فلسطينيون شردتهم إسرائيل في شمال الضفة يخشون القادم

الجيش الإسرائيلي يستهدف الفصائل الفلسطينية المسلّحة في شمال الضفة الغربية.
السبت 2025/03/01
عملية عسكرية واسعة

رام الله - في مخيّم جنين المكتظ باللاجئين، تنظر سناء شريم إلى حفيدتها المولودة قبل أسابيع متمنيّة لها حياة أفضل، في ظلّ التصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلّة حيث أعلنت إسرائيل عن نيّتها إبقاء جنودها في المنطقة لحوالي سنة.

وتقول شريم التي فقدت ابنها الذي انضم إلى فصيل مقاتل في عملية سابقة للجيش الإسرائيلي في المنطقة سنة 2023 “أخشى من القادم إذا كبر الأطفال في واقع لا تتوقّف فيه الغارات.”

وتضيف بوجه قاتم في قاعة مكتظة باللاجئين في مركز خيري في جنين لجأت إليه العائلة في يناير “لن تتوقّف.”

وبدأ الجيش الإسرائيلي في الحادي والعشرين من نوفمبر عملية “السور الحديدي” التي تستهدف الفصائل الفلسطينية المسلّحة في شمال الضفة الغربية التي تحتلّها إسرائيل منذ 1967.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس في الثالث والعشرين من فبراير إنه أصدر تعليمات للجنود “للاستعداد لإقامة طويلة في المخيمات التي تم إخلاؤها” وهي مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس، “لعام من الآن، وعدم السماح بعودة قاطنيها وعودة الإرهاب.”

بدأت العملية العسكرية الواسعة في الضفة بعد يومين على بدء تطبيق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة بعد حرب مدمرة استمرت لأكثر من 15 شهرا.

وبحسب الأمم المتحدة، أسفرت الحملة العسكرية في الضفة الغربية عن مقتل 39 شخصا على الأقلّ ونزوح حوالي 40 ألفا. وقبل العملية، كان مخيّم اللاجئين في جنين يضمّ حوالي 24 ألف نسمة.

◙ الحملة العسكرية في الضفة الغربية أسفرت عن مقتل 39 شخصا على الأقلّ ونزوح 40 ألفا وقبل العملية كان المخيّم يضمّ 24 ألف نسمة

وتتشارك سناء شريم منذ خروجها من المخيّم مع عائلتها وحوالي 80 نازحا مساكن ضيّقة في أحد مباني المدينة. ومن بين هؤلاء ثائر منصور الذي يتنقّل بواسطة كرسي متحرّك بسبب ترقّق العظام ويمضي وقته في باحة المبنى مع نازحين آخرين.

أجلي ثائر منصور من المخيّم على عربة نقل بعدما جرفت الجرّافات الإسرائيلية الطرق وأحالتها ركاما. ويقول منصور “تحمّلنا ما أمكن تحمّله، لكن لم يبق أمامنا سوى المغادرة نظرا للعدد الكبير من الأطفال، من أطفال إخوتي وجيراني وأقاربي.”

ويخبر كيف بقيت عائلته ثلاثة أيام في منزلها من دون مياه أو كهرباء ومع قطع الاتصالات، فيما كان الجيش الإسرائيلي يوجه الأوامر بواسطة المسيّرات “بإخلاء المنازل” وسط دويّ الانفجارات والقصف وهدير المروحيّات. ولا يرى ثائر منصور أيّ انفراجة قريبة في الأفق، قائلا من المركز الخيري “ما زلنا عالقين هنا، وما من مكان نعود إليه.”

وعلى بعد خمسة كيلومترات، حلّ الدمار في عدّة مواقع من مخيّم جنين. وباتت الشوارع الضيّقة مقفرة يتكدّس فيها ركام المنازل التي اقتلعت جرّافات الجيش الإسرائيلي واجهاتها، ونخر الرصاص الجدران واسودّت سقوف المتاجر.

وفي وسط مدينة جنين، دبّت الحياة من جديد بالرغم من الانتشار العسكري وفتحت المتاجر أبوابها مجددا بعدما عهدت على إغلاقها خلال عمليات الجيش الإسرائيلي.

ويقول صاحب أحد متاجر الملابس “عادة يبقى كل شيء مغلقا بعد كل عملية. لكن الأمر مختلف هذه المرّة”، متحدثا عن الضيقة الاقتصادية التي يعاني منها الأهالي. وفي المركز الخيري، لم يبق لناظمي تركمان سوى مجسّم صغير لبرج إيفل هو الشيء الوحيد الذي تسنّى له أخذه معه قبل الفرار من منزله وقد اختاره لما يحمله من قيمة عاطفية.

وقد أمضى الرجل البالغ من العمر 53 عاما سنوات عدّة في السجون الإسرائيلية ولم تلتحم بعد ندوبه من عملية إسرائيلية سابقة في جنين أصيب خلالها بطلق ناري في 2002 في خضمّ الانتفاضة الثانية.

ويرى تركمان أن الذين لم يعايشوا الانتفاضة الثانية، يجدون العملية الإسرائيلية الحالية صادمة، “لكن نحن الذين عايشنا أحداث 2002 مع الدبّابات والطائرات العسكرية، لا نرى فرقا كبيرا… فالاحتلال هو عينه.”

2