فلسطينيون ينتقدون تصريحات عباس المتكررة عن المحرقة: ليس دوره أن يعطي دروسا في التاريخ

أكثر من 200 شخصية فلسطينية وقعوا عريضة تنتقد تصريحات الرئيس محمود عباس المستهجنة حول المحرقة.
الخميس 2023/09/14
عباس ولعبة الإلهاء

رام الله - وقعت أكثر من 200 شخصية فلسطينية عريضة تنتقد تصريحات الرئيس محمود عباس "المستهجنة أخلاقيا وسياسيا" حول المحرقة النازية. وانضمت هذه الشخصيات إلى حملة تنديد واسعة انخرطت فيها عواصم غربية ضد تصريحات عباس حول “المحرقة”، وهي ليست الأولى له. وكان الرئيس الفلسطيني صرح قبل نحو أسبوعين في اجتماع للمجلس الثوري لحركة فتح "عندما قالوا إن هتلر قتل اليهود لأنهم يهود وأن أوروبا تكره اليهود لأنهم يهود.. غير صحيح".

وأضاف عباس "شرحت بالضبط أنهم (الأوروبيون) حاربوا هؤلاء (اليهود) بسبب وظيفتهم الاجتماعية وليس بسبب ديانتهم". وجاء في العريضة "ندين بشكل لا لبس فيه التصريحات المستهجنة أخلاقيا وسياسيا التي أدلى بها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس حول المحرقة".

وأضاف الموقعون وهم مثقفون وكتاب وسياسيون "نرفض بشدة أيّ محاولة لتقليل أو تحريف أو تبرير معاداة السامية أو الجرائم النازية ضد الإنسانية أو التحريف التاريخي في ما يتعلق بالمحرقة". ومن بين الموقعين على العريضة عضو الكونغرس الأميركي رشيدة طليب والمؤرخ رشيد الخالدي والباحثة نورا عريقات وغيرهم من الشخصيات الفلسطينية، وجزء كبير منهم يعيش في الخارج.

◙ الموقعون يرفضون بشدة أيّ محاولة لتقليل أو تحريف أو تبرير معاداة السامية أو الجرائم النازية ضد الإنسانية أو التحريف التاريخي في ما يتعلق بالمحرقة

من جهته، قال الناشط سامي بحور وهو أحد الموقعين على العريضة إن “كلام (عباس) ليس في مكانه وهناك قضايا أهم، ليس دوره أن يعطي دروسا في التاريخ". وأضاف بحور الذي يرى أن لا شرعية لعباس لفرانس برس "هناك انهيار في المجتمع.. البلد يحترق جراء أفعال المستوطنين والاحتلال". ولقيت تصريحات عباس إدانة واسعة في الولايات المتحدة وألمانيا والاتحاد الأوروبي.

ولكن العريضة قوبلت كذلك باستنكار من جانب المجلس الوطني الفلسطيني وشخصيات رسمية عديدة وحركة فتح التي يتزعمها عباس والتي وصفتها بأنها "بيان عار". وقالت إن الموقعين عليها "يتساوقون في مضامين بيانهم الافترائي مع الرواية الصهيونية". أما المجلس الوطني الفلسطيني فأكد في بيان أن العريضة تمثل “انحدارا أخلاقيا” وتتبنى “أكاذيب الإعلام والرواية الإسرائيلية المصطنعة ضد رئيس دولة فلسطين محمود عباس، للنيل من رأس الشرعية الفلسطينية".

كما رفض المجلس الذي يعد بمثابة برلمان فلسطيني وهيئة تشريعية تمثيلية للفلسطينيين “ممارسة هذا الإرهاب السياسي والفكري على شعبنا". من جانبه، اعتبر وزير الثقافة الفلسطيني عاطف أبوسيف أن تصريحات عباس "تعكس قراءة تاريخية منتشرة في الأدبيات والكتابات التاريخية". ووصف أبوسيف العريضة بأنها تمثل “خروجا عن الاجماع الوطني".

وسبق للرئيس الفلسطيني أن أدلى بتصريحات مماثلة قلل فيها من أهمية المحرقة النازية المعروفة بالهولوكوست والتي وقعت خلال الحرب العالمية الثانية. وتساءل متابعون عن المغزى من تصريحات عباس المتكررة بشأن المحرقة، خاصة وأنه يعلم حجم الحساسية الغربية حيالها.

ويقول البعض إنه كان الأجدى بالرئيس عباس التركيز على الواقع الفلسطيني الذي ينحدر من سيء إلى أسوأ سواء في علاقة بالأزمة الاقتصادية أو بتجاوزات الاحتلال الإسرائيلي في مناطق الضفة الغربية، بدل إثارة قضايا جدلية لا تهم الفلسطينيين. ويرأس عباس السلطة الفلسطينية منذ أكثر من 18 عاما، وانتهت ولايته في العام 2009 لكنه استمر في المنصب من دون إجراء انتخابات.

وألغى عباس في العام 2021 الانتخابات التشريعية والرئاسية متعذرا بعدم سماح إسرائيل بإجرائها في القدس الشرقية التي تحتلها منذ العام 1967، لكن محللين اعتبروا أن الخطوة ناجمة عن خشية عباس من فوز منافسيه سواء كان حركة حماس، أو شخصيات في داخل فتح. وهناك حالة تململ داخل المناطق التي تسيطر عليها السلطة الفلسطينية، حيال إدارة الأخيرة للأزمات المركبة التي تعصف بهم، لكن القبضة الأمنية الخانقة تجبر الحانقين على الصمت.

2