فلسطين تطالب بمحاسبة بن غفير دوليا لدعوته للتصعيد في الضفة الغربية

رام الله - دعت فلسطين، اليوم الأحد، المحكمة الجنائية الدولية إلى توقيف ومحاسبة وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير جراء دعوته إلى تنفيذ عملية عسكرية في الضفة الغربية، كما أشادت بجهود مصر في التوصل إلى اتفاق التهدئة بين فصائل قطاع غزة وإسرائيل.
ومساء السبت، دخل اتفاق وقف لإطلاق النار حيز التنفيذ بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، بعد عملية عسكرية بدأت فجر الثلاثاء وقتل الجيش الإسرائيلي خلالها 33 فلسطينيا، فيما أسفرت هجمات صاروخية فلسطينية على مدن إسرائيلية عن قتيلين أحدهما إسرائيلي والآخر عامل فلسطيني.
وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن "الدور المصري الفاعل في التوصل إلى اتفاق التهدئة ووقف العدوان على غزة يعكس متانة وخصوصية العلاقات المصرية الفلسطينية، وحرص الرئيس عبدالفتاح السيسي واهتمامه الشخصي بالقضية الفلسطينية وحقوق شعبنا"، بحسب وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية (وفا).
ويوجد عباس في نيويورك للمشاركة في إحياء الأمم المتحدة، للمرة الأولى، لذكرى "النكبة" حين أُقيمت دولة إسرائيل عام 1948 على أراضٍ فلسطينية محتلة.
كما رحب رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية بـ"الجهد الذي بذلته الشقيقة مصر، وجميع الشركاء من الأشقاء والأصدقاء، لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة".
ودعا اشتية، في بيان، "الأمم المتحدة وجميع منظمات حقوق الإنسان الدولية، للعمل على محاسبة الجناة الذين يواصلون ارتكاب جرائمهم" و"توفير الحماية للشعب من اعتداءات جنود الاحتلال والمستوطنين".
وخلال اجتماع مساء السبت مع أعضاء في حزبه "القوة اليهودية" اليميني المتطرف، دعا وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى شن عملية عسكرية ضد الضفة الغربية على غرار غزة، وفقا لصحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية.
وقال "ناقشت في العملية -في إشارة منه لغزة- الطلب التالي للاغتيالات في يهودا والسامرة الضفة الغربية".
وتابع "ما حدث في العملية جيد ومهم، لكن لا يمكننا الدخول في فترة احتواء وهدوء. يجب أن تكون العملية القادمة في يهودا والسامرة "الضفة الغربية ... عدد غير قليل من الإرهابيين يخرجون من هناك، وبالتالي، فإن المطلب التالي هو القتل المستهدف هناك أيضا".
ونقلت قناة (كان) الإسرائيلية، عن بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش قولهما "لم ولن نوقف عمليات الاغتيال، سنواصل القيام بما هو ضروري لخدمة أمن إسرائيل، لم نعط حصانة لأي أحد".
وأدانت وزارة الخارجية الفلسطينية دعوة بن غفير، ودعت المحكمة الجنائية الدولية (مقرها في مدينة لاهاي بهولندا) إلى توقيفه ومحاسبته.
وقالت الخارجية، في بيان، إن بن غفير "يدق طبول الحرب وسفك دماء الفلسطينيين ويتفاخر بذلك بدعواته التحريضية لمزيد من الاغتيالات في الضفة ومطالباته لشن عدوان دموي فيها كما حصل ضد أهلنا في غزة".
وشددت على أن دعوات بن غفير "هي دعوات لتعميق التطهير العرقي وقتل أكبر عدد من المواطنين في الضفة تحضيرا لاستبدالهم بالمستوطنين"، داعية المحكمة الدولية إلى "إصدار مذكرة جلب وتوقيف بحقه".
وفجر بن غفير مواجهات واسعة في الأراضي الفلسطينية مطلع العام الجاري بسبب اقتحامه المسجد الأقصى وسط تنديد دولي.
وتقاطع الولايات المتحدة بن غفير ولا تتعامل معه رغم أنه وزير في الحكومة الإسرائيلية.
والأسبوع الماضي ألغى الاتحاد الأوروبي احتفالا دبلوماسيا كان من المقرر عقده في تل ببيب لمناسبة يوم أوروبا بحضور كل سفراء الاتحاد الأوروبي، بسبب إصرار بن غفير على حضور الاحتفال كممثل عن الحكومة الإسرائيلية.
ويتجنب كل المسؤولين الأجانب الذين يزورون إسرائيل اللقاء مع الوزير اليميني المتطرف ولا تتم دعوته إلى المناسبات المختلفة.
إلى ذلك اقتحم الجيش الإسرائيلي صباح اليوم الأحد، البلدة القديمة في مدينة نابلس بالضفة الغربية، من عدة محاور مختلفة، ما أدى لاندلاع اشتباكات عنيفة بين الفلسطينيين والقوات الإسرائيلية.
وأصيب شاب فلسطيني، اليوم الأحد، برصاص القوات الإسرائيلية، واعتقل آخران.
وقالت وزارة الصحة، في منشور أوردته وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية ( وفا) اليوم ، إن "شابا أصيب بالرصاص الحي في الأطراف وصل إلى مستشفى رفيديا الحكومي بمدينة نابلس، خلال المواجهات التي اندلعت عقب عملية الاقتحام".
