

واستدرك بأن لنتنياهو علاقات مميزة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومن مصلحة إسرائيل الاحتفاظ بعلاقات جيدة مع روسيا التي تغض الطرف ولا تتدخل في الغارات الجوية الإسرائيلية في سوريا على أهداف إيرانية وأخرى تابعة لجماعة حزب الله اللبنانية.

وأشار “لا أعتقد أن نتنياهو سيتجه إلى مواجهة مع بوتين، أعتقد أن الحكومة الجديدة ستقوم بأمور منها تقديم بعض المعدات لأوكرانيا وتبني سياسات من بينها مثلا فرض عقوبات على موسكو”.

وأردف “يجب ألا ننسى أن ثمة عاملا جديدا في الحرب في أوكرانيا وهو أن إيران تلعب دورا فيها وتزيد من تدخلها في أوكرانيا، وكلما زاد التدخل الإيراني في أوكرانيا كلما توجب على إسرائيل أن تتبنى سياسة ليست معادية لروسيا بحد كبير وإنما لإيران، فإسرائيل ستساعد من يحارب إيران”.

وأكد “لا أعتقد أن إسرائيل ستكون معادية لروسيا ولكن أكثر استعدادا، سواء علنا أو سرا، لمساعدة أوكرانيا”، وفق فريمان.

Thumbnail

وإذا ما غير نتنياهو من سياسة بلاده تجاه الحرب في أوكرانيا فقد يعود عليه بالمنفعة في علاقاته مع الاتحاد الأوروبي.

وقال فريمان “أعتقد أن علاقات الاتحاد الأوروبي مع حكومة نتنياهو ستكون إشكالية، وخاصة ما يتعلق بسياستها تجاه الفلسطينيين وهو ما قد يدفع الاتحاد إلى أن يكون أكثر انتقادا لإسرائيل ودعما للفلسطينيين”.

لكنه استدرك بقوله “فيما يتعلق بالعلاقات التجارية، فنحن نشهد زيادة وخاصة عندما يتعلق الأمر بالطاقة لاسيما بعد الحرب في أوكرانيا وبحث أوروبا عن بديل للطاقة الروسية، وهذا قد يمنح إسرائيل فرصا جديدة لتوفير الطاقة لأوروبا وسيكون أمرا مهما في العلاقة بين الحكومة الجديدة وأوروبا”.

واستطرد “كما أن الحكومة الجديدة ستطلب من الاتحاد الأوروبي موقفا أكثر قوة من إيران.. وقد يعلن الاتحاد أنه مع استمرار الاتفاقيات الاقتصادية مع إسرائيل ولكنها لا تشمل المستوطنات، وهذا ما يخلق إمكانيات للخلاف كما كان عليه الأمر في الماضي”.

ووفق فريمان فإن “بعض الدول الأوروبية، تماما مثل الولايات المتحدة، تريد من إسرائيل أن تقدم المزيد من المساعدات لأوكرانيا”.

وأضاف أن “إسرائيل تبيع الآن المزيد من الأسلحة لدول أوروبية من بينها ألمانيا، وأعتقد أن الحكومة ستجد فرصا جديدة ومحسنة لتوقيع اتفاقيات دفاعية مع دول أوروبية عديدة”.

وختم بأن “العديد من الدول الأوروبية، بعد الحرب في أوكرانيا، تريد إعادة بناء جيوشها وتحصين قواتها الدفاعية، وهذا سيوفر فرصا للشركات الدفاعية الإسرائيلية وللحكومة الإسرائيلية”.

2