وحسب مصادر أمنية، "اعتقلت قوات الاحتلال شابين بعد محاصرة أحد المنازل في حارة القيسارية بالبلدة القديمة".
ووفق الإغاثة الطبية، أُصيب مواطنان بشظايا الرصاص، والعشرات بحالات اختناق، خلال المواجهات.
وفي قطاع غزة عادت الحياة إلى طبيعتها تدريجيا، بعد خمسة أيام من تصعيد عسكري إسرائيلي أسفر عن مقتل 33 فلسطينيا وإصابة 190 آخرين بجراح، وأضرار كبيرة في المنشآت المدنية والاقتصادية والزراعية.
وتستمر حالة الهدوء الحذر في القطاع، بعد مرور ليلة من دخول اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه الفصائل الفلسطينية المسلحة وإسرائيل بوساطة مصرية وقطرية وأممية، حيز التنفيذ.
ومنذ ساعات الصباح الباكر، شهدت شوارع ومدن القطاع التي خلت بشكل شبه كامل من السكان والمركبات خلال الايام الخمسة الماضية، حركة نشطة.
وبعد 5 أيام من الإغلاق، فتحت المحال التجارية والمنشآت الاقتصادية وبعض المؤسسات الأهلية والخاصة والحكومية أبوابها مُجددا لاستقبال الزبائن والمُراجعين، فيما ستعود المؤسسات التعليمية إلى العمل يوم غد الإثنين.
وفي السياق، تفقد مواطنون منازلهم التي هُدمت بشكل كامل أو تضررت بشكل جزئي، وانتشلوا من بين الركام ما يصلح إعادة تأهيله أو عدد من المقتنيات الصغيرة التي تمثل لهم بعض الذكريات.
وعلى مدار الأيام الخمسة الماضية، شنت المقاتلات الحربية الإسرائيلية مئات الغارات على مناطق مختلفة من قطاع غزة أسفرت عن مقتل 33 فلسطينيا بينهم 6 أطفال و3 سيدات، و6 من قادة "سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة "الجهاد الإسلامي".
في المقابل، أطلقت الفصائل الفلسطينية المسلحة رشقات صاروخية صوب مدن وبلدات إسرائيلية من بينها تل أبيب والقدس.
وألحقت العملية العسكرية على غزة أضرارا في المنشآت السكنية، حيث دمرت المقاتلات الحربية نحو 20 مبنى سكنيا بشكل كلي، فضلا عن تضرر 940 وحدة سكنية منها 49 وحدة غير صالحة للسكن.
وبحسب بيان صدر عن المكتب الإعلامي الحكومي (تديره حماس) بغزة، السبت، فإن القيمة الأولية التقديرية للخسائر في قطاع الإسكان جراء العدوان بلغت قرابة 5 ملايين دولار، أما خسار القطاع الزراعي فقد تجاوزت 3 ملايين دولار.
وبدورها، قالت وزارة الاقتصاد الوطني (تديرها حماس)، الأحد، إن الخسائر الأولية لكل يوم خلال التصعيد الإسرائيلي بلغت نحو 10 ملايين دولار نتيجة تعطل العملية الانتاجية.
وقال مدير عام السياسات والتخطيط في وزارة الاقتصاد الوطني أسامة نوفل، في بيان "طواقم حصر الأضرار بدأت منذ صباح اليوم بمهامها الميدانية، والخسائر الأولية شملت قطاعات الإنتاج والتصدير والاستيراد والعمال والمحال التجارية الذين تعطلت اعمالهم نتيجة العدوان".
وصباح الأحد، فتحت إسرائيل بصورة تدريجية وجزئية، معبر كرم أبو سالم (جنوب) المخصص لإدخال البضائع ومعبر بيت حانون "إيرز" (شمال) المخصص لمرور الأفراد، بعد إغلاقهما بشكل كامل مع بدء عمليتها العسكرية.
وقال منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية، غسان عليان، في بيان على صحفته بموقع فيس بوك "نعلن عن فتح معبري إيرز وكرم أبوسالم بصورة جزئية وتدريجية وكذلك إعادة فتح المجال البحري بدءا من صباح الأحد".
وأفاد بأن "فتح المعبرين بشكل كامل سيتم وفقا لتقييم الوضع".
وخلال فترة التصعيد، توقفت عملية الاستيراد والتصدير وإدخال الوقود إلى قطاع غزة الأمر الذي هدد استمرارية عمل محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع وألقى بظلاله السلبية على عمل القطاعات الحيوية.
حيث سبق وأن حذرت سلطة الطاقة في غزة، السبت، من كارثة إنسانية" نتيجة عدم تزويد محطة توليد الكهرباء بالوقود بسبب إغلاق المعبر.
كما فقد أكثر من 3500 صياد فلسطيني، خلال أيام التصعيد، مصدر رزقهم جراء العملية العسكرية، إلا أنهم بدأوا اليوم بترتيب أمورهم للعودة إلى العمل مع إعادة فتح المجال البحري.
وبالعادة تسمح إسرائيل للصيادين بالعمل ضمن منطقة بحرية تصل إلى 6 أميال شمالي القطاع، و15 جنوبا.